"احرقوا عشاى"،"اعدموا عشاى"، بهذه العبارات أنهت الكاتبة والشاعرة فاطمة ناعوت مقالاً لها نشرته فى عدد اليوم السابع بتاريخ 17 فبراير.
لم أكن يوما أتوقع أن شاعرة رقيقة مثل ناعوت تحمل سيف التكفير وتتضامن مع هؤلاء الموتورين بإعلان تعليقاتهم على الملأ. وتدعو بشكل غير مباشر إلى قتلى وإهدار دمى بهذا الشكل الغريب. ولكنى لن أرد عليها بنفس الطريقة وأعلن تكفيرها أيضا، بل إننى سأتركها لضميرها لتراجع ما كتبت.
صحيح أنه يبدو للقراء من اللحظات الأولى وفى مقدمة المقال أن الكاتبة تدافع عنى ضد التعليقات التى كتبها قراء موتورون. وذلك لسبب واحد وحيد هوإعلانى عن قرب صدور كتابى الجديد تحت اسم "الإعجاز العلمى فى الكتاب المقدس".
وكتب هؤلاء تعليقات وصلت إلى المائة وثلاثين تعليقا انصبت فى الخلاص منى بطرق كثيرة، ولكن ما أفزعنى هو قيام الشاعرة الرقيقة بنشر تلك التعليقات، والتى تعتبر هى متضامنة فيها بسبب إعلانها على الملأ وكأنها دعوة صريحة لذلك. هذا فضلا عما قالته عن الإعجاز العلمى بأنه أضحوكة بدأها زغلول النجار على صحفات الأهرام. ولكنى أود أن أقول لها إن ما أكتبه ليس أضحوكة حتى تحكمى عليه بهذا.
فالكتاب المقدس يحتوى على العديد من النقاط العلمية المهمة، والتى وردت فيها تسبيح الأنبياء للخالق على عظيم صنعه وإبداعه وإتقانه فيما خلقه من الكواكب والنجوم والمجرات والأرض والإنسان ذاته. كتابنا لم تتم صياغته بأسلوب علمى جاف حتى لا يستحيل على البشر فهمه، فهو لم يركز على الحقائق العلمية وإلا تعارض مع أفكار البشر. وبخاصة أثناء تلك الفترات السحيقة التى فيها العلوم فيها مازالت فى بدايتها، لكنه مع كل هذا جاء الكتاب دقيقا جداً من الناحية العلمية، إذ أشار عرضاً لبعض الحقائق.
وجاءت النبوات المختلفة سواء عن الفلك أو الجيولوجيا أو عن صحة الإنسان أو التاريخ والجغرافيا فى شكل تسبيح يتلوها الأنبياء لله خالق الكون. فيتغنون بعظيم صنعه ويصفون إبداعه فى كونه، ويمجدونه فى كافة خلقيته. ولأن الكتاب المقدس هو كلام الله وموضع ثقة فى كل ما يقوله عن الإنسان والخليقة والتاريخ والعلوم، ولأن الذى أوحى به هو نفسه الذى أوجد القوانين العلمية التى تسيطر على عالمنا، ولهذا فإنه لا يصح أن ننظر إلى العلم كخصم أو منافس لله.
يقول الكولونيل ميرسون دافيز فى كتابه"الكتاب المقدس والعلم الحديث"، "إن الكتاب المقدس ينتظر على ناصية طرق التقدم العلمى ليحيى المكتشف بإعلانه بالمعرفة المسبقة لاكتشافه، ويتسلق الباحث صاعدا لأعلى فى الضوء الضئيل قبل الفجر ليجد أن الكتاب المقدس قد أنار له الطريق نحو القمة". ويضيف الكولونيل دافيز"إن الكتاب المقدس ليس كتابا علميا، ولم يقُصد منه أن يكون كذلك، ومع ذلك فالعديد من أقواله قد غزت ميدان العلم لأنه ببساطة الإعلان الإلهى من الله، الذى يعرف النهاية قبل البداية".
ويوضح قائلا "هناك مثل يوضح التوافق بين ترتيب البنود فى قصة سفر التكوين عن الخليقة وآخر مكتشفات العلم، فالترتيب الذى ينادى علم الجيولوجيا بصحته عن تطور الأرض هو بالضبط الترتيب الذى أعلن عنه الوحى المقدس على لسان موسى فى سفر التكوين ] الفوضى - الضوء الجلد ( القبة الزرقاء )- اليابسة – النباتات - الحياة فى الماء والهواء وعلى الأرض – الإنسان [".
دتعرض الكتاب لحملات تشكيك كثيرة جدا. ففولتير الفيلسوف الملحد الشهير انتقد العالم المسيحى المتدين إسحاق نيوتن لإيمانه العميق بالكتاب المقدس، وقال له "ما أحّط المستوى الذى يمكن أن ينزل إليه شخص متعلم ذو مواهب عظيمة، عندما يشغل نفسه بما يسمونه الكتاب المقدس"، وقال أيضاً متهكماً "إنه خلال 100عام سيختفى الكتاب المقدس من الأرض ويدخل التاريخ"، ومات فولتير عام 1778 وبقى الكتاب المقدس يتحدى ألف فولتير آخرين.
هناك قصة أخرى شهيرة يرويها الكثيرون حينما ادعت الأكاديمية الفرنسية للعلوم، وهى إحدى الجمعيات العلمية الملحدة فى سنة 1861م، اكتشافها 51 خطأً علمياً فى الكتاب المقدس، ولكن بعد مرور الأعوام ومع تقدم العلوم والاكتشافات المختلفة اعترفت أن هذه الأخطاء هى أخطاء الأكاديمية نفسها، وأن الكتاب المقدس كان على حق. ونشكر الله على أن العلوم تطورت ولحقت بركب الكتاب المقدس.
أجريت كتابى كفكرة تحقيق موسع فى محاولة للكشف عن المحاولات المستميتة من قبل العلم للحاق بركاب الكتاب المقدس برغم أنه لم يكن فى يوم من الأيام ولم يدع عليه أحد أنه كتاب علمى، ولكنه بالأساس هو كتاب روحى يهدف إلى الارتقاء بالإنسان فى المسائل الروحية، ويحدثنا عن الخالق والخلاص والحياة الأبدية، لم يتحدث الكتاب بشكل مباشر عن النظريات العلمية المرتبطة بالعالم الفانى بحسب تعليم مسيحيتنا العظيمة، كل ما أراد أن يوصلنا إليه كتابنا هو أن تعيش تعاليمه ليصبح حياة معاشة، لا نصوص نظل طوال الوقت نرددها دون فهم حقيقى لمعانيها.
وأود أن أقدم اعتذارا لكثير من العلماء المسيحيين وغير المتدينين ومن كافة الأديان، الذين حصلت على معلوماتهم ولم أستطع الوصول لأسماء لنسب ذلك إليهم، ولكننى أعترف بأن هذا جهدهم الذى لا يكفى الألف الكتاب لكى نقول لهم أنتم عظماء.
وإننى هنا عندما أتحدث عن الكتاب المقدس فأؤكد للجميع أنه يكفى البشرية فخرا بأن جميع من اكتشفوا علومها هم بالأساس علماء مسيحيين معظمهم متدينين، وعلى مدى الأجيال الماضية والأجيال الآتية، فإن جميع مكتشفى هذه العلوم هم مسيحيون أو علماء عاشوا فى دول مسيحية أو قرأوا فى الكتاب وارتقت أفكارهم بتعاليمه التى أوحى بها خالق الكون لأنبيائه. واكتشفت أنه عجز أمامه ملايين الأشخاص الذين حاولوا تكذيبه ، بل إن أشهر المكتشفين الذين أضاءوا ظلام البشرية بالعلم، وقفوا أمام الكتاب المقدس بخشوع وحب، واعتنق الكثير منهم المسيحية.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة