صنف تقرير وزارة الخارجية الأمريكية حول حقوق الإنسان فى العالم، مصر، من أسوا 11 دولة فى مجال حقوق الإنسان فى العالم، ويكتسب التقرير أهمية خاصة، لعدة أسباب، أهمها أنه يأتى فى توقيت بالغ الحساسية، قبل عدة أسابيع من زيارة الرئيس مبارك للولايات المتحدة لعقد قمة مع الرئيس الجديد باراك أوباما، وفى ظل أجواء متوترة بين القاهرة وواشنطن حول عدد من القضايا العالقة، أبرزها مجال حقوق الإنسان والإصلاحات الديمقراطية.
التقرير الذى صدر أول أمس الخميس، اعتبر أن الحكومة المصرية فرضت قيوداً على الانتخابات الحرة والنزيهة ونفذت أحكاماً بالإعدام بعد محاكمات غير عادلة، وأشار إلى احتجاز قوات الأمن الأفراد بطريقة تعسفية وتورطت فى التعذيب وأعمال قتل بغير سند قانونى، وتطبق الحكومة عقوبات قاسية، من بينها الموت رجماً وبتر الأطراف والجلد وتمارس القمع تجاه المعارضين السياسيين، وذلك بالرغم من الإفراج عن المعارض الأبرز أيمن نور.
تراجع الاهتمام بملف الديمقراطية
الدكتور عبد المنعم سعيد مدير مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتجية بالأهرام، قلل من أهمية التقرير الذى أصدرته الخارجية الأمريكية، موضحاً أن الاهتمام بملف الديمقراطية فى العالم العربى تراجع بالفعل خلال الفترة الأخيرة من ولاية جورج بوش، وأنه سيستمر فى التراجع خلال الفترة المقبلة، وحذروا من "التعويل على الولايات المتحدة لنشر الديمقراطية، لأنها لا تهتم إلا بتحقيق مصالحها"، لسببين، أولهما: أن أوباما سيركز على الأوضاع الداخلية لأمريكا على حساب السياسة الخارجية، كما ذكر برنامجه الانتخابى، وعلى الأقل فى أول سنتين، وثانيهما: أن واشنطن لا تتدخل ديمقراطياً إلا لمصلحتها، وبمعنى آخر أنها ستتخلى عن الديمقراطية إذا جاءت بمعارضين لها وما حدث فى فلسطين أكبر دليل عن تراجعها.
وأكد الدكتور وحيد عبد المجيد الخبير فى الشئون الأمريكية، أنه لن يحدث تغيير فى سياسة أوباما عن بوش، وأضاف أن الاهتمام الأمريكى بقضايا حقوق الإنسان انحسر فى السنوات الأخيرة، وسيتمر هذا الانحسار فى الفترة المقبلة، لأن الديمقراطية المطروحة أمريكياً كانت ضمن سياسة متكاملة لتغيير منطقة الشرق الأوسط وظهور شرق أوسط جديد، وأنه ترتب على فشل هذا الموضوع تغيير الأدوات والسياسات التى تستخدمها الولايات المتحدة الأمريكية بالمنطقة، من بينها "أداة الديمقراطية" بعدما فشلت رغبتها فى أن تجعل من العراق أداة رمح لتغيير ديمقراطية المنطقة. محذراً من أن أمريكا قد تبدى اهتماماً نسبياً بحريات الأقليات مثل قضية السودان وكيفية تعاملها معها، ولكن إجمالاً تدخلها سيكون محدوداً.
الهيمنة الأمريكية
"لا تنه عن خلق وتأتى بمثله" بيت الشعر هذا كان لسان حال الدكتور جمال عبد الجواد أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية، عندما لفت إلى أن هذه التقارير تدخل ضمن التدخل الخارجى والهيمنة الأمريكية على دول المنطقة، خاصة أنها تخرج من دولة تعد "الأكبر" فى انتهاكات حقوق الإنسان والأدلة على ذلك كثيرة، وأضاف: إذا كانت إدارة أوباما تدّعى حرصها على تلك الحقوق، فيجب ألا ننسى أن معتقل جوانتانامو لم يتم إغلاقه بعد، وأن أمريكا تحتل حتى الآن بلدين، مضيفاً "أن الحكومات الأمريكية تدعم الديكتاتوريات العربية، لأنها تدعم مصالحها الخاصة بالنفط وبقاء أمن إسرائيل".
خبراء: تقرير الخارجية الأمريكية حول حقوق الإنسان .. تعكير للأجواء قبل الزيارة المرتقبة لمبارك
السبت، 28 فبراير 2009 03:41 م