وفيق السامرائى يكتب: أين حققت الإمدادات الغيبية النصر الإلهى؟

السبت، 07 فبراير 2009 05:05 م
وفيق السامرائى يكتب: أين حققت الإمدادات الغيبية النصر الإلهى؟  الثقافة الخمينية تم فرضها على البلاد العربية
وفيق السامرائى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

لم لا؟ ألم يُفرض مصطلح النصر الإلهى على الثقافة العربية مترجماً من مصطلحات الثقافة الخمينية؟ وهل يعقل أن يتحقق كل ما تحقق من دون إمدادات غيبية توجت النصر الإلهى لنظرية "الولى الفقيه"، وما عليهم إلا إفشال صلح الكويت.

وهذه حزمة من مؤشرات النصر:
ألم يكن نصراً أن يصبح اسم إيران متداولاً أكثر من أى دولة أخرى من دول العالم الثالث، بصرف النظر عن حالة السمعة؟، وألا يعنى أن الثقافة الخمينية تنتشر؟. وألم يستطع فيلق أطلق عليه اسم "القدس" زيفاً، مع من يقف معه من الإطلاعات من التغلغل فى قلب العالم المستهدف (العربى)، وعدده البشرى لا يحتمل معركة ساعة! إذاً سيبرز من يقول: إنهم فتية آمنوا .. فزادهم..، والعياذ بالله.

المطلوب إيرانياً هو كسب الوقت لمصلحة البرنامج النووى، وهذا يتطلب إشغال العالم بضربات متناوبة مرة هنا وأخرى هناك، وتفكيك العلاقات بين الدول العربية، وكسب تعاطف "وليس عطف" الشعوب العربية، مع العقيدة العنصرية الخمينية، للتحرك ضد قياداتها وحكوماتها والتشكيك فى شرعيتها، وأن يصبح زعيمها إيرانياً وليس عربياً. وأن تشغل إسرائيل عن خطط معالجة البرامج النووية. وأن يشغل بال الدول الغربية عن طرق المعالجة اللازمة، وأن توجه مخابراتها الجهد صوب الأزمات المتفجرة، وأن يشعر العرب والغرب بأن التصدى للمشاريع الإيرانية ليس نزهة.

تمكنت إيران من تكوين قاعدة فى جنوب لبنان، وإظهار حماس برغم التباينات كأنها أداة بيدها، أو صبغتها عمداً بهذه الصبغة، بحكم الظروف والمعطيات. فكانت حرب تموز 2006 فى جنوب لبنان وحرب غزة، مع اختلاف فى المعطيات والأسباب والغايات.

وبالحربين أُشغلت الدول العربية، فإيران تصعد إعلامياً وتدفع مبالغ وصواريخ تعطى مبررات الحرب أكثر مما توقع فى الطرف الآخر من خسائر، حيث لم يوقع أكثر من 700 صاروخ سوى 3 قتلى! طبقاً للبيانات الإسرائيلية، فيما تحمل اللبنانيون والفلسطينيون آلاف الخسائر البشرية، والفاتورة المليارية على الدول العربية، التى لولا مواقفها الكريمة لبقى الخراب شاخصاً لعشرات السنين فى لبنان وغزة. ولا شك أن المخططين فى طهران، سعداء، فى ما يعتقدون أنه استنزاف للخزائن العربية، ويعتبرونه نصراً إلهياً، لكنهم مخطئون فالخير كثير، ويبرهن تحريكه هذا قوة الروابط.

فيلق الجهلاء
كيف لا يكون النصر إلهياً، وقد تحول العراق إلى مرحلة الدفاع عن الوجود والهوية وصرف طاقاته للمحافظة على وحدته، بدل أن يسرع بإعادة بنائه ليكون قوة فاعلة فى المعادلات الإقليمية والدولية؟. كيف لا وقد خدع "نفر" من القوميين والإسلاميين السياسيين فى بعض الدول العربية بإيجابية الدور الإيرانى وصدقوا مروجيه، تأسيساً على مصالح ضيقة مؤقتة، أو منفعة بخسة قصيرة الأمد؟.

كيف لا؟ وقد مر تخوين "الولى الفقيه" للعرب من دون رد قوى؟ وسكت "المتفيقهون" وتجار البازار الدعائى عن سلبية المواقف الإيرانية، وصبوا جام غضبهم على من أطلقوا عليهم مسميات الرجعية والارتجاف والعمالة والتخاذل والاستسلام والقبول بالهوان .. وهم قاعدون أمام فتات الموائد، متسولون أو مسحور لهم بسحر قادم من بطون كتب مليئة بصفحات الغدر والخداع؟ يا لبؤس حالهم.

كيف لا وفيلق الجهلاء (القدس) يتحرك فى أفغانستان وباكستان والعراق واليمن والبحرين وأخواتها، وتمادى أسياده حتى توهموا أنهم قادرون على التغلغل فى مصر لضرب العرب فى قلبهم، فصدموا بالموقف الهادئ الدؤوب للقيادة المصرية وبتصدى أبنائها فى المؤسسات المختصة، ومن حملة الأقلام الحرة الأصيلة، وشعب مصر وحماتها من جنرالات وجنود، لصلال الأفاعى القادمة من جحورها البعيدة، ليثبتوا أنها مصر، وليطالبوا من أطلق الصلال بأن يرفع يده عن بلاد العرب. ثم الطلب الحاسم بوقف العمل العسكرى الإسرائيلى، الذى لم يستغرق النظر للإيجاب به إلا بضع ساعات.

ثم كيف لا يكون نصراً إلهياً، أن يصدر نظام متخلف بضاعته الدعائية والسياسية خارج دائرة ظلمه المحلى، ويسكت العرب عن مظالم القمع لملايين العرب فى الأهواز وتغيير معالم وجودهم وتبديل مسميات مدنهم:
المحمرة إلى خرمشهر، والحميدية إلى آزادكان، والخفاجية إلى سوسنكرد؟!. فعلام تغيير الأسماء لو كان الشرع الصحيح طريقاً والإنسانية فكراً؟ والعرب ساكتون والمطالبون بحريتهم من عرب الأهواز كأنهم أيتام فى بلاد يتغنون بأسمائها!. وربما يأتى يوم تفرض فيه تسمية "أروند رود" على شط العرب.
إنها مؤامرة كبرى، وإحدى كبائرها تكمن فى أن من بؤس الزمان أن تأخذ كل هذا الوقت، وأن تصل إلى مناطق خارج حدودها المفترضة.

المطلوب عربياً
وما المطلوب عربياً أولاً ثم دولياً؟
قبل كل شىء، أن يدرك المثقفون والكتاب والصحفيون أن مسئوليتهم تاريخية، وتشكل المرحلة الأولى لبناء خطط الحلول، وأن يقولوا ما يؤمنون به فى ضوء الحقائق والاستنتاجات المبنية على الدراسات، خصوصا وقد توقفت حرب غزة الأليمة. وألا يعيروا اهتماما لبضعة كمبيوترات على خطوط الإنترنت بأدوات مدفوعة الثمن، أو ضجيج فى وسيلة وأخرى.

وأن يجرى تعزيز خطوة قمة الكويت التوحيدية، وأن يُعمل على تحديد الأسبقيات وفق مخاطرها، وأن يدرك الجميع أن القضية الفلسطينية لم تعد هى الشاغل الوحيد للعرب، فالزخم الإسرائيلى تضاءل إلى حد كبير، وباتت معالجته ممكنة سياسياً. أما الحديث عن تدمير إسرائيل فلا نتيجة له غير الدمار.

ويمكن القول من دون مواربة أو تردد، إن الاستراتيجية الإيرانية المعتمدة حالياً، تمثل مصدر التهديد الرئيسى لأمن العرب والعالم، وتقع على المؤسسات ذات الصلة، مسئولية متابعة الدور الإيرانى بأسبقية عالية، من دون الاكتفاء بالمعلومات الرقمية عن عدد المعدات القتالية، فليست العبرة فى معرفة كم دبابة وصاروخا ومدفعا يمتلك هذا الطرف أو ذاك. وفى ضوء الحقيقة التى يبدو محرجاً قولها، على الطرف الفلسطينى أن يدرك أنه لم يعد ممكناً رهن المستقبل العربى فى المحيط الفلسطينى، لأنهم إن بقوا كذلك فسيواجهون وقائع خطيرة. وهذا يتطلب أن يقدر الفلسطينيون حدود ما يمكن أن يقدم لهم مستقبلاً، كى لا يضعوا أنفسهم أمام خيارات معقدة.

اللهم لا نصر إلا نصرك، فلا تجعل النصر من نصيب من يريد بالناس السوء، واجعل دائرة السوء عليهم تدور، وأرشد فريق الحق إلى طريق الصواب.

* نقلا عن القبس الكويتية






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة