تتجه الأنظار بقوة هذا العام فى حفل توزيع جوائز الأوسكار إلى الممثل الأمريكى ميكى رورك.. كى ينال جائزة أحسن ممثل عن دوره فى فيلم "المصارع" الذى أخرجه "دارين أرونوفسلى رورك" الذى احتجب عن السينما فترة تزيد عن الخمسة عشر عاماً، يعود هذه المرة ليجسد شخصية مصارع ابتعدت عنه الأضواء ويحاول مستميتاً أن ينال فرصة أخيرة ليثبت وجوده حتى لو كلفه ذلك حياته.
رورك الذى اشتهر بوسامته وبسحر خاص فى شخصيته ظهر فى عدد من الأدوار القليلة الأهمية، وكان من بين الممثلين الشبان الذين تعقد حولهم الآمال وجاءته الفرصة الذهبية الكبرى عندما لعب دور البطولة فى فيلم نفسى له طابع جنسى آثار ضجة هائلة فى أواخر الثمانينيات ومنع عرضه فى أكثر من دولة، نظراً لجرأة المشاهد الجنسية التى أبدعها المخرج "أدريان لين" فى هذا الفيلم الغريب، حيث يلعب رورك دور شاب سادى يجد لذة خاصة فى اصطياد ضحاياه من النساء بتكتيك شديد الذكاء، إلى التعلق به وما أن يتأكد من سيطرته العاطفية على ضحيته حتى يبدأ بممارسات سادية ذات طابع جنسى جرىء تشتد مع أحداث الفيلم إلى أن تنتهى بعمليات سادية مازوخية يموت فيها الحب تماماً، ويحل محلها فضول جنسى حاد وشيق مختلط بالألم والإذلال.
ولكن اللعبة تنقلب على اللاعب آخر الأمر عندما تتحول إحدى ضحاياه من مازوخية متسلمة إلى أنثى سادية تعرف طريقها جيداً لكى تقود عشيقها القديم نحو مدارات اللذة المصنوعة من الذل والألم والخضوع.
فى هذا الدور المتعدد الجوانب تألق رورك، كما لم يتألق فى أى فيلم سابق، كان شديد الوسامة والتفنن، غامض التأثير عميق النظرة، كل حركة منه محسوبة بدقة وكل نظرة لها معناها الصحيح وسحر جنسى مغمور يشع من تصرفاته كلها.
أوربان لين عزف على أوتار ميكى رورك كلها وعرف كيف يستخرج منها أشهر الألحان إثارة وعمقاً وتأثيراً.
لكن الحظ لم يحالف رورك، كما كان يتوقع الجميع وجاء الجزء الثانى من الفيلم، الذى أعقب نجاح الجزء الأول خالياً من أى تأثير، خاصة وأنه تم إسناده إلى مخرج جديد ترك أوتار موهبة رورك تلعب وحدها دون انسجام أو تأثير، وهكذا جاءت "هذه الأسابيع الثمانية" وهو اسم هذا الفيلم الشهير وبالاً على رورك، وبدا أنه فتحت له فجأة أبواب المجد والشهرة.
وكما انقلب الجلاد إلى ضحيته فى هذا الفيلم خفتت أنوار الشهرة فجأة وابتعدت الأضواء عن نجم كان مرشحاً لأن يكون واحداً من أبرز نجوم هوليوود فى تلك الفترة.
أما فى فيلم المصارع يقدم رورك وجهاً بعيداً تماماً عن وجهه الوسيم الذى نعرفه، وجهاً محيراً متعباً أقرب إلى القبح منه إلى الجمال وجسد مترهل وعينين يشع منها ذلك شعاع الأمل والتحدى.
وكما قهرته هوليوود، فها ستأتى اللحظة التى يقهر فيها رورك ليسترد كل أيام الزمن الضائع.
ترى هل سيربح المصارع معركته الأخيرة فى الحياة؟ أم أن نهايته ستكون كنهاية الشخصية التى يجسدها؟، وعند ذلك يتعانق الواقع مع الحلم فى سقوط مروع لا قرار له.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة