لوموند: سياسة أوباما تعيد التوازن بين الدول العربية

الأربعاء، 11 مارس 2009 01:19 م
لوموند: سياسة أوباما تعيد التوازن بين الدول العربية أوباما يتبع سياسة جديدة بالشرق الأوسط

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
على الرغم من أن "المعزوفة الأمريكية" بأكملها لم تنته بعد، إنما من المؤكد أن هذه "النغمة" التى ينوى أوباما عزفها فى الشرق الأدنى والأوسط، والتى تعد "تطورا بالنسبة للمنطقة بأكملها"، ستكون مختلفة تماما عن تلك الجوقة العسكرية الصخبة التى لعبتها لثمانية أعوام أوركسترا الصقور بقيادة سابقه بوش فى البيت الأبيض.

هكذا وصف مراسل صحيفة لوموند الفرنسية فى القاهرة اللهجة الجديدة فى سياسة أوباما تجاه العالم العربى، التى يطلق عليها الدكتور عبد المنعم سعيد، مدير مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام "اللحن الأمريكى الجديد"، والتى كان لها تأثيرها فى تغيير توازن العلاقات بين الدول العربية فيما بينها، كما يذهب إليه المقال التالى المنشور اليوم فى صحيفة لوموند.

انفراجة فى العلاقات بين سوريا والسعودية
كان الرئيس أوباما قد أشار، خلال أول لقاء له مع الإعلام العربى فى السادس والعشرين من يناير الماضى، إلى استعداده بدء شراكة جديدة مع العالم الإسلامى تقوم على أساس من الاحترام والمصالح المتبادلة.

يرى دكتور عبد المنعم سعيد أن الولايات المتحدة الأمريكية قد بدأت أخيرا دخول عصر ما بعد 11 سبتمبر. ويستعد الرئيس مبارك أخيرا بعد غياب دام خمسة أعوام للقيام بجولته فى العاصمة الأمريكية. إن هذا العصر الجديد التى تلمح بوادره فى واشنطن، والذى تأكد خلال الجولة التى قامت بها هيلارى كلينتون فى المنطقة للمرة الأولى كوزيرة للخارجية، قد قلب بالفعل موازين العلاقات ما بين الدول العربية وخارجها أيضا.

فسياسة الانفتاح التى يمارسها أوباما تجاه سوريا أوجدت بالفعل نوعا من التقارب بين حكومة دمشق والمملكة العربية السعودية، الحليف الرئيسى للولايات المتحدة الأمريكية فى المنطقة. تتمثل تلك السياسة فى دعوة سوريا بصورة مباشرة إلى استخدام تأثيرها على حركة حماس الفلسطينية وحزب الله اللبنانى والمعارضين من السنة لحكومة نورى المالكى الشيعى، وذلك فى حال رغبت فى استعادة العلاقات الطيبة مع واشنطن. وأرسل مؤخرا الملك عبد الله الأمير مقرن بن عبد العزيز، مدير جهاز الاستخبارات السعودية، إلى دمشق لتأكيد أجواء التعاون والتنسيق بين البلدين، التى تسود بينهما علاقات متوترة منذ اغتيال رئيس الوزراء اللبنانى رفيق الحريرى فى 2005.

وقام أيضا بزيارة دمشق فى السابع من مارس كل من جيفرى فيلتمان مساعد وزيرة الخارجية الأمريكية لشئون الشرق الأوسط، ودان شابيرو عضو مجلس الأمن القومى التابع للبيت الأبيض، اللذين أشارا فى أعقاب الزيارة إلى القدر الكبير من أرضية التفاهم المشترك التى وجدوها بينهما وبين السوريين، وإلى الدور المهم والبناء الذى يمكن لسوريا أن تلعبه فى المنطقة. غير أن سوريا لن تتنازل بالطبع عن غنيمتها، أى تحالفها مع طهران، فى سبيل الحصول على الرعاية من جانب أمريكا أو حتى فى سبيل الانضمام (الذى لا ترغب فيه كثيرا) إلى معسكر"العرب المعتدلين" ( السعودية والأردن ومصر ومنظمة التحرير الفلسطينية).

يلخص أحد الدبلوماسيين الأجانب فى القاهرة هذا الأمر فى أن بشار الأسد ينتظر أولا رؤية ما سيعرض عليه فى المقابل. فهو يرغب فى رفع العقوبات الأمريكية المفروضة على النظام السورى تدريجيا وأيضا فى شطب اسم سوريا من اللائحة السوداء الأمريكية للدول التى تساند الإرهاب وبالطبع يرغب كذلك فى حصول الولايات المتحدة الأمريكية على موافقة إسرائيل على الانسحاب من الجولان التى تحتلها منذ أربعة عقود. على الرغم من كونها قائمة طويلة من الرغبات، إلا أن دمشق شرعت فى "جس النبض" وقد بدأت بالفعل فى إعطاء ضمان على حسن نيتها.

تأكيد دور مصر كوسيط وفشل محاولة قطر انتزاعه منها
يؤكد الدكتور عبد المنعم سعيد وكذلك عدد من المسئولين الرسميين فى القاهرة على أنه إذا لم تكن سوريا قد طلبت من خالد مشعل الموافقة على التعاون من جديد مع مصر، كان من الجائز ألا يرى مؤتمر الحوار الفلسطينى النور. وبعيدا عن الحكم على نتائج هذا اللقاء، فمن الواضح أن مصر قد استعادت دورها كوسيط معتمد بين إسرائيل والفلسطينيين، بعد أن كاد هذا الدور يتعرض للخطر نتيجة الهجوم الوحشى لإسرائيل على قطاع غزة فى 27 ديسمبر 2008.

وحتى قطر يبدو أنها قد تراجعت عن موقفها الأخير. فقد ظن القطريون فى وقت من الأوقات أنهم قادرون على استغلال موقف الضعف الذى تعرضت له مصر نتيجة الهجوم الذى لاقته من الشارع العربى، وحتى من القاهرة ذاتها، بسبب انتهاجها سياسة "التسامح" تجاه إسرائيل ورفضها فتح حدودها مع غزة خلال أيام القصف الإسرائيلى. من المؤكد أن هذه الإمارة الثرية سوف تشارك فى القمة العربية المفترض انعقادها قبل قمة جامعة الدول العربية فى نهاية شهر مارس، بيد أن أحدا لا يتصور أنها ستكرر من جديد هجومها ضد مصر على الفور.

وأخيرا عقد مؤتمر إعمار غزة فى 2 مارس فى مصر، بفضل الخطوة التى اتخذها، وحتى ولو لمرة، كل من الأمريكيين والسعوديين والسوريين. وحتى إذا لم تكن وعود التمويل الهائلة التى حصدت خلال ذلك المؤتمر قد تحققت بعد، فالأمر الأهم، بحسب أحد المسئولين المصريين، يكمن فى تلك الرسالة السياسية التى وجهت إلى إسرائيل وإيران والتى كان مغزاها أن القوى الكبرى فى العالم قد التزمت من جديد إلى جانب مصر فى السعى إلى السلام.

أما عن تحقيق هذا السلام، فتلك قصة أخرى، يعتقد العرب جميعا أنها لن تبدأ سوى من خلال تغيير توازن العلاقات بين أمريكا وإسرائيل. وهو ما يشير إليه أحد الدبلوماسيين الأجانب فى القاهرة من أن إقامة دولتين فلسطينية وإسرائيلية تتعايشان فى سلام لن يتحقق إطلاقا، طالما أن واشنطن لا تجد الشجاعة السياسية لإرغام إسرائيل على وقف مصادرة الأراضى الفلسطينية والاستيطان غير الشرعى المتزايد فيها.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة