على الرغم من قرار الرئيس بتخفيض نصف الديون على صغار الفلاحين لبنك التنمية والائتمان الزراعى، إلا أن مشاكل صغار الفلاحين مع البنك ما زالت مستمرة فى التصاعد.
فبدلاً من أن يبعث قرار الرئيس الطمأنينة لدى أكثر من 100 ألف فلاح متعثر أثار حالة من الارتباك والغضب. فعلى الرغم مما تردد من أن المعنى بالقرار هم الفلاحون الذين لا تتجاوز مدينوياتهم 10 آلاف جنيه، ألا أن هذا لم يرد صراحة فى قرار الرئيس، كما لم يؤكد عليه المسئولون ببنك التنمية والائتمان الزراعى. وبالتالى فإن الفلاحين لا يعرفون ما المقصود بعبارة "صغار الفلاحين"؟ وهل هناك حد أقصى للقرض الذى حصل عليه الفلاح ويخضع لقرار الرئيس؟ ومن المسئول عن تنفيذ هذا القرار هل هى وزارة الزراعة؟ أم إدارة البنك؟
كل هذه الأسئلة وغيرها توجه بها الآلاف من الفلاحين فى مختلف المحافظات لمسئولى فروع البنك فى أنحاء الجمهورية، إلا أنهم اصطدموا كالعادة بردود المسئولين التى لم تتجاوز عبارات من نوع "ليس هناك أى تعليمات بهذا الشأن، أو لم يأتِ تكليف رسمى بعد، أو لا توجد اعتمادات مالية بعد، أو لا نعرف"، الغريب أن المسئولين بفروع البنك بالمحافظات لا يعلمون شيئاً بالفعل عن كيفية تنفيذ قرار الرئيس، وهو ما أكدته معظم إجاباتهم على الفلاحين خلال اليومين الماضين.
الدكتور عبد المجيد حامد رئيس قطاع الاستثمار بأحد فروع بنك التنمية والائتمان الزراعى، أكد عدم وجود أى تعليمات حتى الآن بخصوص القرار، إلا أن البنك شأنه شأن كل الفروع فى الجمهورية يقوم الآن بإعداد قوائم بالفلاحين المدينين للبنك لكى يتم حصر المستحقين من الفلاحين عندما تأتى الضوابط الخاصة بذلك.
وهذا ما أكده معظم مسئولى فروع البنك فى مختلف أنحاء الجمهورية، خصوصاً المحافظات المكتظة بالفلاحين المدينين مثل المنوفية والبحيرة وكفر الشيخ فى الوجه البحرى وبنى سويف والفيوم وأسيوط فى الوجه القبلى.
وأشاد الدكتور حسين حجازى رئيس لجنة الإنتاج الزراعى والرى بمجلس الشورى، بقرار الرئيس مبارك، مؤكداً أنه جاء فى توقيت مناسب، بعدما أصبحت غالبية صغار المزارعين غير قادرين على سداد ديون البنك، بسبب قلة العائد من الزراعة، سواء بسبب ضعف الإنتاج أو ارتفاع تكلفة الزراعة المتمثلة فى أسعار الأسمدة التى ارتفعت بصورة جنونية أو بسبب أسعار المبيدات، أو عدم وجود سلالات جيدة من التقاوى التى توردها وزارة الزراعة، بالإضافة إلى تراجع معظم صادرات المحاصيل الزراعية بسبب رفض الاتحاد الأوروبى مثلاً لها لعدم مطابقتها للمواصفات، وغيرها من الأسباب التى أدت إلى عدم قدرة الفلاح على سداد ديونه وتعثره، وقال حجازى إن القرار سيخفف كثيراً على هؤلاء المتعثرين خصوصاً الصغار منهم. إلا أنه لم يتمكن من الإجابة عن أى تفاصيل تتعلق بالمستهدفين من القرار، وموعد التنفيذ، وكيفية التنفيذ، وقال "من المؤكد أن كل هذه الأمور ستتضح قريباً".
قرار الرئيس الذى تضمن تحميل الخزانة العامة مسئولية من يتم إعفاؤه من الديون، جاء متزامناً مع قرب انتهاء مهلة الثلاثة أشهر التى منحها مجلس الوزراء لهم منذ شهر ديسمبر من العام الماضى، وهو ما أدى إلى قلق الفلاحين، لأن الطلب لم يحدد مهلة للسداد أو حتى ما إذا كان هناك جدولة للقيمة المتبقية أم لا. حيث يخشى أغلب المتعثرين من أن يفرض عليهم البنك سداد المبالغ المتبقية بشكل إجمالى دون تقسيط أو جدولة.
الدكتور الخولى سالم الخولى أستاذ الاقتصاد الزراعى بمركز البحوث الزراعية، تساءل عن كيف ستقوم وزارة المالية بتوفير المبالغ، وكم شهراً تحتاجها لتنفيذ القرار. وعبر الخولى عن مخاوفه من أن يتم عرقلة تنفيذ قرار الرئيس بسبب عدم وضوح الإجراءات التى سيتم إتباعها لتنفيذه. خصوصاً فى ظل العجز فى الموازنة العامة للدولة.
وأشار الخولى إلى أن الفلاحين تساورهم الشكوك أيضاً، لأن الرئيس مبارك طالب عدة مرات فى الفترة الأخيرة بجدولة ديون الفلاحين وتسهيل إجراءات السداد، إلا أن هناك دائماً صعوبة فى تنفيذ القرارات.
مديونيات الفلاحين تقدر، حسب على شاكر مدير بنك التنمية والائتمان الزراعى، بنحو مليار و900 مليون جنيه، وعند خفض 50% منها يصبح الفلاحون مدينين للبنك بحوالى مليار جنيه، وعليهم الالتزام بسدادها. وكان شاكر قد حذر قبل ذلك بتحريك البنك لدعاوى قضائية ضد المتعثرين حال عدم الاستجابة للسداد. وقال شاكر إن البنك وضع جميع التسهيلات أمام الفلاحين المتعثرين للقيام بالسداد، كان من بينها خفض 25% من قيمة أصل الدين، وكذلك جدولة الديون لجميع المتعثرين المدينين بمبالغ تزيد على 10 آلاف جنيه، إلا أنهم لم يستجيبوا، وأخيراً جاء قرار الرئيس بخفض نصف المديونيات، وهو طريق سهل لجميع الفلاحين لسداد المديونيات. إلا أن شاكر كغيره من المسئولين يرفع شعار أن "كل شىء له أوان"، بما فى ذلك أى معلومات دقيقة وواضحة حول كيفية تنفيذ قرار الرئيس.
صغار الفلاحين تائهون بين قرار الرئيس وبنك التنمية
الثلاثاء، 24 فبراير 2009 03:01 م
تفاصيل تنفيذ القرار غير واضحة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة