الخلاف الدائر داخل مجلس الأمن حول اعتبار قيام الحكومة السودانية بطرد منظمات الإغاثة الدولية من السودان جريمة حرب، أثار تساؤلات عديدة حول شرعية مثل هذا القرار ومدى مخالفته للقوانين الدولية، وحول إذا ما كان قيام السودان بمثل هذا الأمر يعد عملاً من أعمال السيادة الوطنية أم هو جريمة ضد الإنسانية؟
وصف السفير عبد الله الأشعل مساعد وزير الخارجية سابقا، ما حدث من مجلس الأمن بأنه جزء من المؤامرة على السودان، فلو قال السودان حتى (لا إله إلا الله) فسيحاكمونه أيضاً، ويستخدمون فى مؤامرته أدوات مجلس الأمن والمحكمة الجنائية الدولية، مضيفاً أنهم بعد أن صعدوا القضية إلى المحكمة الجنائية الدولية، وبدلاً من تصحيح القرار الخاطئ باعتقال البشير بتفعيل المادة 16 من ميثاق مجلس الأمن وتجميد قرار المحكمة لحل القضية الأساسية، إذا بهم يريدون تصعيد القضية أكثر وزيادة التوتر والانقسامات الخطيرة فى السودان.
أكد الأشعل أن منظمات الإغاثة تعمل على الأراضى السودانية مما يعنى أن عملها يعد شأنا داخليا سودانيا، والسودان هو صاحب الحق فى تركها تعمل أو طردها كما يشاء وفقاً للقانون الدولى، ولكن مجلس الأمن تجاهل القضية الأصلية وإمكانية حلها، ويركز على تشجيع المتمردين وإضعاف الحكومة السودانية فى مؤامرة خطيرة بقيادة أمريكا وبريطانيا وفرنسا لكى يتولى المتمردون الحكومة فى الخرطوم حتى يغيروا هوية السودان، وكشف مجلس الأمن بوجهه القبيح فى قضية السودان جعل العديد من الأصوات تنادى بانسحاب الدول العربية والأفريقية من مجلس الأمن بسبب السياسة الدولية المناهضة لتلك الدول والمستهدفة لهم.
ومن جهته، أكد الدكتور أحمد فوزى أستاذ القانون الدولى بجامعة القاهرة أن اتفاقية جنيف عام 1958 حدد فيها ماهية جرائم الحرب، وهى التى تتعلق بأعمال عسكرية مسلحة مثل استعمال أسلحة غير تقليدية أو أسلحة محرمة دولياً، عدم مراعاة قواعد الحرب، سوء معاملة الأسرى وعدم حمايتهم، خرق الهدنة، وخرق القواعد والاتفاقيات، والبشير لم يفعل ذلك عند طرده لمنظمات الإغاثة من قريب أو من بعيد، واستطرد قائلاً أن رد الفعل هذا من الأمم المتحدة يعد غير مهنى ولا موضوعى بالمرة.
أضاف فوزى أن تلك المنظمات تعمل تحت إشراف الحكومة السودانية، وهى التى من حقها تحديد هل تخدم تلك المنظمات أم لا، وقد رأت الحكومة السودانية أن تلك المنظمات تتجسس وتعمل على تزكية الصراع فى المناطق المتوترة داخل السودان، وتضلل مسار العدالة لصالح أوكامبو، وبالتالى خرجت عن إطار دورها الحقيقى وعن إطار العمل اللائق.
عدد قليل فقط هم الذين تم إنهاء عملهم، فهكذا يؤكد فوزى موضحاً أن المنظمات التى طردت هى 13 منظمة من إجمالى 150، مما يعنى أنه لا يزال هناك عدد هائل من منظمات الإغاثة الدولية هناك، وقال إن طرد المنظمات لا يصنف إطلاقاً على أنه جريمة حرب أو جريمة ضد الإنسانية ولا يعاقب عليها القانون الدولى، لأن القانون الدولى يعاقب فقط على جرائم العدوان، جرائم الحرب، جرائم الإبادة الجماعية، والجرائم ضد الإنسانية، وطرد منظمات الإغاثة لا يدخل ضمن هذه الجرائم الأربعة.
وفى السياق نفسه، أكد الدكتور أحمد رفعت أستاذ القانون الدولى بجامعة القاهرة، أنه لا يمكن اعتبار طرد منظمات الإغاثة جريمة حرب وفقاً للقانون الدولى، لأنه لا توجد جريمة ولا عقوبة إلا بنص قانونى، مضيفاً أن هذا مبدأ قانونى لا خلاف عليه، فنحن لا نستطيع القول أن ما فعله البشير يشكل جريمة، لأن أى جريمة أو عقوبة يجب أن ينص عليها القانون، وطرد منظمات الإغاثة من السودان ليس جريمة منصوص عليها فى اتفاقية جنيف، فهذا الكلام الذى رددته وسائل الإعلام هو كلام سياسى وكلام "ناس لا تدرك ما تقوله" والبشير اعتبر أن المنظمات التى طردها تعمل لصالح الدول الكبرى، وتمول المدعى العام بمعلومات غير صحيحة عن دارفور، ولكن قول أن طرد تلك المنظمات يعد جريمة حرب أو جريمة ضد الإنسانية هو تصعيد مبالغ فيه جداً وغير مبرر.
قال رفعت إن الحل هو قيام الدول العربية بدورها، لأنه توجد منظمات إغاثة تابعة لجامعة الدول العربية والاتحاد الأفريقى تستطيع القيام بنفس دور تلك المنظمات، فإذا كان يرى أحد أن طرد منظمات الإغاثة يخالف القانون الدولى، فمن الممكن إحلال تلك المنظمات بأخرى عربية وإفريقية، وعملية الإحلال تلك سبق أن تم القيام بها عندما طالبت الولايات المتحدة والدول الكبرى بقوات طوارئ دولية، وحل مكانها قوات حفظ سلام أفريقية، فمن الممكن تفعيل نفس هذا المبدأ هنا فى هذا الموقف أيضاً، وأنه فى مثل هذه المواقف يجب أن يظهر الدور الحقيقى لجامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامى والاتحاد الأفريقى.
السفير عبد الله الأشعل: ما حدث من مجلس الأمن مؤامرة على السودان
الأربعاء، 11 مارس 2009 06:53 م
السفير عبد الله الأشعل مساعد وزير الخارجية سابقا
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة