أكد الدكتور المترجم الكبير عبد الغفار مكاوى، أنه إذا أردنا أن نلحق بركب العالم المتطور، وأن نتفوق ونصبح دولة قوية وغنية، فلا بد من الترجمة فى كل الفروع وليس فى الأدب فقط، كما يحدث فى مصر، لأن هذا هو الطريق الوحيد للتقدم والتطور.
وأكد أن القوة لا تتم إلا بالعلم والفن والإبداع والسياسة والاقتصاد والتمازج بين المناهج واللغات والاستفادة منها، واقترح مكاوى أن يتبنى المركز القومى للترجمة إنشاء معهد عالٍ للترجمة لا يدخله إلا خريجو الجامعة، بحيث يكون لدينا مترجمون فى كل المناهج واللغات ينضم إليه خريج الفنون التشكيلية ليترجم لنا الفن التشكيلى وخريج العلوم ليترجم لنا العلوم الجديدة ومترجم الأدب، وتدرس فيه نظريات الترجمة ومناهجها، وشدد على أهمية تدريس اللغة العربية، كما ينبغى داخل المعهد لأن الكثير من الترجمات عيبها الوحيد ركاكة لغتها وامتلائها بالأخطاء، وأنه آن الأوان ألا نكتفى بدبلومات الترجمة فقط.
جاء هذا فى الندوة التى عقدها المركز القومى للترجمة أمس للاحتفاء بعبد الغفار مكاوى "مترجماً" فى حضور عدد كبير من المثقفين والمترجمين والأدباء.
المترجم طلعت شاهين أشار إلى أن عبد الغفار مكاوى مترجم موسوعى وكبير باعتباره مترجماً للشعر ذلك الفن الذى يرى أن ترجمته مخاطرة ومغامرة فى أرض حرام، تخون الأصل مهما كانت الترجمة دقيقة وأمينة ومبدعة، والسبب فى ذلك أن ترجمة الشعر تحاول إبداع ما سبق إبداعه.
وحلل شاهين الطريقة التى كان يتعامل بها مكاوى مع ترجمة الشعر، والتى جعلت منه مترجماً كبيراً قائلاً، إن المقدمات التى يكتبها مكاوى للكتب التى يترجمها تعبر عن فهم عميق للشعر التى يعتبرها ذريعة نلجأ إليها عند الضرورة، ولكن لا تغنى عن قراءتها فى لغتها الأصلية، كما أن من تواضعه الجميل رغم ترجماته الرائعة أن لا يزعم من خلال الشروح التى يضيفها ويقدمها أنها ترجمات نهائية ووحيدة تنفى سواها.
وأشار إلى رحلة عبد الغفار مكاوى مع الشعر عندما تعرف على صلاح عبد الصبور واقتنع أمام نفسه "أنه يفتقد الأصالة والتفرد"، مما دفع مكاوى إلى التخلى عن كتابة الشعر والقول "قررت أن أعيش حياتى خادماً فى محراب الشعر، مع المزاوجة بين الترجمة والدراسة".
وأوضح الشايب أن ترجمات مكاوى للشعر وتذوقه أثرت فى إبداعه القصصى والمسرحى، ويعترف مكاوى نفسه أن بعض أفكار قصصه ومسرحياته تأثر فيها بأشعار ومسرحيات أجنبية.
الدكتور عونى عبد اللطيف قال، إن عبقرية مكاوى تكمن فى قدرته على تملك ناصية لغتين جعله يتمكن من إلباس النص روح اللغة التى يترجم منها، بالإضافة إلى دراسته للفلسفة التى تجعله يدرس الجملة قبل وبعد أن يترجمها.
بينما قال الروائى بهاء طاهر، إننى أخون عبد الغفار مكاوى لو تكلمت عنه مرتجلاً، خاصة أننى معجب بكل ما ترجمه وما قرأته له، بالإضافة إلى جسارته فى ترجمة الشعر والتى لا يستطيعها أى شخص، لأنها إبداع جديد.