58 عاما هى عمر مجدى أحمد حسين، أمين عام حزب العمل – المجمد- قضى منها 41 سنة معارضا للنظام وكل ما يقوم به من إجراءات، آخرها ما يتعلق بالموقف من غزة، والذى اتهم فيه حسين النظام بالشراكة مع إسرائيل فى عدوانها ضد أهل غزة، وعليه شد رحاله إلى غزة أثناء إلقاء القنابل والغارات الإسرائيلية على الحدود ومنطقة رفح، وهو يعد من أشرس الناس معارضة للتطبيع وبدأ حياته فى النضال ضد هزيمة 1967 رغم أنه كان يحب جمال عبد الناصر.
لا يعرف أحد كيف دخل حسين إلى غزة، فرواية زوجته ومحاميه تقول إنه دخل من معبر رفح أثناء تجمع عدد من الفلسطينيين، وخلال لحظة هرج ومرج وفوضى عبر وتاه وسط الغزاوية، أما رواية الأمن ومصادر سيناوية فتقول إنه تسلل عبر أحد الأنفاق بين رفح المصرية ورفح الفلسطينية.
أياً ما كانت الطريقة التى دخل بها حسين إسرائيل، فإنه مثل أمس، الخميس، أمام محكمة عسكرية بالإسماعيلية بتهمة اختراق الحدود والتسلل إلى دولة أخرى دون المرور من القنوات الشرعية، واختراق قرار جمهورى صادر عام 1995، لكن حسين يعتبر أن ما قام به لا يعد تسللا، ومبرره فى ذلك أن الحصار المطبق على شعب غزة غير شرعى وغير قانونى، وأن زيارته للقطاع نوع من التضامن مع غزة التى قال إنها "باسلة وشعبها مقاوم"، وإن زيارته كانت لدعم المقاومة هناك.
وينتظر حسين السجن ما بين سنة إلى ثلاث سنوات إلى جانب غرامة مالية، لكن هذا فى حال الاكتفاء بالتهمة لاختراق الحدود دون إذن رسمى، أما إذا كان تم محاسبته بتهمة واحدة من التهم التى تم توجيهها لأعضاء من الإخوان المسلمين كانوا زاروا غزة وقت اختراق الجدار الفاصل والحدود يناير 2008 ومنها تكوين بؤر جهادية تابعة لحماس والمشاركة فى تدريبات عسكرية لحركة حماس، فإن مصيره سيكون من الصعب التكهن بنتائجه، ومع هذا فحسين قال فى التحقيقات "أنا مستعد للحبس والسجن إذا كان ذلك سيكون سببا فى فتح المعبر أمام أشقائنا المحاصرين فى قطاع غزة".
فالنضال فى حياة حسين يعود إلى 41 عاما عندما انضم للحركة الطلابية بجامعة القاهرة عام 1968 وقت أن كان طالبا بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية، حتى أنه ترك العمل كمذيع بإذاعة صوت العرب ومنصب مستشار وزير الإعلام ليرافق عمه عادل حسين فى حزب العمل وجريدة الشعب حتى وصل إلى رئاسة تحريرها.
ومنذ أن وصل إلى رئيس التحرير للشعب تميز بقيادة حملات ضد وزراء الداخلية، منهم حسن الألفى ووزير الزراعة يوسف والى ووزير الثقافة فاروق حسنى، وله مع كل وزير منهم علامة مميزة سواء عندما دخل السجن عام 1999 بسبب قضية المبيدات المسرطنة، والتى تم فتح التحقيق فيها مؤخرا وأثبتت التحقيقات صحة ما قدمته الشعب.
وكانت كتاباته فى الشعب عام 2000 ضد رواية وليمة لأعشاب البحر ووزير الثقافة سببا فى غلق الجريدة وتجميد الحزب، ومع هذا ناضل وواصل إلى أن حصل على 13 حكما قضائيا بعودة الجريدة ولكنها لم تعد، بل قاد نضالا لحزبه ضد أبناء إبراهيم شكرى رئيس حزب العمل ومجموعة قالوا إنهم يرفضون التوجه الذى يقوده حسين فى الحزب، حتى أصبح لا أحد يعرف حزب العمل إلا بمجدى أحمد حسين، والذى أصبح لديه من الطقوس والعادات التى لم يستطع أى من الأحزاب أو الجماعات القائمة أن يستمر عليها طيلة السبع سنوات الماضية، حيث انتزع حق التظاهر فى صحن الجامع الأزهر كل يوم جمعة مهما حدث من تهديدات واعتقالات ومحاصرة ومنع المصلين.
حسين تم التحقيق معه لأكثر من مائة مرة فى نيابات القاهرة والمحافظات، مرة لمشاركته فى إضراب 6 أبريل، ومرة لمشاركته فى مظاهرة بالمنصورة، وعشرات المرات وسط القاهرة لهتافاته ضد النظام وضد الحكومة التى يرى أنها طوال 30 عاما لم تقدم إلا جوع وفقر وحصار وفساد للشعب.
حسين يتميز أنه خطيب مفوه، ومنذ أن كان عضوا بمجلس الشعب بين عامى عام 1987 حتى 1990وهو يهاجم النظام والقيادة السياسية بشدة، سواء من خلال الصحف أو الندوات والمؤتمرات التى لا يتغيب عنها، وتحت أى راية ولأى تيار، فهو عضو فى لجنة الدفاع عن سجناء الرأى وعضو اللجنة التنسيقية للقوى السياسية وممثل حزب العمل فى الجبهة الوطنية للتغيير، وكذلك فى اللجنة الشعبية لفك الحصار، وغيرها من الائتلافات المعارضة، وكان أيضا عضوا فى اللجنة التنسيقية لحركة كفاية وأحد أعضائها المؤسسين، بل ويكتب مرارا مقالات لاذعة ويوزعها من خلال موقع صحيفة "الشعب" الإلكترونى، وتنظر إليه الحكومة على أنه "يقود التيار المتشدد فى حزب العمل".
ويعتبر حسين نضاله وأى عمل سياسى يقوم به أيا كان عبادة، ويكتفى بأنه برضى ضميره، ويتمنى اليوم الذى يصل فيه تيار من المعارضة للسلطة ليحاكم رؤوس الفساد ويرد الأموال للشعب حسب رؤيته، ويردد دائما أن المعارضة قدمت الكثير ويكفى أنها أصبحت قدوة للوطن العربى، فالإضرابات والدعوات للعصيان المدنى التى بدأت فى مصر انتشرت فى الوطن العربى كله، ولديه تأكيد أن النظام يحتضر وسيسقط قريبا، وأن المعارضة ستشكل ائتلافا وطنيا يتولى الحكم لمدة عام أو عامين حتى تستقر الأوضاع، ثم يتم إجراء انتخابات ديمقراطية حقيقية وتعود مصر لسيرتها الأولى خلال سنوات قليلة.
تعرض حسين الذى اقترب من جماعة الإخوان طوال عقدين، تعرض للجماعة بالنقد اللاذع خلال الفترة الماضية، وطالبهم بأن يقوموا بثورة وأن يخرجوا للشارع ولا يهابوا النظام، حتى أنه صرح فى أحد التظاهرات أمام نقابة الصحفيين فى اليوم الثالث للعدوان الإسرائيلى أن عشرة آلاف استشهادى من الإخوان يجهزون ليدخلوا غزة للمقاومة، وهو ما أسرع الإخوان إلى نفيه بل وإبعاد حسين عن الميكروفون لعدم إحراجهم، كما قال بعض القيادات التى حضرت المظاهرة، وفى مظاهرة أخرى أيضا انتقد الجماعة ووجه نداء بالقيام بالعصيان المدنى والاستقالة من البرلمان.
حسين كان ينتظر أن يدخل غزة أو على الأقل أن يشارك الفلسطينيين فى معاناتهم، حتى أنه قال "لا أتصور أن تكون صلاتنا أو صيامنا مقبولة عند الله سبحانه وتعالى ونحن نترك أخوتنا فى الدين يحاصرون على يد حاكمنا والذى يفعل هذه الجريمة باسمنا وباسم الأمن القومى المصرى"، وقال أيضا ردا على الكتاب والصحف القومية وموقف الإعلام الحكومى تجاه غزة "لا فرق بين مصر وغزة ومن يكره مصر يكره غزة ومن يحب مصر يحب غزة".
مجدى حسين عضو نقابة الصحفيين لن تتركه النقابة فى محنته، حسب قول مكرم محمد أحمد نقيب الصحفيين، لتقديم كافة أشكال المساندة القانونية وإيفاد محامى للدفاع عنه أمام المحكمة، بحضور أحد أعضاء مجلس النقابة.
يعتبر نضاله السياسى عبادة..
مجدى حسين يرحب بالسجن مقابل فتح "رفح"
الجمعة، 06 فبراير 2009 11:19 ص