فرق كبير بين مهرجاناتنا الفنية وما رأيناه ليلة الأمس وعلى الهواء مباشرة فى حفل الأوسكار الـ81، فرق يؤكد أننا نسير بسرعة السلحفاة أو أننا أصبحنا "محلك سر"، فرق يؤكد أن الجميع وأخص منهم أهل الفن وتحديدا السينمائى فى ظل الأزمة العالمية الطاحنة يتعامل مع الأمر بشكل من الجدية على اعتبار وجود أزمة حقيقية، ولا يدفن رأسه فى الرمال مثلما يفعل أهل الإبداع لدينا ويؤكدون ليل نهار أن الأمور على ما يرام وهى فى الحقيقة "سمك لبن تمر هندى"، فرق يؤكد كيف أننا فى مهرجاناتنا ومنها القاهرة السينمائى الدولى نختار لتقديم فقراته نماذج تثير غضب من يشاهدهم لا لشىء إلا للمجاملات الصارخة، وأن يقوم المسئولون فى أكاديمية الفنون والعلوم السينمائية باختيار الممثل هيو جاكمان لتحسين نسبة المشاهدة التلفزيونية للحفل التى تراجعت فى السنوات الأخيرة.
صحيح أن الأفلام التى تنافست على الأوسكار أنتجت قبل الأزمة العالمية، ولكن المؤكد أننا سننتظر ونشاهد أوسكار العام المقبل بنفس الحماسة والشوق واللهفة التى سيطرت علينا طوال الأيام التى سبقت أوسكار هذا العام ، وسيحرص القائمون على الأفلام الجديدة التى سيتنافسون بها لاحقا على الالتزام بتقديم أعمال هادفة من حيث المضمون والشكل وتوفير كل ما يلزم ليوضع فى أرشيف سينمائى حقيقى للأجيال الحالية والمقبلة، دون تقديم أية تنازلات فى أى عنصر من العناصر بدعوى وجود أزمة مالية وارتفاع فى أجور الفنانين والفنيين والمواد الخام وأماكن التصوير وغيرها.
شاهدنا فيلم "Slumdog Millionaire" أو "المليونير المتشرد" وهو يحصل على أغلب جوائز الأوسكار، ثمانى جوائز بينها جائزة أفضل فيلم وأفضل مخرج للبريطانى دانى بويل وأفضل تصوير وأفضل مؤثرات صوتية وأفضل مونتاج وأفضل موسيقى وأفضل أغنية، علما بأن سبعة أفلام فقط من قبل فى تاريخ الأوسكار فازت بثمانى جوائز أو أكثر، وهو ما يؤكد إلى أى مدى كانت الجودة والالتزام، رغم بساطة الفكرة التى تعطى أملاً فى الحياة بعيدا عن أفلام الجريمة التى سيطرت على الدورات القليلة الماضية، حيث تدور أحداث الفيلم الذى تخلت عنه جهة الإنتاج وهى استوديوهات وارنر اندبندنت بيكتشرز التابعة لشركة وارنر بروس العملاقة، وأنقذته فى نهاية الأمر استوديوهات فوكس سيرشينج لايت بيكتشرز الفيلم وعرض فى نوفمبر الماضى، من خلال فتى هندى فقير يشارك فى مسابقة ببرنامج تليفزيونى لكسب المال والحب، وهى فكرة بسيطة ولكن تنفيذها جاء بشكل أكثر من رائع، ولو تصدى لها مخرجونا مثلما فعلوا من قبل لقدموها فى إطار من الكوميديا يقولون عنها "فارص" أو التراجيديا التى يصنفونها "مأساة" والمحصلة ستكون فى النهاية "خيبة كبيرة".
حصول الممثل شون بين بعد فوزه بجائزة أفضل ممثل للمرة الأولى عام 2004 عن دوره فى "نهر غامض" على جائزة أفضل ممثل عن دوره فى فيلم "ميلك Milk " الذى جسد فيه دور النشِط المدافع عن حقوق المثليين "هارفى ميلك" الذى قُتل بالرصاص عام 1978، والممثلة كيت وينسلت على جائز أفضل ممثلة عن دورها فى فيلم "القارئ The Reader" من خلال شخصية حارسة نازية، يؤكد أن الممثل رجلا كان أو أنثى عليه أن يعمل بمنتهى الصدق والإخلاص ويعتبرانه سينافس بكل دور يؤديه على جائزة أفضل ممثل أو ممثلة سواء أكان فى بداياته وهى ما يسميه غالبية نجومنا مرحلة الانتشار، أو حين يتقدم به العمر وهو ما يسميه نجومنا أيضا التواجد على الساحة حتى لا ينساهم المخرجون والمنتجون.
لن أتوقف عند باقى الجوائز، لأن صورة استجداء فيلم يمثلنا فى مهرجاناتنا كما حدث فى الدورة السابقة لمهرجان القاهرة السينمائى الدولى والبحث عن راع للمهرجان، وأيضا صور سوء التنظيم واختيار أفلام المسابقة الرسمية، وإقامة الضيوف بدأت تطاردنى ولا أرغب فى أن تعكر صفوى أو صفوكم.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة