د. محمود عمارة

«عمدة» فى فرنسا

الجمعة، 27 فبراير 2009 02:27 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
هل يمكن لنا أن نتصور «وزيرا» فى مصر يتقدم باستقالته من الوزارة لأن دائرته الانتخابية أو مدينته، قد انتخبته «عمدة» لها لمدة خمس سنوات؟.هذا هو ما يحدث فى فرنسا.. فى آخر انتخابات للبلديات.. كان من بين المرشحين 8 وزراء، رسب منهم وزراء الدفاع، والتعليم، والزراعة، والتأمينات، ونجح أربعة، أصبح عليهم الآن أن يختاروا بين «الوزارة» ومقرها باريس.. وبين «العمودية» ومقرها المدينة أو الدائرة مسقط رأس الوزير بالأقاليم.. ليتقدموا باستقالاتهم مفضلين وظيفة «العمدة» على وظيفة «الوزير»!!.

و«العمدة» فى فرنسا يرأس مجلساً مكوناً من 20 مستشارا ومساعدا، يعاونونه فى إدارة شئون المدينة، وتقديم الخدمات لأهلها بميزانية مستقلة، مواردها الضرائب العقارية.. والمخالفات المرورية، وجراجات الشوارع بالمدينة.. ونسبة من الضرائب على المبيعات.. وجزء من الموارد العامة للدولة، ورسوم الخدمات فى الفنادق والمطاعم وغيرها.. وقد تصل ميزانية المدن الكبرى مثل «باريس» إلى 10 مليار يورو = 70 مليار جنيه!!.

هذه الميزانية ينفقها «العمدة» على المدارس.. رصف الطرق.. النظافة والتجميل والتنسيق الحضارى.. بناء محطات الكهرباء والطاقة.. والصرف الصحى وشبكات المياه.. وهناك شرطة محلية تابعة للمدينة للحفاظ على أمن مواطنيها، وتأمين المنشآت والاستثمارات!.

وتلقى وظيفة «العمدة» منافسة حادة ،لاينال شرف الوصول إليها سوى الإنسان المبدع.. الخلاق.. والمبتكر.. وكل قادر على التميز والتفوق، ولهذا يتركون «الوزارة» من أجل هذه الوظيفة التى تحظى بأقصى درجات التقدير والاحترام.. ويتقدم لها أعظم الشخصيات العامة.. فرئيس الجمهورية «ساركوزى» كان عمدة أحد الأحياء.. والرئيس شيراك كان عمدة باريس، ومعظم رؤساء الوزارات بعد تركهم المنصب، يتوجهون إلى «مدنهم» ومسقط رأسهم ليترشحوا «عمدا» لخدمة أهاليهم بعد خبراتهم فى أعلى السلطة.

وبفضل هؤلاء «القمم» ،نرى فى فرنسا كل القرى والنجوع والمدن متساوية فى الخدمات.. جاذبة للاستثمارات.. مأهولة بالسكان، وفى تطور دائم ومستمر.. ولهذا يتقدمون، وإذا ابتعدت شهرا عن أي مدينة فرنسية، فعند العودة سيدهشك «الجديد».. كل يوم فى تحسن يشعر به الناس!.

تخيل لو أن د. الجنزورى «عمدة» لمدينة الباجور.. ود. عاطف عبيد «عمدة» فى بلدهم.. وصفوت الشريف عمدة طنطا.. وغيرهم وغيرهم فى كل مدن وقرى مصر.. ماذا كان يمكن أن يحدث من بحرى إلى قبلى.. فالصعيد أيضاً له من الوزراء السابقين والحاليين الكثيرون..أعلم أن هذا «حلم» شبه مستحيل تحقيقه فى مصر.. فرئيس الوزراء حتى لو كان فاشلاً، يكافئه النظام برئاسة بنك كمكافأة لنهاية الخدمة، وحتى يغلق فمه.. أو يقصيه ليعيش وحيدا فى الظل.. وحتى «الوزير» بعد خروجه من الوزارة، يعمل مع إحدى الشركات التى كانت تابعة له، وتم التربيط معها مسبقا.. ومنصب «العمدة» لا يمثل أية قيمة أو تقدير.. ولهذا سنظل هكذا نتعثر.. نتقهقر.. ولن نتقدم أبداً طالما أن هذا هو حال المحليات، التى وصفها أحد رؤوس النظام، بأنها غارقة فى الفساد «للركب»!.
ويا فرحتى!!






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة