اهتمت صحيفة نيويورك تايمز بتسليط الضوء فى افتتاحيتها على الأوضاع الاجتماعية فى المملكة العربية السعودية تحت قيادة الملك عبد الله بن عبد العزيز، وتقول:
على الرغم من أن المملكة العربية السعودية تشتهر ببغضها لإحلال التغيير على أرضها، إلا أنه بعد مرور أربع سنوات على استلام الملك عبد الله لمقاليد الحكم، فإنه، على ما يبدو، أصبح مستعدا للوفاء بتعهده فى قيادة بلاده باتجاه قبلة التسامح والاعتدال الدينى.
ولقد رحبنا كثيرا بقراره بتعيين عدد من الإصلاحيين فى مناصب بارزة فى الحكومة السعودية. وجاء قرار إقالة زعماء دينيين متشددين فى أحد أكثر المؤسسات الدينية احتراما فى البلاد، مفاجئا ولكن محطا للثناء والتقدير. ونأمل أن هذه الخطوة تنتهى بمنح كافة الحقوق المدنية والقانونية للنساء ولكل من يعيش داخل المملكة.
ولقد لاقى تعيين الملك لأول سيدة تحتل منصبا سياسيا، على درجة كبيرة من الأهمية، لتشغل منصب مساعد وزير التعليم، اهتماما كبيرا، خاصة فى العالم الغربى، ومن المتوقع أن تقوم هذه السيدة بتركيز جل اهتمامها على تعليم النساء. وعلى الرغم من أهمية هذه الخطوة وإيجابيتها، إلا أن الطريق مازال طويلاً أمام النساء ليصلن إلى شاطئ المساواة.
فالنساء السعوديات يجب أن يحصلن على إذن من أزواجهن أو من آبائهن لكى يعملن، أو يسافرن، أو يدرسن، أو حتى يتلقين الرعاية الصحية. ولا يستطعن القيادة، وعلى الرغم من أن النساء تشغلن نصف عدد طلاب الجامعات، إلا أن طموحاتهن للحصول على وظائف جيدة محدودة للغاية.
وكانت محنة "فتاة القطيف" بمثابة تذكرة قاسية بالأوضاع غير الآمنة والظالمة التى تعيش فى ظلها نساء المملكة. وفى عام 2006، تعرضت شابة إلى عملية اغتصاب جماعى، وبدلا من أن يرحمها نظام العدل، عرضها النظام، الذى يهيمن عليه الدين، إلى ظلم أكبر عندما حكم عليها بـ200 جلدة لأنها كانت بمفردها فى سيارة مع رجل ليس زوجها. ولو لم يتدخل الملك السعودى، الذى استمع للاعتراضات الدولية وعفا عنها، لأصبح مصيرها مظلما.
وقام عبد الله الأسبوع الماضى، بتحدى المؤسسة الدينية مباشرة عندما نحى رئيس قوات الشرطة الدينية، وقائد أعلى محكمة شأنا فى المملكة، المجلس الأعلى للقضاء، بعدما قام رئيس المحكمة العليا بإصدار حكم فى سبتمبر الماضى يسمح بقتل ملاك قنوات تلفزيونية لبثها مادة "غير أخلاقية".
ومن ناحية أخرى، قام بإضافة عدد من المعتدلين الدينيين إلى لجنة كبار علماء الدين، وهى الهيئة التى ينضم إليها الباحثون من جميع فروع الإسلام السنة. ولكن للأسف، لم يضم أحدا من الأقلية الشيعية فى البلاد إلى هذه الهيئة.
ولقد أظهر عبد الله رغبة تستحق الثناء لإحلال التغيير، ولكن يتعين عليه أخذ قرارات أكثر جرأة لتحقيق تغير حقيقى يقابل احتياجات شعبه ويضع مثالا للاعتدال والتسامح يحتذى به فى العالم العربى كله.
ولتحقيق ذلك، يجب عليه خلق مساحة أكبر للمناقشات السياسية، والمشاركة الفعالة للمواطنين، والعمل الجاد لبناء مؤسسات سياسية عصرية داخل البلاد. وهذه هى الطريقة المثلى، بل الوحيدة لتأمين استمرار الإصلاحات التى يقوم بها.
