فى شارع الدرب الأحمر، إذا سألت عن الحمام البلدى سيظن الناس أنك تبحثين عن دورة المياه، فيبدو أنه أصبح منسيا إلا من «أم عمر» التى مازالت متمسكة بهذا المكان الذى ينطق كل جدار فيه بذكريات حياتها وأحلامها بتطويره.«زمان مكانش حد بيستحمى فى بيته، كل حى كان فيه 3 حمامات يذهب إليهم الناس كل أسبوع ولا يكلفهم ذلك إلا قروش معدودة».
تنظر الست أم عمر61 سنة والتى تعمل «بلانة» أو «ماشطة» بأسى إلى الحال الذى وصل إليه الحمام الذى تستأجره أسرتها من الأوقاف منذ أكثر من 85 سنة وتريح ظهرها على الحائط الذى كان شاهدا على طفولتها لتعود بذاكرتها إلى سنين مضت ولن تعود فمنذ قدومها مع أسرتها من الوادى الجديد وهى تسكن هذا الحمام الذى شهد مراحل حياتها بحلوها ومرها.
جاءت إلى القاهرة طفلة مع أبيها الذى رفض أن تدخل ابنته المدارس وتتعلم «كان من الصعايدة المقفلين قوى» قالتها أم عمر بندم شديد على عدم معرفتها القراءة والكتابة.
وتصف الحمام بأنه كان وسيلة ترفيه للعديد من السيدات التى تأتى بصحبة جارتها أو صديقتها ومعهم وجبة يأكلونها بعد الاستحمام بعد أن يقضوا اليوم بطوله فى الحمام.
«كانت الستات تضحك وتتريق طول الوقت، ورغم الحرية الموجودة الأيام دى لكن تعجبنى الستات الآن لأن فيه حدود فى الكلام ومحدش يتجاوز حدوده مع حد ميعرفهوش».
وكانت العروسة تأتى إلى الحمام قبل يوم عرسها مصحوبة بباقة من الأهل والجيران وكان الحمام يكتفى فى هذا اليوم بالعروس ومن معها أما اليوم فمن الممكن أن تأتى العروس بمفردها أو بصحبة أختها على الأكثر، وترى أم عمر أن ذلك بسبب الغلاء هذه الأيام.
وتقوم فكرة الحمام البلدى على وجود كمية كبيرة من المياه الساخنة، حيث تصف أم عمر كيف تصل هذه المياه الساخنة إلى الحمام: «كانت عربات الكارو تجمع القمامة وترميها فى المستوقد فيحرقها ويسوى الفول ويعمل على تسخين المياه التى تصل للحمامات عن طريق المواسير».وبعد إلغاء نظام المستوقدات، تغيرالكثير فبعد أن كان الشتاء هو موسم العمل أصبح الصيف هو الموسم الأساسى بسبب برودة المكان.
وتفسر أم عمر عدم إقبال النساء على الحمام البلدى اليوم بأنهم لا يجدون الإمكانيات التى كانت موجودة أيام والدها فبعد إلغاء المستوقدات أصبح هناك صعوبة فى توفير الحرارة والبخار التى كانت موجودة فيما سبق كما أن المكان أصبح متهالك ويحتاج إلى العديد من أعمال الصيانة.
ونتيجة لقلة الزبائن أخذ عدد العاملات يتناقص تدريجيا من 17 عاملة حتى اضطرت أم عمر للعمل بنفسها لتستطيع تدبير ايجاره الذى تصاعد من ثلاثة جنيهات أيام والدها إلى 400 جنيه فى الوقت الحالى.
كبيرة سقفها عال جداً على شكل قبة بها عدد من الفتحات الزجاجية التى تنير المكان إضاءة طبيعية ثم نمر من خلال ممر ضيق إلى غرفة خلع الملابس ومنها إلى الحمام الذى تتوسطه نافورة وعلى الجانب الأيمن حجرتين لمن تفضل قدر من الخصوصية بعدهما سلم يؤدى إلى المغطس الذى يتسع لـ6 أشخاص أما الجانب الأيسر فبه المكان الخاص بالاستحمام والتكييس.
وتشرح لنا مراحل الحمام التى تبدأ من غسل الشعر ثم الجلوس فى المغطس وهو عبارة عن ماء شديد السخونة ثم تأتى مرحلة التكييس حيث تقوم بدعك جسم الزبونة بكيس من الصوف بعدها يصبح الجسم صافى وخالى من البقع والحبوب.
ومن الطقوس الأساسية فى أى حمام بلدى أن تخلع النساء العاملات فى الحمام ملابسها كاملة إلا أن أم عمر ترى أن ذلك حرام وتبقى بسروالها الداخلى خاصة وأنها تشعر بالأمان فى هذا المكان وخاصة مع وجود نقطة شرطة أمام الحمام مباشرة.
حمامات زمان حاجة تانية
زمان ماكنش حد بيستحمى فى بيته وكان كل حى فيه 3 حمامات.. دلوقتى كل واحد بيحمّى نفسه.. فين أيام الحموم اللى بجد يا أم عمر؟!
الجمعة، 27 فبراير 2009 02:22 ص
أم عمر ..فين أيام الحمامات ؟
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة