نيويورك تايمز: أوباما يبحث عن بقايا السلام بالشرق الأوسط

الخميس، 26 فبراير 2009 05:00 م
نيويورك تايمز: أوباما يبحث عن بقايا السلام بالشرق الأوسط هل يبحث أوباما حقا عن السلم بالشرق الأوسط؟
إعداد رباب فتحى عن نيويورك تايمز

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
إذا كان الرئيس الأمريكى باراك أوباما يريد حقا أن يعيد تحسين العلاقات مع العالم العربى، وإعادة رسم صورة الولايات المتحدة باعتبارها وسيطاً أميناً يلعب دوراً محورياً فى مباحثات تحقيق السلام للشرق الأوسط، فهناك خطوة بالغة الأهمية يجب أن يتخذها لرأب الصدع الذى يرتكز على كلمة واحدة مثيرة للجدل، وهى الإرهاب.

كانت حرب إسرائيل الأخيرة على غزة بمثابة تذكرة للتحدى الكبير الذى تواجهه واشنطن فى التوسط لفض خلاف بين جانبين، وذلك عندما رفضت التفاوض مباشرة مع أحد أبرز اللاعبين السياسيين، المتمثلين فى حماس وحزب الله، واللذين تطلق عليهما جماعات إرهابية.

وسواء انصرفت الولايات المتحدة عن الحوار مع الجماعات العنيفة لأنها تعتبرهم إرهابيين، أو لأنها تلصق بهم علامة الإرهاب فى سبيل تهميشهم ومعاقبتهم، تبقى هناك حقيقة واحدة، وهى أن مصطلح الإرهاب أصبح بديلاً لقضايا أكبر تفصل بين واشنطن والشعوب العربية.

ومن جهة أخرى، كانت حرب غزة سبباً فى توسيع فجوة الإدراك بين الولايات المتحدة والعالم العربى، خاصة بعد إعلان الرئيس الأمريكى السابق جورج بوش الحرب على الإرهاب عام 2001، وكذلك أثبت العدوان على غزة للعرب من هم الإرهابيون الفعليون.

يقول محمد شاكر، السفير المصرى السابق فى بريطانيا، إن "الرأى العام يرى ما حدث فى غزة باعتباره نوعاً من الإرهاب، ومن ناحية أخرى، فهم يرون حماس وغيرها من المنظمات المماثلة جماعات تحاول جاهدة تحرير بلادها".

وهناك العديد من الأمريكيين الذين يقولون إنه لا فرق بين إطلاق حماس لصواريخها على المناطق المدنية فى إسرائيل، وبين إطلاق إسرائيل لصواريخها على مناطق قطاع غزة المدنية، حتى وإن كان مقاتلو حماس يشنون هجماتهم من القطاع أو يختبئون فيه.

ومن ناحية أخرى، يركز الإسرائيليون على النية فى التمييز بين إسرائيل وحماس، لافتين إلى أن قتل القوات العسكرية الإسرائيلية للمدنيين ما هو إلا أحد تداعيات الحرب المؤسفة، أما هجمات حماس فتستهدف المدنيين وتقتلهم عن عمد.

يقول دور جولد، سفير إسرائيل السابق فى الأمم المتحدة، إن "العسكرية الإسرائيلية تحاول جاهدة القضاء على الاعتداءات العنيفة التى تستخدم ضد المدنيين الإسرائيليين، وأحيانا تكون هناك أضرار جانبية، فهذا يحدث فى كل حرب وفى كل صراع".

ومع ذلك، فإن هذه الحجة تتسم بالعقم بالنسبة إلى الفلسطينيين، ولا يمكن أن تنجح فى إقناع العالم العربى الغاضب من إلصاق الولايات المتحدة الأمريكية تهمة الإرهاب بحماس، بينما تعامل إسرائيل باعتبارها صديقا مقربا.

يقول عبد البارى عطوان، رئيس تحرير جريدة القدس العربى الفلسطينية، إنه "إذا كنت مع الأمريكيين، فأنت مقاتل وبطل، أما إذا كنت تقاتل ضد دولة تدعمها الولايات المتحدة، إذن أنت إرهابى".

أمر الرئيس أوباما مبعوثه إلى الشرق الأوسط، جورج ميتشل، بالذهاب إلى الشرق الأوسط والاستماع إلى قادته، ولكن عندما تشير الولايات المتحدة إلى حماس، أو حزب الله اللبنانى، على اعتبار أنهم منظمات إرهابية، فإن وجه النظر العامة فى العالم العربى تميل إلى الاعتقاد أن واشنطن مازالت لا تعير إليهم آذانا صاغية لتسمعهم وتتفهم آراءهم.

وقد تكون الأوضاع أكثر تشابكا مع حزب الله، المشهور داخل أوساط الفصائل اللبنانية بإجبار إسرائيل على التخلى عن احتلال جنوب لبنان الذى دام أكثر من 20 عاماً، كما كان السبب فى إلحاق هزيمة منكرة بإسرائيل عام 2006، ونجح كذلك فى زرع أعضائه فى الحكومة اللبنانية والبرلمان.

وهناك حالات إرهابية مؤكدة يجمع عليها كل من الشرق والغرب، مثل أحداث 11 سبتمبر التى نفذها تنظيم القاعدة، والهجوم على مدرسة بيسلان فى روسيا، وتفجيرات بالى فى أسبانيا ولندن. ولكن، غزو العراق ينظر إليه فى منطقة الشرق الأوسط باعتباره عملا إرهابيا.

كثيراً ما تثير مسألة من بين طرفى النزاع يلعب دور الإرهابى مشاعر قوية وتساهم فى تغذية الصراعات الدبلوماسية. فعلى سبيل المثال، انتقد المسئولون الإيرانيون مؤخرا سفراء الاتحاد الأوروبى لأنهم أزالوا منظمة مجاهدى خلق الإيرانية من قائمة المنظمات الإرهابية المحظورة، وذلك لأن إيران تعتبرها منظمة إرهابية تهدف إلى الإطاحة بنظام الدولة.

قال مساعد وزير الخارجية الإيرانى مهدى صفرى إلى السفراء فى طهران، إن "جمهورية إيران الإسلامية تحجب بشدة معايير الاتحاد الأوروبى المزدوجة والتى تتعلق بظاهرة الإرهاب".

ومن ناحية أخرى، يقول رون بونداك، مدير مركز بيريز للسلام فى إسرائيل، "أنا أقبل وجهة النظر التى تقول إن حماس وإسرائيل هما منظمات إرهابية، ولكنى أعتقد أننا يجب أن نتفاوض معهما لتحقيق أهدافنا". ويدرك بونداك أن هذه الرؤية لا يتفق معها الرأى العام الإسرائيلى.

ويرى بونداك وبعض خبراء المنطقة أن استخدام مصطلح "الإرهاب" أصبح يسيرا ومستهلكا، الأمر الذى يعكس تأثير الراديكالية المتصاعد التى تخيم على كلا الجانبين. وغالباً ما يتم استخدامه ليغطى على قضايا أهم، ولتجنب الاضطرار إلى التفاوض أو محاولة الظهور بمظهر أخلاقى.

ويضيف بونداك أنه من المفيد تذكر أن الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل اعترفا بشرعية محمود عباس، زعيم حركة فتح، فى قيادة الفلسطينيين باعتباره رئيسا لهم، بينما اعتبروا قبل وقت قصير حركة فتح وزعيمها السابق ياسر عرفات، حركة إرهابية. ويشير إلى أن فتح، شأنها شأن الجيش الجمهورى الأيرلندى، أذعنت فى نهاية المطاف إلى أن تصبح أكثر براجماتية لأنه تم إشراكها فى العملية السياسية، وليس لتجنبها وعزلها.

ويخلص بونداك إلى "أننا نغذى مرض الشك تجاه بعضنا البعض عن طريق أبسط الخطابات التى نستخدمها".

وقال الأشخاص الذين تم محاورتهم فى كل من مصر وغزة والمملكة العربية السعودية ولبنان إنهم لا يجدون شيئا سوى النفاق فى الطريقة التى يصمم الغرب أن يسلكها فى استخدام علامة الإرهاب، وهو الشعور المرتبط بشكل وثيق بالاعتقاد أن الغرب يحتفظ بهذا المصطلح للمسلمين. ويرى البعض أن الغرب ينظر لكل مسلم باعتباره تهديداً إرهابياً بالغ فى الخطورة، كما يؤكدوا ضرورة تفهم وإدراك الغرب لآرائهم ومطالبهم، لأنه لن يبقى السلام على قيد الحياة بدون ذلك.

ولقد حاول الرئيس الأمريكى باراك أوباما عكس هذه الرؤية عن طريق التواصل مع العالم الإسلامى بواسطة حوار محترم قائم على "مصالح مشتركة، واحترام متبادل"، وعلى الرغم من ذلك، ومع أحداث غزة التى مازالت تداعياتها ناضجة، ومع استمرار وصف واشنطن لحماس وحزب الله باعتبارهما جماعات إرهابية، فإن الآراء لم تتغير.





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة