فاطمة خير

الاغتصاب .. ليس آخراً

الأربعاء، 11 مارس 2009 07:32 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
وحده حكمٌ رادع ، كالذى أصدره القضاء مطلع الأسبوع الجارى ، يكون قادراً على وقف مسلسل جرائم الاغتصاب ، التى باتت خبراً عادياً لا يلفت الأنظار فى صفحات الحوادث . الحكم بالإعدام على أحد عشر متهماً فى القضية ، أطفأ نار الضحية والمجتمع ، والمؤكد أن الذى دفع المحكمة لتطبيق أقصى العقوبة ، هو فجاجة ملابسات الجريمة .
ا
لجريمة التى وقعت منذ ثلاث سنوات، تم فيها خطف الزوجة من منزلها فى منتصف الليل ، كانت آمنة فوجدت نفسها دون مقدمات فى أرض زراعية يتناوب الاعتداء عليها أحد عشر وحشاً . ولأجل أن ينصفها القدر تم القبض عليهم متلبسين عدا واحد لا يزال هارباً حتى الآن .

زوج الضحية قدم لها الدعم حتى صدور الحكم ، وقد بدا ثابتاً للغاية حين استضافه برنامج "90 دقيقة" فى حلقة مشوقة ، كانت ستظهر فيها الزوجة نفسها، والتى حضرت من كفر الشيخ مع زوجها ومحاميها لهذا الغرض ، إلا أنها تراجعت فى اللحظات الأخيرة قبل بث البرنامج ، لكنها شاركت عبر الهاتف مع مذيع البرنامج "معتز الدمرداش " ، ورفضت تماماً كل محاولات د."عزة كريم " ـ الأستاذة فى مركز البحوث الاجتماعية والجنائية ـ للظهور أمام الجمهور على اعتبار أن هذا سيساعد فى شفائها، وبرغم تعاطف المشاهدين، الذين اتصل أكثر من واحد منهم يعرض مساعدة مالية، إلا أن الزوج رفض بشدة، طالباً سكنا آخر للانتقال إليه بعيداً عن مدينتهم كى يساعد ذلك زوجته فى الشفاء النفسى ، وهو ما حصل عليه بالفعل من خلال اتصال من متبرعين كريمين، وكان أجمل الاتصالات ، هو ما قامت به سيدة فاضلة ، يبدو من صوتها أنها كبيرة فى السن ، قالت بأنها لا تملك المال ، لكنها تستطيع منح هذه الضحية الجريحة الحب وأن تكون أماً لها، وأكثر ما ميز أسلوب المتصلين أن أصواتهم جميعها حملت من الاعتذار ما هو أكبر من الكلمات.

الجريمة التى هزت المجتمع وقتما وقعت ، كان يمكن أن تمر كغيرها مما لا يعلم به أحد ، لولا التحرك السريع للجيران والشرطة ، ولولا إصرار الزوج على عدم التنازل برغم التهديدات بالقتل والانتقام التى يتعرض لها الزوجان من أسر المتهمين ، لكن للمسألة أبعادا أكبر من هذه : فقد ذكر الزوج أن ثلاثة أو أربعة من المتهمين هم بالفعل "مسجلون اغتصاب"! ، ما الذى يفعله هؤلاء كطلقاء داخل المجتمع؟ هذه إذن هى النتيجة الطبيعية للسماح لهم بعودتهم إليه، ولو أن حكم الإعدام طُبِقَ على كل مغتصب ، ما عاد لجرمه ، ولأمن المجتمع من أذاهم ، لكن للأسف ، يخضع المغتصب لعقوبة السجن لبضع سنوات قلت أو زادت ، ثم يخرج حراً ، ولو أننا تذكرنا فى العام الماضى ، كانت ضحية اغتصاب أخرى ، هى طفلة فى التاسعة من عمرها ، اغتصبها خالها ، يوم خروجه من السجن من قضية اغتصاب أيضاً! .

لا يزال المجتمع غير" حاسم" فيما يخص جريمة الاغتصاب ، المجتمع لا يزال يتحامل على المرأة المغتصبة ، فالطفل ثمرة الاغتصاب يعيش بلا هوية قانونية ، ولا يوجد ما يجبر الأب على الاعتراف به ، والمغتصبة لا تجد جهة تلجأ إليها للعلاج الطبى الفورى، والنفسى الممتد، وتعتبر حالة الضحية السابقة أبرز مثال ، على أن الأثر النفسى يمتد إذا لم يعالج برغم دعم الزوج والمجتمع المحيط ، المغتصبة .. لا تزال مذنبة فى نظر كثيرين ومنهم رجال دين للأسف ، قال أحدهم فى برنامج تليفزيونى أحد المرات ، إنها لو كانت "متبرجة" لا ترتدى الحجاب فقد وقع عليها إثم بما لا يجيز إعدام المغتصب! ، أما الآخرون فهم يرون فى أحيان كثيرة أن المرأة لا بد وأنها حرضت المغتصب على جريمته ! .

المجتمع .. لا يزال غير معترف بالاغتصاب كجريمة فى حد ذاتها ، عندما زادت هذه الحوادث وظهرت على السطح فى أواخر الثمانينيات وأوائل التسعينيات، كان المجتمع مصدوماً يطالب بالإعدام فى ميدان عام ، لكن حتى الآن فإن التكييف القانونى لا يضع الإعدام دوماً كعقوبة ، بل قد يسجن المغتصب ثلاث سنوات وحسب ! .

جرائم الاغتصاب صارت ظاهرة لا ينكرها عاقل ، الأسباب كثيرة ، لكن على الأقل فإن " الردع" الجزائى قد يجعلنا آمنين إلى حد ما .





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة