كلما يتخيل المصريون أن ذكرياتهم مع الإرهاب أصبح مكانها الطبيعى كتب التاريخ، تعود بهم عبوة ناسفة محلية الصنع إلى أول السطر مرة أخرى، وترتبك الدولة كلها وتتخبط أجهزة الأمن مسرعة فى محاولة لتقديم متهمين لوأد أى اتهامات لها بالفشل، حدث هذا فى تفجيرات شرم الشيخ، وتفجيرات الأزهر ووسط البلد فى2004 و2005 وسيحدث أيضا مع تفجيرات الحسين 2009، بالإضافة إلى انتشار التحليل الكلاسيكى سواء بين المواطنين أو المعارضة بأن الدولة تدخل فى نطاق دائرة المشتبه فيهم بتنفيذ هذا الانفجار بسبب اقتراب الحديث عن إلغاء قانون الطوارئ وفائدته.
التحليل الشعبى رغم بساطته وكونه جزءا من نظرية المؤامرة التى يعشقها أهل الشارع فإنه يستحق نظرة تأمل، خاصة فى ظل تزامن أى تحرك لإلغاء قانون الطوارئ أو مجرد الحديث عن تمديده مع وقوع واحدة من الحوادث الإرهابية، بخلاف وجهة النظر السابقة وبعيدا عن توجيه الاتهام للحكومة أو فلول الجماعات الإسلامية الخارجة من السجن، لابد من العودة إلى تفجيرات منطقة الأزهر ووسط البلد فى 2005 والنظر مرة أخرى فى أوراق التحقيق الخاصة بمن اتهمتهم وزارة الداخلية بأنهم وراء التفجيرات، وشككت الصحف وقتها فى متهمين وزارة الداخلية مشيرة إلى أنهم مجرد كبش فداء لإنقاذ سمعة الوزارة التى كانت مشغولة وقتها بالأمن السياسى استفتاءات وانتخابات - على حساب الأمن الجنائى، وقتها أصدرت محكمة جنايات أمن الدولة العليا طوارئ حكمها فى القضية المعروفة بتفجيرات الأزهر وميدانى عبد المنعم رياض والسيدة عائشة بالسجن المؤبد لأربعة متهمين والسجن 10 سنوات لثلاثة بالإضافة إلى ثلاث سنوات سجن من نصيب أحد المتهمين وعام واحد لمتهمين وبراءة أربعة آخرين، بخلاف وفاة 4من المتهمين الخمسة الرئيسيين فى القضية أثناء تنفيذ التفجيرات، ووفاة آخرهم «أشرف سعيد يوسف» أثناء احتجازه للتحقيق معه، فى واقعة شهيرة اتهم فيها دفاع المتهم الأمن بقتل موكله من خلال عملية تعذيب منظمة لإجباره على الاعتراف.
الوضع طوال فترة التحقيقات فى هذه القضية كان يسير فى خطين متوازيين الأول حكومى يحتفل بنصر أجهزة الأمن ونشاطها فى القبض على المتهمين على وجه السرعة، والثانى إعلامى ونخبوى لا يثق فى تحركات أجهزة الأمن خاصة بعد واقعة وفاة المتهم أثناء فترة احتجازه، السرعة التى حسم بها الأمن موقفه من المتهمين فى العمليات الإرهابية دفعت العديد من الخبراء وقتها لإعلان تخوفهم مما هو قادم، وحذر خبراء الأمن والجماعات الإسلامية من إمكانية وجود فلول لهذه المجموعة الصغيرة التى تفهت الداخلية من عملها ووصفته بالبدائى، بينما كانت أوراق التحقيقات فى القضية تشير إلى وجود 13 متهما مجهولا فى القضية، ومنذ تاريخه لم توافنا وزارة الداخلية بأية تحركات أمنية للعثور على المتهمين الثلاثة عشر، وكأن الوزارة اكتفت بمن داخل السجن ونسيت القضية مع الناس والصحف.. لاحظ أننا نتكلم عن 13 متهما بصناعة عبوات ناسفة والتخطيط لتفجيرات إرهابية متزامنة ومتعاقبة التنفيذ فى أهم وأخطر ثلاثة أماكن فى مصر «الأزهر والسيدة عائشة ووسط البلد» ونجحوا فى تنفيذ خططهم بامتياز، ومع ذلك تعاملت الدولة معهم وكأنهم لصوص سيارات مجرد ذكر اسمهم فى أوراق التحقيق عمل كاف لردعهم.
4 سنوات شبه كاملة من أبريل 2005 وحتى فبراير 2009 موعد تفجيرات الحسين التى أعادتنا لدائرة الرعب مرة أخرى ولم تعثر أجهزة الأمن على المتهمين الثلاثة عشر ولم تحدد هويتهم أو حتى مسار تحركاتهم، 4 سنوات لثلاثة عشر متهما بهذا الذكاء كافية بالطبع لإعادة ترتيب الأوراق ولم الشمل بشكل يجعل من إمكانية وقوع حوادث أخرى أمراً متوقعا سواء على سبيل الانتقام لأفراد التنظيم الصغير الذى سجنته الحكومة، أو على سبيل استكمال نشاطهم الذى بدأ فى 2005 خاصة أن شهود العيان وتصريحات رجال الأمن أشارت بما لا يدع مجالا للشك إلى تشابه مكونات العبوة الناسفة التى انفجرت فى الحسين مساء الأحد الماضى مع مكونات وطريقة تفجير العبوات الناسفة فى تفجيرات الأزهر ووسط البلد، وراجع الشهادات القديمة عن تفجيرات وسط البلد ستجد فيها ما يتطابق بالنص مع كلمات شهود العيان عن تفجيرات الحسين حينما قالوا إن القنبلة تم إلقاؤها من طابق علوى بأحد الفنادق، وهو نفس ماقاله شهود العيان على تفجيرات وسط البلد حينما صرحوا بأن القبنلة تم إلقاؤها من أعلى كوبرى أكتوبر.
إذن يبقى حل لغز المتهمين الثلاثة عشر المجهولين فى قضية تفجيرات الأزهر ووسط البلد عام 2005 هو بداية الخيط لحل قضية تفجيرات الحسين، وربما حل لغز تفجيرات أخرى قادمة إلا إذا كان لوزارة الداخلية رأى آخر ومتهمون جدد.
بالتأكيد سيتهم الشارع الحكومة بتدبير الانفجار لأن الحديث كان قد بدأ عن إلغاء قانون الطوارئ
13 هاربا من محاكمة المتهمين فى تفجيرات الأزهر عام 2005 على رأس قائمة المسئولين عن تفجيرات الحسين
الجمعة، 27 فبراير 2009 02:30 ص
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة