هدرا جرجس: الأدب عادة سيئة أتمنى التخلص منها

الثلاثاء، 03 فبراير 2009 08:40 م
هدرا جرجس: الأدب عادة سيئة أتمنى التخلص منها الروائى هدرا جرجس فى حوار مع اليوم السابع
حاورته دينا عبد العليم

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كاتب أسوانى رأى حلما، وهو أنه كان يمشى فى الشارع وهو عاريا تماما دون أن يعلم أنه كذلك، وفجأة اكتشف الأمر وفكر فى الرجوع لبيته، لكن كيف سيعود؟ وكل الناس موجودة بالشارع وتنظر إليه، هذا هو الحلم الذى رآه هدرا جرجس، وضمنه فى روايته "مواقيت التعرى" التى كتبها عام 2000، وقدمها للهيئة العامة لقصور الثقافة، فطلبت منه الهيئة ست نسخ بالإضافة للنسخة المقدمة وصورا شخصية، لم يهتم "هدرا" بالأمر ولم يرسل باقى الأوراق المطلوبة، لكنه فوجئ بعد فترة أن الراوية نشرت فى 2007 ورشحت لجائزة البوكر العربية ووصلت للدور قبل النهائى، وهو لم يعلم بنشرها إلا بعد مرور ثلاثة أشهر، ليس له روايات منشورة غير تلك الراوية، لكن له العديد من الأعمال غير المنشورة مثل رواية "الجسد اللين لامرأة الصلصال" والتى نال عنها جائزة مؤسسة الصدى الإماراتية، كما حصل على العديد من الجوائز، واحدة من الهيئة العامة لقصور الثقافة وأخرى من المجلس الأعلى للجامعات وأخرى من مؤسسة الأهرام، وأخيرا جائزة ساوريس التى نالها عن روايته "مواقيت التعري"، عن الراوية والجائزة وأعماله وحياته كان لليوم السابع هذا الحوار مع هدرا جرجس.

ماذا تمثل لك جائزة ساوريس، وهل فرحت بها أكثر أم بفوز رواية "الجسد اللين لامرأة الصلصال" بجائزة الصدى؟
بالطبع جائزة ساوريس لأنى حصلت عليها عن أول رواية كتبتها وهى "مواقيت التعرى"، خاصة بعد مرور كل هذه السنوات على كتابتها وصدورها، فقد رشحت من قبل لجائزة البوكر العربية ووصلت للدور قبل النهائى، وأخيرا حصلت على تلك الجائزة التى تعتبر مسئولية وعائقا.

كيف تكون الجائزة عائقا ومسئولية؟
نعم هى عائق أمام ممارسة الكتابة، فمنذ حصولى على الجائزة لم أمارس الكتابة أو القراءة ، فالفرحة بها أخذتنى وعطلتنى، كما أنها مسئولية، فقد كنت أكتب من قبل بحريتي، ولم أكن أتخيل أن هناك من يتابع، أو أن هناك رقيبا يقيم ما أكتب، كما لم أفكر فى وجود قارئ يتابع الكتابات، لكن فجأة تحول الأمر إلى الجد تماما.

أو لم تكن الكتابة أمر جديا لك؟
على الإطلاق، كانت مجرد لعبة أمارسها لأعلم ماذا سيحدث عندما أكتب، فلم تكن حاجة ملحة على الإطلاق، ولم أهتم بنشر كتاب ولم أحلم بجوائز أو نقاد أو جمهور، فقط أكتب لأنى أريد الكتابة، لكنى فوجئت بنشر الرواية بالهيئة العامة لقصور الثقافة وفوجئت بترشيحها للبوكر، وفوجئت بجائزة الصدى عن رواية "الجسد اللين لامرأة الصلصال"، وأرى أنى محظوظ تماما فيها.

إذا كنت تتعامل مع الأمر بهذا الشكل من قبل، فماذا كانت تمثل لك الكتابة من قبل وماذا تمثل حاليا؟
هى من قبل وحاليا رسالة تصب فى صالح الخير والحق والجمال، وتعمل على نشر كل المفاهيم الجميلة، وعلى المستوى الشخصى فقد تحولت إلى جزء من مكونات جسدى أراه "كالقلب أو العقل"، وقد حاولت فى فترة أن أتوقف عن الكتابة والقراءة واعتبرت الأدب من العادات السيئة التى يجب أن أكف عنها لكنى لم أستطع.

هل حاولت ذلك لأن الأدب لا يقدم شيئا كما قلت من قبل؟
لا، لا علاقة لذلك بقولى أن الأدب لا يقدم شيئا، فهو لا يقدم من الناحية المادية فقط، لكن هناك أشياء أخرى يقدمها، فهو يقدم على المستوى الروحى والفكرى، ويجعل صاحبه لديه رؤية أعمق للأشياء وإحساس أكثر بالأمور والمواقف والشخصيات، كما يعطى التواصل مع الناس والحب والاحترام الحقيقى، وأهم ما يعطيه الأدب وأى فن آخر هو الشعور بالسعادة الحقيقية لحظة الخلق أو الإبداع، فهذه اللحظة يشعر الفنان الحقيقى بأقصى درجات السعادة.

هل حصلت "مواقيت التعرى" على الاحتفاء النقدى اللازم؟
على الإطلاق، الراوية لم تلق أى احتفاء أدبى أو نقدى أو إعلامى، لأن هذا الاحتفاء قد يكون لا علاقة له بالقارئ، كما أنها نشرت بالهيئة العامة لقصور الثقافة، وهو أكثر ما أسعدنى فى الأمر، ولاقت احتفاء جماهيريا.

لماذا أسعدك نشر الراوية بهيئة قصور الثقافة؟
لأكثر من سبب، الأول أن إصدارات الهيئة معظمها سيئة السمعة، وبهذه الراوية فإن لى السبق فى أن أجعل هذه الإصدارات جيدة نوعا ما، كما أن الهيئة طبعت 3000 نسخة من الراوية وقدمتهم للقارئ بجنيها واحدا للنسخة، وتم توزيعهم مع الجرائد على بر مصر كله من الإسكندرية لأسوانن وهذا ما لا تقدمه دور النشر الخاصة، والأهم أن نجاح الراوية الصادرة عن دار نشر حكومية يكون حقيقيا، حيث إن دور النشر الخاصة يكون لها شلة من الأدباء والنقاد والصحفيين، ويقيمون حفلات التوقيع والندوات، ويعدون قوائم الأكثر مبيعا للترويج للعمل الذى قد لا يكون جيدا، وبالتالى قد يكون النجاح مزيفا، أما نجاح العمل الصادر عن دار حكومية يكون نجاحا حقيقيا.

لماذا تؤكد دائما على أنك غير راض عن ما تكتب؟
لأنى أعلم أن مازال بداخلى الكثير، فهناك زخم شديد بداخلى لم يخرج منه إلا جزء صغير، كما أن هناك مستوى معينا من الكتابة لم أصل إليه بعد، وإذا وصلت له فسوف أتوقف عن الكتابة.

لماذا رفضت قول "سيد الوكيل" بأن وراية "مواقيت التعرى" تعرض المسكوت عنه فى الثقافة المسيحية؟
لأن الراوية لم تتعرض لثقافة مسكوت عنها، ولم تأتى بذكر للمسيحية، كما أنها غير محددة المكان أو الزمان أو الديانة، لكن "الوكيل" ترجم محتواها كما رآها وأعلنه على الملأ، فالراوية تدور أحداثها فى عالم خيالي، مدرسة فكرية لذوى الاحتياجات الخاصة أبطالها "هادى" الولد لديه إعاقة كلامية و"نور" الطفلة مصابة بعته مغولى، وبينهما قصة حب تراقبها سناء مديرة المدرسة التى كانت قصرا لواحد من البشوات قبل التأميم ثم تحولت مدرسة لذوى الاحتياجات الخاصة مما أثار غضب أصحاب القصر السابقين، وقاموا برفع قضية لتغيير نشاط المدرسة وحصلوا على الحكم فى النهاية، والراوية بها زخم شديد عن الوجود ومعناه والحياة والموت والحب والشيخوخة، كيف نعيش وكيف نتصالح مع أنفسنا، كيف نعيش فى العالم دون أن ينظر إلينا الآخرون على أننا عراة ونحن لسنا كذلك، ففوجئت بسيد الوكيل يقول إنه اكتشف أن سناء مديرة المدرسة مسيحية، وأن الراوية تحيى الثقافة المسيحية المهشمة وتتناول المسكوت عنه فى الثقافة المسيحية، وهى بالطبع رؤية خاطئة.

لماذا بقيت فترة طويلة بعيدا عند الوسط الأدبى؟
مؤخرا بدأت دخول هذا العالم، قبل ذلك كنت لا أحب الأدباء ولا صداقتهم لأن إحساسهم بذاتهم عال، ونرجسيتهم زائدة، ومنهم من يؤمن بأنه الهرم المصرى الرابع، وهذا سبب الشلل الذى تشهده الساحة الأدبية فى مصر، وهذا لا يمنع وجود نسبة جيدة وجميلة وهم من اقتربت منهم، لأنى أحب كل من هو جميل وروحه بسيطة، حتى ولو لم يكن مستواه المهنى جيدا.

هل هذا البعد له علاقة بالعزلة التى عشتها فترة طويلة من عمرك؟
لا.. فحياة العزلة أثرت على تكوين شخصيتى فى المجمل، جعلتنى أكثر تفرغا للقراءة حيث قرأت الأدب الأجنبى، وهو ما جعلنى بعيدا عن الإصدارات المصرية لفترة كبيرة، فهذه العزلة جعلتنى أعيش بعالم مستقل أقوم به بعمل ما أريد.

هل هى العزلة الواعية التى تتحدث عنها دائما؟
نعم، أرى أننا نعيش فى عالم سخيف وحقير، وأنا لا أريد التعامل مع هذه السخافة، ولذلك فإن العزلة هى الحل الوحيد للهروب من هذا العالم، أزيح من حولى العالم الذى لا أحبه، وأصنع لنفسى عالما خاصا مختلفا، وأنا حاليا أتدرب على ممارسة هذه العزلة.

كيف أثرت نشأتك فى الجنوب على كتابتك؟
الحياة فى الجنوب تقليدية ومختلفة تماما، وهناك العديد من العادات والتقاليد الموروثة والتى أثرت بالسلب على مشاعرى، وجعلتنى أريد التمرد من خلال أى شئ، بالرغم من أن حياة الجنوب مادة خصبة للفن عموما، "فالكلام هناك غنا، والمناظر الطبيعية لوحات مرسومة"، لكنها ليست مادة خصبة للكاتب، لأن المدن هناك مغلقة تماما والأحداث اليومية لأى شخص معلنة للجميع، فالكل يعرف الكل، وهو ما جعلنى أريد التمرد على هذه الحياة.

ما هى مشروعاتك الحالية؟
أقوم بكتابة رواية جديدة حاليا، وأشتغل أيضا فى رواية "الجسد اللين لامرأة الصلصال" لأنى أرى أنها تحتاج لمزيد من العمل حتى تخرج بصورة أفضل من صورتها الحالية، كما تقدمت بطلب للهيئة العامة لقصور الثقافة، أطلب منها إعادة طباعة "مواقيت التعرى"، بعد أن عرضت على أكثر من دار نشر خاصة إعادة طبعها، لكنى أفضل طباعتها مرة ثانية بالهيئة، رغم أنى أعلم أن هذا غير متاح، لأن الهيئة لا تقوم بإعادة الطبع، لكنى تقدمت على أمل الموافقة.





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة