كان الرئيس الأمريكى الأسبق بيل كلينتون هو أول من لاحظ بعد اجتماع مع بنيامين نيتانياهو عقب انتخابه رئيسا للوزراء عام 1996، أن الأخير يعتقد أنه القوى العظمى وأن على الأمريكيين أن يفعلوا ما يأمرهم به. وإذا فاز نيتانياهو فى الانتخابات المقررة غدا الثلاثاء ونجح فى تشكيل الحكومة، فإنه على الأرجح سيتعامل مع الرئيس الأمريكى باراك أوباما بنفس الطريقة التى فعلها مع مبعوث الرئيس كلينتون للسلام فى الشرق الأوسط دينيس روس، والتى وصفت فيما بعد بأداء "لا يطاق" فى البيت الأبيض عام 1996.
فنيتانياهو الذى تخلى عن طريقته فى "تملق" الرئيس أوباما علانية فى الأسابيع الأخيرة، يعرف عن الدبلوماسية أقل مما يحاول أن يفعل. وكان أحد الأسباب العديدة التى جعلته يخسر الانتخابات عام 1999، هو أن الرأى العام الإسرائيلى كان غير سعيد إزاء عدم الترحيب برئيس حكومته فى واشنطن. وتبقى مسألة ما إذا كان هذا الأمر أكثر من مجرد تغيير سطحى، أو إذا كان بإمكان نيتانياهو تجنب إغضاب الرئيس الأمريكى الذى يسعى إلى إحداث تقدم فى الشرق الأوسط محل نقاش.
لا يمكن اعتبار نيتانياهو الذى يتزعم حزب الليكود، مرشحاً مضمون فوزه، مع تقدمه بفارق ضئيل على حزب كاديما الذى تقوده تسيبى ليفنى، لكن فى حال انتصاره، فإنه سيسعى إلى توسيع المستوطنات الموجودة فى الضفة الغربية بدلاً من إخلاء المستوطنات المقامة بالفعل. كما أنه برنامج الليكود يقوم على مبدأ القدس الموحدة عاصمة للدولة اليهودية وضرورة معالجة المهمة العسكرية التى لم تنته الشهر الماضى بالإطاحة بحركة حماس فى غزة. ومن غير المحتمل أن تلقى أياً من هذه الأفكار استحساناً لدى البيت الأبيض.
ويبدو أن التناقض هو الذى يحكم علاقة نيتانياهو غير السهلة مع الولايات المتحدة. فهو هو أكثر سياسى إسرائيلى "متأمرك"، حيث إنه الأكثر ارتباطاً بسياسات المحافظين الجدد فى الحزب الجمهورى اليمينى. وتلقى نيتانياهو تعليماً أمريكياً من قبل والديه المهاجرين قبل أن ينقطع عنه للحاق بالخدمة العسكرية فى وحدة سايريت ماتكال والتى شارك معها فى عملية إنقاذ الرهائن من طائرة سابينا المختطفة عام 1972، ثم شارك بعد ذلك فى حرب أكتوبر 1973.
وفى عام 1982 حصل "بيبيى"، وهو الاسم الذى يشتهر به نيتانياهو داخل إسرائيل وربما على مستوى العالم، على وظيفة فى السفارة الإسرائيلية فى واشنطن مع الشخصية القيادية فى حزب الليكود حينئذ موشى عارنيس والذى أصبح سفيراً فيما بعد. وعاد نتنياهو إلى إسرائيل عام 1988 وأصبح نائبا فى الكنيست ثم نائبا للوزير. أما عن صعوده السياسى، فكان نارياً. ففى عام 1993 عندما كان يقاتل على زعامة الليكود، تلقت زوجته الثالثة والحالية سارة مكالمة هاتفية مجهولة تشير إلى وجود تسجيل مصور لزوجها فى وضع رومانسى. فما كان من نيتانياهو إلا الاعتراف علانية عبر شاشات التليفزيون بذلك، ثم اتهامه منافسيه داخل الحزب باستخدام أساليب المافيا للقضاء عليه.
والأمر الرئيسى الذى أغضب إدارة كلينتون هو أن نيتانياهو بمجرد أن أصبح رئيساً للوزراء عام 1996 داس بأقدامه على اتفاقية أوسلو التى كان يعارضها بشدة وصب معارضته الشديدة على رئيس الوزراء الأسبق إسحاق رابين الذى اغتيل عام 1995. واليوم فإن نيتانياهو لا يزال معارضاً بشدة للتنازل عن الأراضى للفلسطينيين فى أى اتفاق مستقبلى، معتبراً أن أى تنازل قد يمهد لإنشاء حماس ستان أخرى فى الضفة الغربية.
ويعتقد المحلل الإسرائيلى يوسى ألفير، أنه إذا فاز نيتانياهو ونجح فى تشكيل حكومة وحدة مع ليفنى وزعيم حزب العمل إيهود باراك، فقد يكون قادرا على تجنب صدام مبكر مع الرئيس الأمريكى. وريما يستطيع إقناع مبعوث أوباما إلى الشرق الأوسط جورج ميتشيل، بأن بإمكانه التعايش مع فكرة إجراء مفاوضات جادة مع سوريا كبديل عن التوصل إلى اتفاق مع الفلسطينيين، وذلك على الرغم من أن حملته الانتخابية تدعو إلى عدم التخلى عن الجولان.
اخبار متعلقة:
لعبة "باقون" سلاح عرب إسرائيل فى الانتخابات
توقعات فلسطينية بفشل التهدئة إذا فاز نيتانياهو
لوموند: الاحتلال الإسرائيلى مستمر قبل وبعد الانتخابات
خبراء: تحالف نتانياهو وليبرمان كارثة للمنطقة
هل يستثمر العرب الصدام المحتمل بين أوباما ونيتانياهو فى حالة فوزه
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة