علامات استفهام كثيرة أثيرت حول قبول إسرائيل بدخول المساعدات إلى قطاع غزة، عبر منفذ العوجة وسط سيناء، بينما رفضت مرورها من معبر كرم أبو سالم المجاور لرفح، رغم أن المسافة من العريش إلى العوجة أكثر من ضعف المسافة من العريش إلى رفح.
اليوم السابع تتبع رحلة العذاب التى تقوم بها شحنات المساعدات إلى غزة، عبر منفذ العوجة البرى.. الطريق وعر، فى منطقة جبلية مليئة بالعقبات والأكمنة، تعرف باسم "وادى العمر"، كما أنه يقع فى معقل قبيلة "الترابين"، ثانى أقوى القبائل فى سيناء التى كثيراً ما تقع فى نزاعات مع الأمن أو مع القبائل الأخرى بشكل يجعل الرحلة محفوفة بالمخاطر فى كل لحظة.
منفذ العوجة، مخصص لنقل البضائع من وإلى إسرائيل، ومن خلاله يمكن التعرف على الشركات المصرية التى تتعامل مع إسرائيل أو العكس. انطلقت السيارة من العريش.. على يميننا المطار الذى يواصل استقبال الطائرات وعلى اليسار مزارع الزيتون السيناوى، وبعد قرابة 25 دقيقة انحرفت السيارة إلى اليسار بعد المرور على كمينيين، لتبدأ معالم الحدود المصرية الإسرائيلية فى الظهور.. قاطع سائق السيارة تفكيرى متسائلاً: ألا تلاحظ الفرق؟ قلت مندهشاً: لا، فقال: الحدود الإسرائيلية مزروعة بالثمار كما ترى، لكن المصرية جرداء.
إسرائيل تستغل كل شىء، المياه الجوفية على الحدود تستغلها ونحن حفرنا بضعة آبار فقط تزرع مائة فدان من الزيتون والخضروات والباقى لا شىء. طوال الطريق تمر بنا سيارات النقل الكبيرة المحملة بالمساعدات الغذائية إلى العوجة، حيث طابور طويل من الشاحنات تنتظر، ورغم ضيق الطريق إلا أنه يتسع بالكاد لسيارتين.. حدثنى السائق قائلاً: الطريق مشغول الأيام الحالية فقط بسبب الأزمة الفلسطينية، لكن فى الأيام العادية الأمر بسيط، بعض السيارات التجارية تصل من وإلى العوجة بسهولة.
قبل منفذ العوجة، تقع قرية "وادى العمر".. منازل على اليمين ومحطة كهرباء ومدرسة على اليسار، الحدود المصرية الإسرائيلية مكشوفة السلك الشائك، وسيارات دولية تتحرك من نقطة تتبعها أمام منفذ العوجة مباشرة.. أخيرا وصلنا إلى العوجة، اقتربنا من بوابة المنفذ الرئيسى، وجاء الحارس قلنا له نريد مقابلة المدير، قال أيهما العسكرى أم المدنى؟ وقبل أن نجيب، قال انتظروا.. وبعد قليل جاء مقدم شرطة يدعى عبد الرحمن، قال ممنوع الدخول ولا الحديث عن المنفذ ولا أى حاجة بل رفض أن نقابل المدير المدنى من هيئة الموانئ المصرية لنتعرف منه عن أسباب تأخر دخول الشاحنات إلى الجانب الإسرائيلى، وأهم الشركات التى لها علاقات تجارية مع إسرائيل ووسائل الأمان لمنع دخول شاحنات إسرائيلية مشعة لمصر كما حدث من قبل.
سألت عددا من سائقى الشاحنات على البوابة من الجانب المصرى، قال أحدهم أنا انتظر منذ أمس فى السيارة، انتظارا للدخول.. كل شئ بالدور. وقال الآخر: أنا وصلت منذ قليل ويبدو أن العملية "هتطول"، لكن المهم ادخل الحليب، معى شاحنة حليب أطفال ولابد أن تدخل بسرعة بعد الانتظار قرابة 5 أيام فى استاد العريش انتظارا أيضا للدور.
سائق آخر يجلس بجوار الشاحنة يدخن الشيشة التى يحملها فى سيارته، قال أنا منتظر لحين أن يسمحوا لنا بالدخول المهم العداد بيعد وخلاص، لم أفهم مقصده أو فحوى كلامه لكن أيقنت أنه لا يبالى بما يدور حوله، وعلمت قبل أن نتحرك أن أكثر من 5 آلاف طن من المساعدات العربية لا تزال فى المنفذ انتظار لسماح إسرائيل بدخولها. نظرنا إلى الشاحنات المكدسة بالداخل وإلى الحدود المصرية الإسرائيلية ثم عدنا إلى قرية وادى العمر، احتسينا الشاى عن أحد مشايخها وعدنا إلى العريش مرة أخرى، فعبور العوجة درب من الخيال.
إسرائيل سمحت بعبور المساعدات عبر منفذ العوجة.. أصعب الطرق إلى غزة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة