لا أدرى لماذا وأنا أشاهد ما حدث فى غزة الأيام الماضية تذكرت قصة فى التراث اليهودى تحكى أن رجلا ذهب إلى حاخام يشتكى له ضيق الرزق وصعوبة العيش، فما كان من الحاخام إلا أن قال له اذهب واشترِ حمارا وكلبا وديكا واجعلهم ينامون معكم فى نفس الغرفة، ثم أخبرنى ماذا حدث.
فأتاه فى اليوم التالى وهو يقول: دخل الليل من هنا وبدأ الحمار فى النهيق والكلب فى النباح والديك فى الصياح ولم أرَ أنا ولا أسرتى النوم حتى الصباح، فرد الحاخام وقال إذن أخرج الحمار ثم أخبرنى ماذا حدث، فأتى فى اليوم التالى يقول: قلت الضوضاء ولكن مازلنا لم نستطع النوم، فأخبره أن يخرج الكلب، فأتى فى اليوم التالى وقال الحال أفضل ولكن مازال الديك يسبب لنا الإزعاج، فقال له الحاخام أخرج الديك ثم أخبرنى ماذا حدث، فعاد له فى اليوم التالى وهو فى غاية السعادة ويخبره بأنه مرت عليه وأسرته أسعد ليلة فى حياتهم هذه القصة إنما هى تعبير عن كيفية تفكير العقلية اليهودية، التى لا تقبل التنازلات وإنما تلجأ فقط إلى تعلية سقف مطالبها حتى تنزل إلى ما تريد هى بعد المفاوضات. ولكننا للأسف شعب ينسى. تذكرت ذلك وأنا أتابع ما يحدث فى غزة، وما فسرت ما يفعله اليهود إلا كفعل ذلك الحاخام الذى أراد أن يشغل الرجل عن مشكلته بمشكلة أكبر حتى ينسى مشكلته الأساسية.
محمد همام