لعل من المعروف الآن، أن الدروس الخصوصية فى المدارس والجامعات أصبحت ظاهرة متفشية، وأن كل الوسائل والطرق التى استخدمتها الدولة فى الحد من هذه الظاهرة قد فشلت، وسواء كان السبب فى تفشى هذه الظاهرة هو نقص أو انعدام الكفاءة التعليمية فى المدارس أو الجامعات، أو كان ضعف مرتبات المدرسين وهيئات التدريس الجامعية، ومن ثم بحثهم عن طريقة لحل مشكلتهم المادية، أو حتى كان السبب فى ذلك طمع وجشع هؤلاء المدرسين والأساتذة، فإن المحصلة النهائية أن الظاهرة موجودة وعلى نطاق واسع، وأنها تشكل عبئاً هائلاً على ميزانيات الأسر المصرية، وبكلمة أخرى أنها تهدر تكافؤ الفرص، وتعطى النجاح والتفوق لمن هو قادر على دفع مصاريف الدروس، وهو أمر غير أخلاقى ويهدم استقرار المجتمع ويعطى الانطباع بأنه لا مكان للفقير أو متوسط الحال فى هذا البلد.
والغريب أن من الممكن ببساطة شديدة حل هذه المشكلة.. وإليكم طريقة سهلة جداً.. فمن الممكن مثلاً عمل كتاب دراسى واحد لكل مادة فى كل مرحلة أو سنة تعليمية، يقوم بإعداده نخبة من الأساتذة ويوزع عائده على جميع أعضاء هيئة التدريس، وتعمم دراسته والالتزام به على الجميع، وهذا يوفر مئات الملايين المهدرة فى تصوير الملازم التى تقوم بها مافيات منتشرة من مكاتب التصوير وغيرها، وكذا كتاب ملحق بالمادة على هيئة سؤال وجواب، مائة سؤال أو أكثر أو أقل فى كل مادة، مجابة إجابة كاملة، وأن يتم الإعلان فى كل وسائل الإعلام أن الامتحان سيكون بالنص من هذه الأسئلة، وأن نماذج الإجابة التى سيلتزم بها المصححون هى نفس الإجابات الواردة فى هذا الكتاب، ومن ثم فإن الطالب سيفهم من الكتاب الأول، وسيعرف الأسئلة التى سيأتى منها الامتحان.
ومرة أخرى أكرر الالتزام الكامل بنص تلك الأسئلة، فلا يكون الأمر مختلفاً بأى قدر من الاختلاف، مثل أن يقولوا إن الأسئلة ستكون متماثلة، أو ستكون شبيهة، أو أنها ستكون جزءا من الامتحان كبر أو صغر، لأن هذا يفتح الباب للوسائل غير التقليدية للدروس والمدرسين الراغبين فى ذلك، اعتماداً على أن الطالب يريد أن يحصل على الدرجات النهائية لأنه يريد تقديراً أو يريد مجموعاً عالياً يحقق له رغبته فى الالتحاق بكلية مرموقة.
وقد يقول البعض إن ذلك سيحول العملية التعليمية من فرصة قياس القدرات والذكاء والاختلافات بين الطلاب التى يحققها نوع غير متوقع من الأسئلة، وهذا صحيح، ولكن ما دامت ظروفنا صعبة وما دام هناك مرض الدروس الخصوصية، فيجب القضاء على المرض أولاً قبل التفكير فى إعطاء الجسم المريض جرعة من الرياضة أو النشاط، لأن الرياضة والنشاط مثلاً لا تكون إلا للجسم السليم، ما دام هناك مرض فالبحث عن العلاج حتى ولو كانت له آثار جانبية هى مهمتنا الأولى.
وفى تلك الحالة، فإن من أراد أن يفهم من الكتاب الأول، ويستوعب أسئلة وأجوبة الكتاب الثانى، فهذا متاح له بدون دروس خصوصية، إذ ماذا ستضيف له الدروس الخصوصية فى هذا الصدد، ومن أراد أن يأخذ دروساً خصوصية بعد ذلك فهذا شأنه ولا بأس عليه، المهم أننا نحقق تكافؤ الفرص، وإعطاء غير القادر – وهو القطاع الأوسع – القدرة على الاعتماد على نفسه، ولعل مجرد الاعتماد على النفس هنا هو قيمة تربوية كبرى تجب أى ميزات أخرى يحققها الامتحان غير المتوقع جزئياً أو كلياً.
ولعل أحد أسباب تراجع كفاءة المصريين هو الاعتماد الكامل على الدروس الخصوصية، لأنها تشوه الشخصية وتجعلها غير صالحة للإبداع وتحمل المسئوليات. مرة أخرى هذه الوصفة بها عيوب، ولكن عيوبها أقل كثيراً من عيوب الدروس الخصوصية، وهى تحقق عدة أهداف كالتالى:
◄ تحقيق تكافؤ الفرص.
◄ إلزام أعضاء هيئات التدريس بالالتزام بمنهج موحد فلا يترك الأمر للأهواء الشخصية والمزاجية، ومنها ما هو مرضى بالطبع.
◄ توفير الأموال والأوقات المهدرة فى تصوير الملازم وغيرها التى ترتع فيها مافيا معروفة.
◄ تخفيف العبء عن الأسرة المصرية.
◄ إلغاء التوتر الذى يسود الأسر والطلاب قبل الامتحانات وأثنائها.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة