عندما انتشرت ظاهرة الإرهاب فى مصر، فى عقد التسعينات، وسعت الحكومة إلى تجفيف منابعها، وذلك بتقديم خدمات إلى المناطق العشوائية، التى فرخت الإرهابيين، وذلك كتوصيل المياه والكهرباء والصرف الصحى، يومها خرج المواطنون يرددون "نحن نشكر الإرهاب"، لأنه وضعهم على خريطة اهتمامات المسئولين، واليوم وبعد الهجمة الإسرائيلية الشرسة على غزة، هبت الأنظمة العربية لمواجهة حرب الإبادة هذه بعدد من المؤتمرات، فرأينا مؤتمر الدوحة ومؤتمر وزراء الخارجية بجامعة الدول العربية ومؤتمر الرياض ومؤتمر الكويت ومؤتمر شرم الشيخ، أى أن الأرض العربية طرحت مؤتمرات، وكأن الزعماء اتفقوا على توفير مؤتمر لكل مواطن بعد أن وفروا وطناً لكل مواطن، ومن هنا وبعد النجاحات التى جاءت نتيجة للحرب على غزة، فإن إسرائيل لها كل الحق فى ضرورة خروجنا نحن العرب لنهلل ونكبر ونسبح بحمدها، ونردد ونحن على قلب رجل وامرأة، "نحن نشكر إسرائيل"، وحتى نجنى كل الثمار، فإنه علينا تعيين أكثر من أمين عام للجامعة العربية، وذلك لكثرة المؤتمرات وتعارض مواعيدها، فنجد أميناً عاماً لتغطية منطقة بلاد الشام، وأميناً عاماً لمنطقة الخليج، وأميناً ثالثاً للقرن الأفريقى، ورابعاً لمصر والسودان، هته وهده، وأميناًً عاماً للمغرب والعشاء والفجر، "أقصد للمغرب العربى"، وفى حال عدم وجود مؤتمرات، يعمل الواحد منهم مندوباً للمبيعات، فهو ليس أقل وطنية من ولاد وبنات الصين فى بلادنا، هذا ومن النتائج الهائلة لمؤتمرات الحرب على غزة ظهور المؤتمرات متعددة الأغراض، مثل غسالة الأطباق التى تغسل الملاعق والشوك والسكاكين، إذ أن المؤتمر الاقتصادى بالكويت، والذى ناقش أيضاً الحرب على غزة على هامشه يمثل بداية موفقة للفكرة، وبالتالى يمكن للعرب فى مؤتمراتهم القادمة مثلاً مناقشة قضية تحرير العراق على هامش مؤتمر الأغنية الشبابية بعد شفيق جلال وشعبان عبد الرحيم، ومناقشة القضية الفلسطينية على هامش مؤتمر البعد الميتافيزيقى فى قصيدة النثر العربية، ومناقشة قضية دارفور على هامش مؤتمر تسويق البطاطا البيضاء، ومناقشة قضية تحرير الجولان على هامش مؤتمر كشف ملابسات مقتل نادين وصديقتها، ومناقشة قضية القرصنة بالبحر الأحمر على هامش مؤتمر هزيمة الزمالك أمام تراب أسيوط "أقصد أسمنت أسيوط"، هذا ولإيجاد مصادر دخل جديدة يتم الإنفاق من عائدها على كل هذه المؤتمرات، فإننى أقترح إتاحة الفرصة للمواطنين العرب لأخذ صور تذكارية مع الزعماء بمقابل مادى يحدده الوزير بطرس غالى، حيث لكل زعيم سعر يتناسب وأهميته، كما أن الصورة مع الزعيم واقفاً غير الصورة معه جالساً غير الصورة معه مضجعاً غير الصورة معه منبطحاً، ربما يتبارى الزعماء من أجل زيادة الدخل، فنجده يعرض على المواطن استعداده للصورة عارياً، كما ولدته مامته، لم لا وقد ظهرت الزعامات العربية بفضل الحرب على غزة ظهرت عارية ملط واللى ما يشترى يتفرج.
عمرو موسى
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة