هيثم التابعى يكتب :

دموع حتشبسوت

الأربعاء، 11 مارس 2009 03:31 م
دموع حتشبسوت

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
حلم غريب ذلك الذى زارنى ليلة الأمس، لم يكن وجهها غريبا على، فهى شبيهة بملكة متوجة، عندما اقتربت منها اكتشفت أنها هى، بشحمها ولحمها حتشبسوت، تلك الملكة المصرية ذائعة الصيت، وجدتها تبكى وصوت نحيبها يرتفع، دموعها صارت أنهارا.. وقفت مبهورا فأنا فى حضرة صاحبة المعبد المهيب بالأقصر.

أبلغتنى أنها كانت فى زيارة روحانية خالصة لتفقد بر مصر، فقد اشتاقت إليه، سألتها عن آخر زمن زارت فيه بر مصر، جاوبتنى أنه فى زمن احتشد فيه أبناؤها وهم يعبرون بركة مائية ويحملون أشياء معدنية مدببة (تقصد حرب أكتوبر المجيدة) قالت إنها كانت فى غاية السعادة والحبور. من حينها لم تنزل حتشبسوت إلى بر مصر.

والغريب أنها عادت لتقضى عامين أو ما يزيد بين ربوعها ترى الناس ولا يروها تسمعهم ولا يسمعوها. قصت لى حتشبسوت ما رأته وكلمتنى عن مهازل لا تحدث إلا فى بلاد بونت، استغربت حتشبسوت أنها لاحظت اندثار اللون الأخضر المميز لمصر عبر فترة حكمها .

همست فى أذنى هل تم إلغاء التعليم فى مصر؟ ، فهى وجدت أغلب مدارسنا خالية وتحدثت عن دفاتر تملأ بعد شروق الشمس ثم يعاد ملأها قبل غروبها بقليل، والغريب أن فردا واحدا يملاها لعشرات آخرين!!! ثم حكت لى تفاصيل غائبة عن الطفل الشهيد إسلام بدر الذى لاقى وجه رب كريم فى مدرسته، حكت لى أنه مهما فعل الطفل البرئ ما كان ليستحق الركل أبدا، فهو مشروع لمحارب أو مزارع أو صانع أو كاهن (تقصد رجل دين).

بادرت بمناولتها منديلا إلا أنى اكتشفت أن أنفى المسدودة قد استنفدتها كلها، فدموعها انهمرت حين بادرت برواية تفاصيل مشهد لامرأة مصرية تبيع جسدها وشرفها على قارعة الطريق، وعن آخريات يتعرضن لمضايقات بذيئة (لم تستخدم لفظ التحرش)، نهرتنى وقالت إنكم جيل لا يحافظ على المرأة أبدا، ولعنتنى باسم أمون.

ثم حدثتنى عن أفراد يمارسون ما فهمت أنه عبادات جديدة خاشعة وجميلة (صلوات المسلمين الخمس) وفى نفس الوقت يسبون بعضهم البعض ويرتشون ويقتلون أبائهم وأمهاتهم، وحكت لى أنها حاولت أن تمنع بكل قوة ذلك الرجل الممسوس على حد قولها وهو يقتل أبنائه.

إلا أنها لم تفقد الأمل أبدا، فقد أخبرتنى كيف واجهت مصاعب كبيرة فى بداية حكمها، وأن بالنظام والقدوة والهدف يمكن أن يعبر المصريون كل مشاكلهم. حتشبسوت نصحتنى أن نصوغ أهدافا لنحققها، وأن نبعد الفاسدين عن ولاية أمورنا، وأن نملأ حياتنا بالعمل والحب، ثم وهى تتثاءب سألتنى ببراءة عما يعنيه "Valentine day" ودباديبه الحمراء، وعندما هممت بالإجابة كانت قد نامت.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة