"آثار مصر الإسلامية فى عصر الولاة"، "الفلسفة فيما بعد الحداثة" "الفينومينولوجيا .. الظاهراتية والعلوم الإنسانية" لا تجهد نفسك عزيزى القارئ فى تخيل معانى تلك الجمل السابقة، فما هى إلا عناوين لندوات المجلس الأعلى للثقافة ذلك المكان الذى يوكل إليه نشر الثقافة بين صفوف الشعب، وهو ما يجعل قاعات المجلس خاوية من الجمهور الحقيقى، باستثناء بعض المثقفين يغرق بعضهم فى نوم عميق ارتفعت معه أصوات "الشخير" لتغطى على أصوات المحاضرين أنفسهم.
وتتعجب حين تقرأ توصيف دور المجلس الأعلى للثقافة على موقع الوزارة، بأنه "يعمل على تيسير سبل الثقافة للشعب وتعميق الديمقراطية الثقافية، والوصول بها إلى أوسع قطاعات الجماهير مع تنمية المواهب فى شتى مجالات الثقافة والفنون والآداب وإطلاع الجماهير على ثمرات المعرفة الإنسانية وتأكيد قيم المجتمع الدينية والروحية والخلقية".
والتهمة السهلة التى يلقى بها المثقفون والقائمون على تنظيم الندوات، لتبرير غياب الجمهور عنها ومتابعة الفعاليات الثقافية، "أن الجمهور سلبى ولا يفرض مستوى الثقافة التى يريدها على وسائل الإعلام".
ففى ندوة "النقد الأدبى ووسائل الإعلام" التى عقدت بالمجلس، ألقى المثقفون باللائمة على المتلقى أو القارئ السلبى الذى يبقى مكتوف الأيدى أمام وسائل الإعلام التى تهمش الجانب الثقافى ولا تعطيه حقه، بعبارة "سلبية الرأى العام تدفع الأمور إلى حافة الهاوية"، وسلطة الرأى العام فى الضغط من أجل الحصول على رسالة إعلامية هادفة، ولكنه لم يتطرق إلى مدى جاذبية المحتوى الثقافى الذى تقدمه وسائل الإعلام.
22 لجنة ثقافية متخصصة فى مختلف فروع الفنون والآداب والعلوم الاجتماعية يفترض أنها تقوم بدراسة مناخ العمل الثقافى وتذليل الصعاب والمعوقات التى تقف أمامه، ولكنها بالفعل لا تعقد إلا ندوات شديدة التخصص يصعب على الجمهور العادى فهمها، الأمر الذى يجعل الجمهور الذى يحضر الندوات من أساتذة الجامعة والمتخصصين فقط فى موضوع الندوة.
"الحياة الثقافية فى وادٍ وندوات المجلس فى واد آخر" قال شعبان يوسف مؤكداً أن اللجان بالمجلس لا تهتم بتفعيل الحياة الثقافية فى مصر، مما جعل البساط يسحب من المجلس الأعلى للثقافة لصالح الندوات التى تقيمها دور النشر الجديدة وأتيليه القاهرة وحزب التجمع. وأضاف أن الموضوعات التى تطرحها الندوات موضوعات نخبوية ولا تشتبك مع الحياة الثقافية فى مصر.
بعض المثقفين رفضوا الاعتراف بأن مهمة المجلس الأعلى للثقافة هى نشر الثقافة بين فئات الشعب، فقد اعتبر الشاعر محمد إبراهيم أبو سنة ندوات المجلس تناقش الإبداع الفكرى بمستواه الرفيع، وأن ذلك يتطلب جمهوراً يتمتع بمستوى تعليمى عالٍ، وأشار إلى أن تدهور مستوى التعليم فى مصر جعل الثقافة تبدو كما لو كانت مطلباً للنخبة فقط.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة