مع بداية ظهور الأزمة المالية العالمية، سارعت وزارة الإسكان بعقد الاجتماعات وإجراء المشاورات مع شعبة الاستثمار العقارى، لوضع الإجراءات اللازمة التى تكفل حماية هذه الشركات من تأثيرات الأزمة.
وفى غمار هذا الانشغال، تناسى الجميع التفكير فى أمر العملاء الذين من الممكن أن تستغلهم هذه الشركات، خاصة وأن معظمها تستغل أموال الحاجزين سواء فى بناء مشروعاتها أو ضخها فى مشروعات أخرى بعيدة عن مجال الاستثمار العقارى، وقد تباينت آراء الخبراء حول المشكلة..
البداية كانت من خلال الدكتور رضا حجاج، خبير التخطيط العمرانى بجامعة القاهرة، والذى قال: على الرغم من أننا استوردنا جميع التجارب الاقتصادية فى القطاع العقارى- من الخارج- إلا أن تجربة دبى تستحق أن نتوقف عندها لو قليلا، فحكومة دبى تدرس حاليا اتخاذ بعض الإجراءات الاحتياطية ضد استغلال بعض الشركات للأزمة المالية والسير فى ركابها أو اتخاذها كذريعة تبرر بها أفعالها تجاه العملاء
ويضيف حجاج: تضمنت هذه الإجراءات عدم السماح للمستثمرين العقاريين والشركات العقارية بفتح أبواب الحجز فى مشروعاتهم الإسكانية، إلا بعد الانتهاء من دفع قيمة الأرض المقام عليها المشروع أو الانتهاء من تنفيذ 25% من حجم الأعمال لضمان جدية الشركات فى تنفيذ المشروعات، ويؤكد حجاج أن السوق المصرى فى أمس الحاجة لهذه التجربة.
خاصة وأن هناك العديد من الشركات لاتملك من المشروع سوى اسمها والأرض التى يبنى عليها المشروع، والتى غالبا ما يتم دفعها فى صورة أقساط، تمول من حجم مبيعات الشركة للعملاء.
والسؤال الذى طرحناه على الدكتور حجاج عما إذا كان هناك عجز فى التشريعات القانونية التى تكفل حماية حقوق المواطنين، وجاءت الإجابة بأن هناك العديد من القوانين التى تكفل ذلك ولكن معظمها لايفعل، لافتا إلى أن معظم شركات الاستثمار العقارى تستعين بالعديد من خبراء القانون لاكتشاف معظم الثغرات القانونية التى تجعلهم بمنأى عن المسئولية تجاه العملاء، فضلا عن طوال إجراءات التقاضى التى تجعل حاجزى الوحدات السكنية تحت رحمة هذه الشركات.
ويرى أن أفضل الحلول من وجهة نظره هو أن يكون هناك عقد موحد بين العميل والشركة، على أن تكون إحدى الجهات الحكومية طرفا فيه بالإضافة إلى التوعية الكاملة للمواطنين بدلا من الاندفاع وراء الإعلانات المضللة لتلك الشركات. ومن زاوية أخرى، أكد الدكتور سيف الدين فرج خبير الاقتصاد العمرانى، أن جوهر المشكلة يتمثل فى أن أغلب الشركات العقارية تعتبر أموال الحاجزين مصدرا أساسيا لتمويل مشروعاتها، وهذا بسبب أن البنوك لاتوفر القروض لهذه الشركات لتنفيذ مشروعاتها، بالإضافة إلى السوق العقارى المصرى باستثناء 5أو 6 شركات أسهمها مطروحة فى البورصة، الأمر الذى يوفر لها الأموال اللازمة لتمويل مشروعاتها دون الاعتماد بشكل أساسى على أموال الحاجزين.
ويرى الدكتور سيف أن تفعيل دور جهاز حماية المستهلك فى السوق العقارى ضرورة تفرضها الظروف الاقتصادية، خاصة وأن ارتفاع أسعار مواد البناء وانخفاضها يحدث بصورة فجائية بالنسبة للسوق، فعقود الوحدات التى تم حجزها بأسعار قديمة من سنوات ارتفعت أسعار الوحدات السكنية المجاورة لها أضعاف مضاعفة، مما أدى إلى أن هناك العديد من الشركات ترغب فى التخلص من الحاجزين السابقين بأى طريقة.
وبصفة عامة، يرى سيف أن أى شركة غير مؤهلة لتمويل مشروعاتها بنفسها غير مؤهلة للحفاظ على أموال الحاجزين، وميزة أخرى يوفرها اعتماد الشركة على رأسمالها فى تنفيذ مشروعاتها تتمثل فى تحديد السعر المناسب للبيع بعد حساب التكلفة الحقيقية، وتحديد هامش الربح بدلا من الإضرار إلى رفعه أو خفضه وفقا لأسعار مواد البناء، الأمر الذى يسبب مشكلات عديدة مع العملاء.
فيما يرى الخبير القانونى الدكتور إبراهيم درويش أن الأساس يبن البائع والمشترى هو العقد وينبغى أن يقوم العميل أو المشترى بمراجعة البنود الموجودة بالعقد، لافتا إلى أن معظم المشاكل التى تحدث بين الشركات العقارية، والعملاء تكون قاصرة على الوحدات التى يتم بيعها بنظام التقسيط، وفى هذه الحالة تضع الشركات العديد من الشروط المجحفة بالنسبة للعميل، ومع ذلك يؤكد درويش أن القانون لايجيز فسخ العقد من طرف واحد.
