شتان بين الحالتين، وفى طريقة التعامل العالمية والأمريكية مع كلا الطرفين، فإذا ما كان الحديث بطريقة حيادية دون التطرق إلى أى خلافات مع أى طرف كان، وليس دفاعاً عن إيران، فإننا نتفق معها فى أشياء ونختلف بأخرى، فقد نجد طريقة التعامل مع هذا الملف، أى الملف النووى وتناوله بالسير على المنهاج المعروف فى التعامل بمكيالين، وبالأخص من قبل الولايات المتحدة الأمريكية بالموضوعات التى تخص دولة الاحتلال الإسرائيلى، والتى تعمل من خلالها على التغاضى عن ترسانتها العسكرية والنووية، والتى استخدمت فى حربها الأخيرة على المدنيين الفلسطينيين فى قطاع غزة، أجزاء تعتبر بسيطة من حيث التطور التكنولوجى، كالفسفور الأبيض الممنوع من الاستخدام فى كل الحروب، ولكنها كبيرة من حيث حجم الدمار والخسائر البشرية التى تخلفها، ناهيك عن مئات الرؤوس النووية التى تمتلكها .
ملف إيران النووى أثار ضجة لا أول لها ولا آخر، ملف بدائى من حيث التطور ولا يتعدى الواحد فى المائة من تطور الترسانة العسكرية الإسرائيلية، بغض النظر عما إذا كانت الغاية من برنامج إيران النووى استخدامه سلميا أو حربيا، فإن هذا لا يعطى الدول الكبرى مبرراً وذريعة فى أن تقوم بتجاهل ترسانة دولة الاحتلال النووية.
قبل عدة أيام قامت إيران بإطلاق مركبة فضاء بصاروخ إيرانى الصنع، مما أثار حفيظة وتخوف الأمريكيين والأوروبيين، وحتى الإسرائيليين من هذا التقدم فى مجال الفضاء، رغم إعلانها أن هذا يأتى فى سياق الأبحاث العلمية وفى مواجهة أيضا مركبات التجسس عليها، أى إيران التى أطلقتها قبل ذلك دولة الاحتلال الإسرائيلى، فهل سيبقى التعامل بمكيالين، هو السائد فى هذا الملف.
المجتمع الدولى يطالب، بأن تكون منطقة الشرق الأوسط منطقة خالية من الأسلحة المحظورة وعلى رأسها النووية، أليست دولة الاحتلال الإسرائيلى تقع فى قلب الشرق الأوسط؟، الجواب نعم، ولكنها من وجهة نظر الولايات المتحدة الأمريكية فوق القانون ويحق لها امتلاك كل أنواع الأسلحة للدفاع عن نفسها!! ولا يجب أن يتم التعامل معها كباقى دول الشرق الأوسط أو حتى مثل كوريا الشمالية لسبب ما، فقد يكون مصالح مشتركة أو حتى ضغوط من اللوبى الصهيونى.
توجد بعض المؤشرات، والتى تقول إن الإدارة الأمريكية فى عهد الرئيس الجديد باراك أوباما لن تكون كإدارة بوش من حيث انحيازها الأعمى لدولة الاحتلال الإسرائيلى، وهذا ما دعا الإسرائيليين إلى التخوف من الإدارة الجديدة من حيث فرض بعض الحلول عليهم لم يكونوا موافقين عليها من ذى قبل بخصوص العملية السلمية مع الفلسطينيين، ولكن أحدث المؤشرات أيضا تقول، إن الإدارة الأمريكية الجديدة رغم إعلانها عن أنها سوف تخوض فى محادثات مباشرة مع إيران، إلا أنها لن تغير بشكل كبير وجدى موقفها من الملف النووى الإيرانى، وأيضا لن تحاول الخوض والمغامرة فى الملف النووى الإسرائيلى لأسباب كنت قد ذكرتها سابقاً.
وباختصار الحديث يكفى الإشارة والقول هنا إلى تلك الضجة والجلبة التى صاحبت إعلان إيران فى السابق عن بدئها فى تخصيب اليورانيوم لأغراض سلمية، وأيضا بعد إعلانها قبل عدة أيام إطلاق مركبة فضاء على صاروخ إيرانية الصنع، وتعامى كل تلك القوى عن امتلاك دولة الاحتلال الإسرائيلى مئات الرؤوس النووية وإطلاقها أيضا عدداً من مركبات الفضاء التى تعمل على التجسس على دول المنطقة، وخاصة على إيران، أليس من الأولى ملاحقة دولة الاحتلال الإسرائيلى ومتابعة ملفها النووى؟، وهل يحق لها وهى الدخيلة والمصطنعة على المنطقة امتلاك ما لا يحق لدول أخرى وجودها شرع من امتلاكه؟
