ولد صغير لم يتعد عمره الثانية عشر، يطلق عليه المجتمع وصف "طفل".. مكانه الطبيعى فى الحدائق والنوادى، اهتماماته لا تخرج عن نطاق ألعاب الفيديو، وأفلام الكرتون، والسيارات التى تعمل بالريموت كنترول، يشاهد مباريات الكرة، ويشجع الزمالك أو الأهلى أسوة بأبيه.. هو طفل.. طفل وحسب.
ولا يمكن أن يخطر على بال أحد أن ينظر هذا الولد لجارته الحسناء، التى تعدته بسنوات فى العمر والطول والعقل، أن ينظر لجسدها الممشوق، أن يتخيلها معه ليلاً، أو أن يتوجه فى اليوم التالى إلى "النت كافيه" الذى طالما احتدت بداخله المنافسة فى لعبة الكرة "فيفا"، لكنه هذه المرة يجلس فى ركن بعيد ويدخل على الإنترنت، ويقرر للمرة الأولى فى حياته أن يشاهد شيئاً لم يشاهده من قبل "إنه الجنس".
فكيف لطفل فى مثل هذه السن أن تكون له حياته الخاصة بعيداً عن أهله وأصدقائه، بعيداً عن أسرته التى مازالت تنظر إليه كطفل صغير؟، كيف يمكن أن نتخيل أن هذا الطفل يفكر فى الجنس وبطريقة سلبية فى عمر الثانية عشر؟، وكيف يمكن لوالد مثل هذا الطفل أن يستوعب الأمر؟، ناهيك عن أن يتعامل معه.
خبر على صفحة الحوادث.. طفلة عمرها أثنى عشر عاماً، تذهب وحدها لتقدم بلاغاً فى قسم شرطة حلوان، ضد طفل آخر عمره أربعة عشر عاماً تتهمه فيها باغتصابها، الطريف فى الأمر أنها فعلت ما فعلته بإرادتها، ومن الواضح أنها لم تكن تدرك أن الأمر سينتهى بها إلى قسم الشرطة.. لتنقذ الموقف، تفكير أقل ما يقال عنه منطقى، وأكبر من سنها بكثير.
البعض يطالب بالتطرق مباشرة للمشكلة وعمقها، و"قطع العرق وتسييح دمه"، وتدريس مادة الجنس بالمدارس منذ الصغر، بينما البعض الآخر يميل إلى أن هذا "عيب وحرام" ويتهم التفكير الأول بإتباع الغرب الملعون. كلاهما لا يدرك حقيقة المشكلة، وهى كيف يمكننا حماية أطفالنا، فى حين أن الجنس كان وسيظل دوماً منطقة محظورة، لا يمكننا مناقشتها فى الندوات والمحاضرات أو دراستها فى كتب التربية والتعليم، مهما تطورت وسائل المعلومات وطرق الوصول إليها، ومهما زادت إباحية سيناريوهات الأفلام فى السينما، ومهما زاد أعداد الأطفال الذين يعرفون كيف يستخذون الإنترنت، وكيف يصلون إلى ما يريدون.
تغييرات جوهرية
الدكتورة أمينة كاظم دكتور علم نفس بجامعة عين شمس ترى أن التغيرات التى طرأت على أطفالنا هو نتيجة التغيرات الفسيولوجية التى تحدث للأطفال وآثارها على أجسادهم الصغيرة، ومع أن هؤلاء الأطفال لم تتعد أعمارهم الـ 12 عاماً، إلا أنهم يعتبرون فى مرحلة بلوغ ونضج جنسى، ويبدأون فى إدراك عمليه النضج شيئاً فشيئاً.
تضيف د.كاظم قائلة، إن الفرق بين بطل قصتنا الأولى وأبيه أنه إذا افترضنا أن الوالد فكر فى الجنس فى نفس المرحلة، فلقد كان سيتكبد الكثير من العناء للوصول إلى صورة فتاة عارية فى مجلة قد تتداولها مدرسة بنين بأكملها، والفرق بين نفس الطفل فى القصة الأولى والطفل الآخر بطل الواقعة الثانية، أن الأول نظر إلى جارته من الوراء، ثم شاهد فيلماً إباحياً، ولم يتعد الأمر العادة السرية غالباً لسنوات طويلة، أما طفل الواقعة الثانية فلقد قام بالفعل نفسه وتعدى كل الخطوط الحمراء، تعدى فى الحقيقة ما يمكن أن يتصوره عقل.
ويرى حسن صفى الدين، أستاذ علم النفس والاجتماع أن السبب الرئيسى فى انتشار تلك الظاهرة بين الأطفال، هو عدم وجود تنشئة اجتماعية سليمة، أو وجود خلافات ومشاكل أسرية بين الأب والأم، والتى تعد من أهم أسباب انحراف الأطفال عن الطريق الصحيح، وعدم وعى الآباء واهتمامهم برعاية أطفالهم، وحرصهم على معرفة أسرار أبنائهم وما يدور من أفكار فى عقولهم الصغيرة. وأضاف بأن الهواجس التى تشغل عقول أطفال فى مثل هذه السن، من المفترض ألا تكون إشباع الغرائز الجنسية، حتى ولو كانوا فى مرحلة بلوغ ونضج جنسى، وأن ينشغلوا بأى شىء آخر حتى يصلوا إلى بداية سن المراهقة، أما إذا سيطر الجنس على عقولهم بمعنى أنهم صاروا راغبين فى معرفة طبيعة العلاقات الجنسية، ويجربونها بأنفسهم، فمعنى ذلك أن هناك علة ما فى أسلوب التربية المتبع معهم.
ويضيف صفى الدين إن الأساليب التى يجب أن تتبعها الأسرة فى الرقابة على الأطفال فى مثل هذه السن، هى القرب الاجتماعى الذى يخلق نوعاً من الرقابة غير المباشرة، وذلك حين يتقرب الأب من نجله، والأم من نجلتها، وتحدث صداقة بينهم، ومن خلالها يستطيع الآباء معرفه أسرار أبنائهم، ومنحهم التوعية الواجبة، وتثقيفهم جنسياً عقب وصولهم مرحله البلوغ.
كانت القاعدة دائماً هى فى الفرق بين أطفال الشوارع وأطفال يعرفون العيب يعيشون فى المنازل المغلقة داخل أسر تربى وتعلم، ولكن الآن أطفال البيوت هم نفسهم أطفال السماوات المفتوحة، يملكون من إمكانيات المعرفة أكثر بكثير من أطفال الشوارع .
أطفال السماوات المفتوحة.. تحرش فى الابتدائى واغتصاب فى الإعدادى وحياة داخل مقاهى الإنترنت
الأربعاء، 11 مارس 2009 12:50 ص