تتواصل المفاوضات بين دول العالم بشأن إصلاح مجلس الأمن، لجعله أوسع تمثيلاً وأكثر كفاءة وشفافية، وبالتالى تحسين فعاليته وتنفيذ قراراته، وفى الوقت الذى تعتبر فيه تلك القضية مثار نزاع كبير بسبب النزاعات الإقليمية وحرص الدول الكبرى على عدم الحد من نفوذها، تواصل مصر مساعيها من أجل الحصول على مقعد دائم بمجلس الأمن، بالتنسيق مع المجموعتين الإفريقية والعربية، فما هى الخطوات التى تم تنفيذها من أجل الفوز بمقعد دائم يدخلها ضمن الكبار المؤثرين فى صنع القرار الدولى؟.
حضور مصرى دولى
السفير عبد الله الأشعل مساعد وزير الخارجية السابق يقول، إنه من حق مصر أن يكون لها مقعد دائم فى مجلس الأمن، فمصر تتمتع بحضور دولى فى مجلس الأمن منذ نشأته عام 1946، وتعتبر هى الطرف الأقوى عربياً وإقليمياً، مما يسهل فرصتها فى الحصول على ذلك المقعد، بالإضافة إلى جهود مصر فى تحقيق عمليات السلام الدولية التابعة للأمم المتحدة، فمعيار قبول الدول فى الأمم المتحدة فى الأساس هو دورها فى حفظ السلام الدولى.
يشير الأشعل إلى أن إصلاحات مجلس الأمن تتخذ منهجين، أولهما هو الإبقاء على الدول دائمة العضوية فى المجلس، والتى تتمتع بحق النقض (الفيتو)، بالإضافة إلى إدخال دول تحت مسمى "الدول شبه الدائمة" تظل تلك الدول لفترة طويلة، ثم يتم بعد ذلك ترشيح دول أخرى غيرها، ولكن لا تتمتع تلك الدول بحق النقض مثل الدول الدائمة، وليس لها قاضياً دائماً فى محكمة العدل الدولية، وليس لها أى امتيازات أخرى، لكنها ستعتبر جزءاً من صناعة القرار بالمجلس مثل ألمانيا، التى تعتبر جزءاً من التركيبة الجديدة للمجلس فى اللجنة السداسية المكلفة بمراقبة الملف النووى الإيرانى، ثانيهما هذه الإصلاحات يتمثل فى اقتراح بزيادة عدد الأعضاء الدائمين فى المجلس، ولكن يقتصر حق الفيتو فقط على الدول الخمس الكبرى.
يرى الأشعل، أن مصر تمتلك مقومات تجعلها جديرة بالفوز، بذلك المقعد من أهمها أنها دولة إقليمية كبرى وأنها تساهم دائما فى الاستقرار والسلام ولا تقوم بعمل مشكلات مع جيرانها وخاصة إسرائيل منذ توقيع اتفاقية كامب ديفيد، وأنها دولة ممتدة فى سياستها الحكيمة والحيوية على منطقة الشرق الأوسط والعالم.
ضغوط إسرائيل
ويتخوف الأشعل من ضغوط إسرائيلية قد تستخدمها عن طريق حليفتها الولايات المتحدة لمنع مصر من الفوز بذلك المقعد، وذلك بسبب اتهامها بعدم ضبط الحدود مع غزة وعدم قبولها للاتفاقية الإسرائيلية- الأمريكية الخاصة بنشر مراقبين دوليين على الحدود، وبالتالى عدم إعطاء الفرصة لمصر لكى لا يكون لها دور أكبر فى المنطقة.
وتتفق معظم الدول على أن المجلس، الذى عكس تكوينه بدرجة كبيرة توازن القوى بعد فترة قصيرة من الحرب العالمية الثانية، يحتاج إلى توسيعه حتى يعكس وقائع الحاضر، لكن الاتفاق حول كيفية التوسيع محدود، وبالتالى فرصة مصر للفوز بمقعد دائم قد تكون محدودة أيضا.
سيطرة الكبار
يؤكد د.أحمد رفعت أستاذ القانون الدولى بجامعة القاهرة، أن الدول الكبرى ستسعى ألا يخرج المجلس عن سيطرتهم وحتى لو تم توسيع عدد الدول الدائمين، فسنجد دول كبرى ظهرت مؤخراً على الساحة الدولية مثل ألمانيا واليابان وغيرها تتنافس بشدة من أجل أن يكون لها مقعد دائم، وبالتالى سد الفرص على دول طموحة مثل مصر.
يذكر أن المجلس يضم خمسة أعضاء دائمين يتمتعون بحق (الفيتو). وهم الولايات المتحدة وروسيا وبريطانيا وفرنسا والصين، بجانب عشرة أعضاء يجرى انتخابهم على أساس إقليميى ويمضون ولايات من عامين قبل استبدالهم بآخرين، ولا يملكون حق (الفيتو). وتم تحديد هذا العدد فى 1965 بعدما ظل ستة منذ تأسيس الأمم المتحدة بعد الحرب العالمية.
ويوضح د.رفعت أن من ضمن المقترحات لتوسيع مجلس الأمن، زيادة عدد الدول دائمة العضوية بالمجلس، ولكن بدون إعطائهم حق النقض الفيتو، ليقتصر ذلك الحق على الدول الخمس فقط وأن يتم اختيار دولة واحدة فقط من كل قارة لكى تمثلها أو اختيار دولتين يتم التبديل بينهما كل عدة سنوات يتفق عليها، وبالتالى فإن للقارة الإفريقية مقعداً واحداً دائماً أو مقعدين فقط، على حسب المقترحات، مما سيجعل المنافسة قوية بين دول القارة والتى تقدمت بترشيحها لعضوية المجلس الدائمة.
وبالرغم من أن فرص مصر قد تكون قريبة إذا تم الموافقة على هذا الاقتراح باعتبارها تمثل شمال أفريقيا والعرب وأيضا، لأنها تعتبر دولة محورية قد ساهمت كثيراً فى إقرار السلم والاستقرار العالمى فى المنطقة، إلا أن تخوف إسرائيل من ازدياد دور مصر على الصعيد الإقليمى والدولى قد يجعلها تمارس ضغوطاً أكبر على حلفائها الدائمين فى المجلس من أجل عدم الموافقة على هذا الاقتراح أو أن يكون الدور محدود للغاية.
إصلاح فعلى
ويشير رفعت إلى أن الجمعية العامة التابعة للأمم المتحدة تعتبر بمثابة السلطة التشريعية للمنظمة الدولية وأن مجلس الأمن يعتبر سلطتها التنفيذية وبالتالى لا يتم الموافقة على اى قرار إلا بموافقتهما وهذا ما يحدث مع أى قرار يتخذ ضد إسرائيل فلا يتم الموافقة عليه ألا بموافقة الولايات المتحدة
ويرى رفعت، أن باستمرار الضغط على الدول الأعضاء بالمجلس لكى تتم الموافقة على القرارات التى تفيد القضايا الفلسطينية بغض النظر إذا كانت الدولة التى تمارس الضغوط هذه عضو دائم أو غير دائم هو الأصلح مؤقتاً، والدليل على ذلك نجاح مصر فى إصدار القرار الأخير بإدانة إسرائيل فى حربها الأخيرة على غزة رقم 1860، بالرغم من أنها ليست عضواً فى مجلس الأمن، وذلك حتى يتم الإصلاح الفعلى فى العلاقات بين الدول الكبرى أولاً قبل إصلاح المجلس.
