علاء الأسوانى: لماذا لا يستطيع العالم الإسلامى سماع أوباما؟

الإثنين، 09 فبراير 2009 03:03 م
علاء الأسوانى: لماذا لا يستطيع العالم الإسلامى سماع أوباما؟ مقال علاء الأسوانى بصحيفة نيويورك تايمز
إعداد رباب فتحى عن نيويوك تايمز

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
تصدر جريدة "نيويورك تايمز" مقال للكاتب والروائى علاء الأسوانى تحت عنوان"علاء الأسوانى: لماذا لا يستطيع العالم الإسلامى سماع أوباما؟"، بدأه قائلاً "يحاول الرئيس الأمريكى باراك أوباما جاهداً التواصل مع العالم الإسلامى منذ توليه مقاليد حكمه فى 20 يناير الماضى. ولقد شاهدت حفل التنصيب التاريخى عبر شاشة التليفزيون، وأثار دهشتى قول أوباما "إننا أمة تجمع بين المسيحيين والمسلمين واليهود والهندوس وغير المؤمنين".

وقام أوباما بإجراء أول مقابلة تليفزيونية رسمية من البيت الأبيض عبر قناة العربية، وهى قناة تليفزيونية باللغة العربية. ولكن هل استشعرت شوارع القاهرة تلك الجهود؟ استحوذ أوباما على دعم أعداد غفيرة من الشعب المصرى، أكثر من أى رئيس أمريكى آخر. ولقد سافرت إلى الولايات المتحدة الأمريكية قبيل أيام من إجراء الانتخابات الرئاسية، وهناك قال لى جميع المصريين الذين قابلتهم، إنهم يدعمون أوباما. وقام العديد من المصريين بالاشتراك فى المواقع الإلكترونية لدعم حملته الانتخابية.

أما فى القاهرة، التى يسبق توقيتها توقيت واشنطن بسبع ساعات، ظل البعض مستيقظاً طوال الليل فى انتظار معرفة نتيجة الانتخابات. ووصفت الصحف المصرية فرحة الشعب المصرى العارمة عندما فاز أوباما، وتحديداً النوبيين، أصحاب البشرة الداكنة فى جنوب مصر، الذين رقصوا لنصره.

ويتمحور إعجابنا بأوباما حول ما يمثله هذا الرجل، فهو يمثل "الإنصاف"، ويعد نتاج نظام عادل وديمقراطى يحترم تكافؤ فرص التعليم والعمل. هذا النظام الذى سمح لرجل "أسود" أن يصبح، بعد قرون من التمييز العنصرى، رئيس الولايات المتحدة الأمريكية، هذا "الإنصاف" بالتحديد هو ما نفتقده فى مصر.

ولهذا السبب كانت صورة الرئيس المنتخب باراك أوباما مجتمعاً مع أسلافه الرؤساء السابقين فى البيت الأبيض مؤثرة للغاية. أما فى مصرنا الحبيب، فنحن لا نملك رؤساء سابقين أو مستقبليين، فلا يوجد سوى رئيس واحد للدولة استحوذ على السلطة من خلال انتخابات صورية، واحتفظ بها بالقوة، ومن المحتمل أنه لن يتركها حتى توافيه المنية على كرسى الرئاسة. وبالتالى، الحقيقة هى أن مصر تفتقر إلى نظام عادل يتركز فيه التقدم على أسس المؤهلات. ففى كثير من الوقت، يحصل الشباب المصرى على وظائف جيدة فقط، لأنهم يملكون "صلات" مع كبار البلد. وكذلك فإنه لا يتم انتخاب الوزراء، بل يختارهم ويعينهم الرئيس. ولا يثير الدهشة أن يتسبب مثل هذا النظام غير المنصف فى إصابة الشباب بالإحباط أو يدفعهم فى طريق التطرف الدينى، ويرغم بعضهم على الفرار من البلاد "بأى ثمن" أملاً فى العثور على العدالة فى مكان آخر.

ولقد وجدونا فى أوباما ضالتنا، فهو يعتبر رمزاً لهذه العدالة الغائبة، ورحبنا به بحماس كبير حتى خضع لأول اختبار حقيقى، المتمثل فى غزة. على الرغم من أنه لم يكن رئيس الولايات المتحدة الأمريكية حينها، عند نشوب الحرب الإسرائيلية على غزة، إلا أننا توقعنا أن يأخذ موقفاً ضد هذه الحرب. ومازلنا نأمل فى أن يدين، حتى ولو بكلمات بسيطة، "المذبحة"، التى راح ضحيتها أكثر من 1300 فلسطينى، معظمهم من المدنيين. وتوقعنا كذلك أن يذكر أوباما التقارير التى تثبت استخدام العسكرية الإسرائيلية "غير الشرعى" للفوسفور الأبيض ضد سكان قطاع غزة. وتمنينا من هذا الرجل، الدارس للقانون والعلوم السياسية فى أعظم الجامعات الأمريكية، أن يدرك ما نراه نحن حقيقة أساسية وبسيطة، وهو حق الشعوب فى القطاعات المحتلة أن تقاوم الاحتلال العسكرى.

ولكن التزم أوباما بالصمت المطبق، لذا لم تترك خطبة التنصيب، المكتوبة ببراعة، أثراً كبيراً فى نفوس المصريين. فنحن بدأنا نفقد اهتمامنا، وتداركنا حجم المسافة التى تفصل بين القيم والمثل الأمريكية العظيمة التى يجسدها أوباما، وبين ما يمكن تحقيقه بالفعل فى بلد يتخطى فيه على ما يبدو دعم إسرائيل حقوق الإنسان والقانون الدولى.

ومن ناحية أخرى، صورت وسائل الإعلام الغربية مقابلة الرئيس الأمريكى على قناة العربية فى 27 يناير، باعتبارها غصن الزيتون الذى قدمه أوباما إلى العالم الإسلامى. وعرف العديد من أصدقائى بهذه المقابلة، ولكن أصابهم الإحباط الشديد إزاء صمت أوباما. وكما هو المعتاد، لم تفرض كلماته المنمقة التحديات لدعم الولايات المتحدة الأمريكية لإسرائيل (فهذا غير قابل للمناقشة)، سواء كان صحيحا أم خطأ.

عندما لجئت إلى المدونات الإلكترونية المصرية التى يعبر من خلالها الرجال والنساء المصريون عن آرائهم بحرية نسبية، وجدت مزيجاً مختلطاً من الآراء التى تفاوتت بين الحماسة والإحباط. وقام العديد من المصريين بمقارنة النظام الديمقراطى فى الولايات المتحدة مقابل تفشى الطغيان فى مصر. وتوقع آخرون أن تصبح السياسة الأمريكية أكثر عدلاً فى تعاملها مع قضايا الشرق الأوسط، ولكن أصابتهم خيبة الأمل فى مقتل عندما فشل أوباما فى معالجة أزمة غزة. لذا لن يستطيع أوباما كسب قلوب وعقول المصريين مهما حاول جاهداً، سواء بإرسال المبعوثين أو بإلقاء الخطب، وإجراء المقابلات، حتى يعالج الظلم المتفاقم فى الشرق الأوسط، والعالم الإسلامى.

ويبقى هنا السؤال: هل يأس المصريون من أوباما؟ والإجابة هى لا. الشعب المصرى مازال يعتقد أن أوباما جعبته واسعة ويستطيع أن يفعل الكثير والكثير. وقابل إعجاب الشباب المصرى بالولايات المتحدة الأمريكية، الإحباط إزاء السياسة الأمريكية الخارجية، وأوضح هذا بلباقة تعبير المدون المصرى "أحب أمريكيا. بلد الأحلام...ولكنى أتساءل هل سأستطيع يوماً ما البوح بحبى".






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة