قالت صحيفة التليجراف البريطانية، إن هناك العديد من المؤشرات التى ترفع حالة التفاؤل فى الشرق الأوسط. واعتبر الكاتب أدريان مايكلز على صفحات الرأى بالصحيفة أن إمكانية اتفاق الدول العربية المنقسمة، خلال القمة المرتقبة فى نهاية الشهر الجارى، على الاعتراف بإسرائيل، أمر من شأنه تحقيق الكثير من التقدم فى المنطقة.
ويشير مايكلز إلى أن سلسلة من الاجتماعات التى تمت فى الشرق الأوسط خلال الآونة الأخيرة كانت سبباً فى حالة التفاؤل التى يتحدث عنها. الاجتماع الأول كان الأسبوع الماضى فى منتجع شرم الشيخ بمصر. وكان من بين الحاضرين وزيرة الخارجية الأمريكية هيلارى كلينتون والرئيس الفرنسى نيكولا ساركوزى ومجوعة من الدول العربية، ووافقوا على تقديم مساعدات للاقتصاد الفلسطينى تقدر بـ 4,48 مليار دولار وأيضا من أجل إعادة إعمار غزة بعد الحرب الإسرائيلية عليها فى شهر يناير الماضى.
وبعد كلينتون التى أسند إليها الرئيس باراك أوباما مهمة بذل جهود فى منطقة الشرق الأوسط أكثر من التى قدمتها إدارة سابقه الرئيس السابق جورج بوش، وصل مبعوثان أمريكيان إلى العاصمة السورية دمشق. فبعد أن كانت الولايات المتحدة تميل إلى اعتبار سوريا دولة راعية للإرهاب، فإن واشنطن الآن تسعى لإخراج سوريا من عزلتها وأيضا فرض ضغوط على حليفتها المقربة إيران.
وإذا لم يكن هذا مثيراً للاهتمام بدرجة كافية، فإن أمس الثلاثاء شهد بداية الحوار بين الحركتين الفلسطينتين المتنافستين فتح وحماس. فبعد الصراع الذى شهدته غزة مؤخراً، تسعى كل من فتح وحماس إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية فى الأراضى الفلسطينية، وهو الشرط المفترض لاستمرار المحادثات مع إسرائيل وآخرين حول تأسيس الدولة الفلسطينية. وكان سلام فياض رئيس الوزراء الفلسطينى الذى لا تعترف به حماس قد قدم استقالته الأسبوع الماضى فى خطوة قد تكون مفيدة فى الحوار بين الفلسطينيين.
وربما الأكثر الأهمية بين كل هذا، أنه من المقرر أن يعقد الرئيس السورى بشار الأسد محادثات مع العاهل السعودى فى العاصمة السعودية الرياض اليوم الأربعاء. وكانت بعض التقارير قد ذكرت أن بادرات الود ظهرت بين مسئولى الدولتين خلال مشاركتهم فى مؤتمر شرم الشيخ وذلك بعد سنوات من العداء، وأن كلا من الرياض ودمشق تتحركان بسرعة للاستفادة من هذا المناخ الجديد.
يرى بعض الدبلوماسيين أن كل هذه المظاهر قد تعنى إشارة مشجعة بوحدة الدول العربية فى قمتهم السنوية التى ستعقد فى 30 مارس فى العاصمة القطرية الدوحة. ويقول مصدر عربى لم يذكر اسمه إن الهدف من هذه القمة هو "الوصول إلى نهاية لعهد الانقسامات العربية".
وقد صرح أحد الدبلوماسيين الغربيين للتليجراف أن الدول العربية جميعها تحاول الالتفاف حول موقف تفاوضى تكون معه هذه الدول مستعدة للإعلان عن اعترافها بإسرائيل مقابل إقامة دولة فلسطينية.
ومثل هذا الإعلان قد يكون مساهمة إيجابية فى التقدم الذى يشهده الشرق الأوسط. فالرئيس السورى بشار الأسد اقترح مؤخراً أنه قد يوقع اتفاق سلام مع إسرائيل حتى فى حالة عدم التوصل إلى حل للقضية الفلسطينية. لكنه اعترف أيضا بأن مثل هذا الاتفاق لن يمثل الكثير فى حد ذاته.
وإذا حدث هذا، فإن الضغوط ستتكثف على حركة حماس، التى قالت كلينتون إن عليها أن تعترف بحق إسرائيل فى الوجود. " من الصعب التعامل مع حماس كشريك فى عملية السلام، حيث يجب عليها نبذ العنف والاعتراف بإسرائيل والاتزام بالاتفاقيات الفلسطينية السابقة". وأى مظهر من مظاهر الوحدة بين الدول العربية قد يفرض ضغوطاً أخرى على بنيامين نيتانياهو الذى أسندت إليه مهمة تشكيل الحكومة الإسرائيلية الجديدة. فكان على نيتانياهو أن يمنح رئيس حزب إسرائيل بيتنا اليمينى المتشدد افيجدور ليبرمان، منصباً هاماً فى حكومته، خاصة أنه يمسك بتوازن القوى فى مفاوضات الحكومة الإئتلافية بعد الانتخابات الأخيرة. وبدا الأسبوع الماضى أن ليبرمان سيحصل على منصب وزير الخارجية وهو الأمر الذى يبدو من الوهلة الأولى وكأنه كارثة.
لكن حتى اختيار ليبرمان لهذا المنصب قد لا يكون بشعاً كما يبدو.. حيث يشير بعض الدبلوماسيين إلى أن ليبرمان، قد يضطر إذا تولى هذه الوظيفة الهامة، أن يبرر آراءه المتعلقة بضرورة اخضاع العرب الإسرائيليين لاختبارات ولاء، والمستوطنات غير القانونية وما شابهها من قضايا. وربما يلين ليبرمان فى ظل الضغوط الدولية التى سيتعرض لها.
ربما يكون هذا حلما. لكن ليبرمان بالفعل حاول التخفيف من صورة المتشدد التى يبدو عليها. حيث قال الأسبوع الماضى إنه غير آراءه فى السنوات الأخيرة وإنه يؤيد الآن فكرة إقامة دولة فلسطينية وفقاً لشروط صارمة بالطبع. ويرى الدبلوماسيون الذين يتطلعون لمزيد من الصعود لليبرمان، إنه كان رئيساً لهيئة الأركان فى الوزارة التى شكلها نيتانياهو فى منتصف التسعينيات عندما كان الأخير أكثر تشدداً فيما يتعلق بتقديم تنازلات فى المفاوضات مع الفلسطينيين.
وربما يكون نيتانياهو وليبرمان هما الرجلان المناسبان، بحسب ما يراه الكاتب، للتفاوض على اتفاق سلام يثق فيه الإسرائيليون ويدعمونه، بنفس الطريقة التى أصبح بها الرئيس الأمريكى الأسبق ريتشارد نيكسون المناهض للشيوعية الرجل الذى بدأ الحوارمع الصين، وواصل التعامل مع الاتحاد السوفيتى.
العديد من المؤشرات ترفع حالة التفاؤل فى الشرق الأوسط
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة