فاطمة ناعوت

مصرُ التى لا يحبُّها أحد!

الجمعة، 20 فبراير 2009 01:36 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
نشرَ موقعُ جريدة «اليوم السابع» خبرًا عن كتابٍ جديد صدرَ مؤخرًا عنوانُه: «الإعجازُ العلمىّ فى الكتاب المقدّس»، للكاتب صموئيل عشاى. وقامت الدنيا ولم تقعد. فيا هول التعليقات التى وردت على الخبر، حتى قبل مطالعة الكتاب، فضلا عن قراءته وتأمُّله! حتى كتابة هذا المقال، وصل عددُ التعليقات ثمانين تعليقا، أقل ما يوصف به معظمُها أنها تعليقاتٌ خاويةٌ ركيكةٌ سابَّة فقيرةُ الوعى قامعةُ الحرية مصادرةٌ على الرأى الآخر! والأخطرُ أنها تشى بفتنة طائفيةٍ وشيكة، تنضاف إلى هموم وأثقال هذا الوطن الطيّب التعس! الذى لم يعرف هذه الأوجاعَ والتصدّعاتِ والشروخات فى هيكلِ مواطَنتِه، إلا حديثا، فى تزامنٍ، حذو الحافر، مع المدّ الدينىّ الوهابىّ، وفقر الوعى، وتهدّم المُثل، وتصدّع مفهوم المواطَنة بعيدا عن العقيدة، وانهيار منظومة الجمال، التى تكرّست وتغلغلت فى أوصال مصرَ، منذ عقودٍ ثلاثة. انظروا معى طبيعةَ بعض هذه التعليقات لنبكى معا على ما وصلنا إليه من ضِعةٍ فى الفكر، وفقرٍ فى الروح.

(أبدأ بدعوة الكاتب القبطى صموئيل عشاى إلى الدخول فى زمرة المؤمنين! فانه يعرف انه كاذب ومضلل! (كأنما الإيمان مرادفٌ للإسلام فقط، وتدعوه بالكاذب قبل قراءة الكتاب!)- واسلامااااااااااااااه، كيف يجرؤ هذا ال.... ليدعى هذا؟- واسلاماااااااااه اين جيش محمد ليريحنا من الاقباط اصرخوا يا نساء الملسمين فيبدوا أن الرجال قد ماتوا!- ماذا يحدث ما هذه الاكاذيب والافتراءات على دين الله الحنيف!- هلموا لنصرة الاسلام بكتابت التعليقات واننى اطالب اعضاء مجلس الشعب بتقديم طلبات لاى وزير الثاقفه لمنع الكتاب واسلامااااااااااااااااااااه اكتب هذاالتعليق واعرف جيدا ان مديرة الموقع مسيحية سوف تمنعه، لا الله الا الله سيدنا محمد رسول الله- «بسم الله الرحمن الرحيم، قل يا ايها الكافرون لست ابعد ما تعبدون ولا انتم عابدون ما اعبد، صدق الله العظيم.« ارجو من السادة مديرى الموقع رفع الخبر حالا وعليهم نصرة الاسلام بالسماح للشيوخ الاعزاء بكتابة نقد لهذا الكافر المدعو صموئيل عشاى واوجه ندائى الى كل المسبميين فى انحاء العالم الإسلامى وبلاد الغرب الكفرة ان يجهزوا اسلحتهم للهجوم على هذا المنافق. الرجاء من الجميع الكتابة للذنديق عشاى حتى يرجع عن ظلالله.- فعلا اللى اختشوا ماتوا، الخ).
وقد تعمّدتُ أن أنقلَ التعليقاتِ كما هى، بأخطائها اللغوية الفادحة، حتى فى النصّ القرآنى، لتعرفوا إلى أى مدى يصل خواءُ هؤلاء المقاتلين فى سبيل دين، لا يعرفون أبجدياته الأولى، اللغة، التى هى معجزةُ القرآن! يعنى هؤلاء لا قرأوا الكتابَ المشكلة، ولا قرأوا الإنجيلَ، الذى يهاجمونه بعماء، ولا حتى قرأوا القرآن، الذى يقاتلون من أجله!!
ثم يرد مؤلف الكتاب على المعلقين، ويُخطئ فى اللغة بدوره قائلا: (لم اتوقع ان مجرد خبر عن كتاب يثير هذه الطجة واتلقى كل هذه المكالمات من اشخاص متعددون منتميين لتيارات سياسية مختلفه. اشكرك الاصدقاء الذين بادروا بالاتصال بى واطمائنوا على. اما الاشخاص الذين كفرونى فاننى اشكركهم).
تبًّا. ليس تبًّا وحسب لنوعية تلك العقول التى تحمل السيفَ دون تعقّل ولا وعى، بل تبًّا وألف تبٍّ لمن بدأ هذا الهَزَرَ الذى قوّضَ اتساقَ مجتمعٍ وفتّتَ أوصاله. والذى بدأ هذه الأضحوكات هو د. زغلول النجار فى مقالاته الأسبوعية بجريدة «الأهرام». تلك التى تتفننُ فى سرد إعجاز القرآن العلمىّ. كأنما عقيدة المسلم ضعيفةٌ تحتاج تلك الإثباتات لكى تترسّخ! وكلما جدّت نظريةٌ علميةٌ جديدة تنسخُ وتمحو ما قبلها، كشأن العلم دائما متجددٌ ناسخٌ غيرُ ثابتٍ، وما أوتيتم من العلم إلا قليلا، لا يعتذر السيد النجار، بل يجد لنفسه سبيلا سفسطائيًا يتماشى مع مشروعه الذى لا طائل من ورائه سوى مزيد من هدم هذا المجتمع. فحينما يودُّ النجار أن يثبتَ أن الإسلامَ حرّمَ الربا، لا يكتفى بإثبات ذلك وجوبًا، عبر نصّ القرآن، بل يؤكدُ ذلك عن طريق «سلب» هذه المكرُمة من الأديان الأخرى! زاعمًا أن الإسلامَ هو الدين «الوحيد» الذى حرّمَ الربا! ذلك أنه لم يقرأ لا العهدَ القديم ولا الجديد. فيخرجُ عليه مسيحىٌّ غيورٌ على دينه ليفنّد له آياتٍ من الكتاب المقدس حرّمتِ الربا، بل ساوتْ بين المُرابى وبين المُشرك. فلا يعتذرُ النجارُ عن جهله بالكتاب المقدس، ولا يتراجع عن بثّه الشقاقَ بين المسلمين والمسيحيين، بل هو سادرٌ فى طريقه غير عابئ بشىء سوى مشروعه الذى أفنى فيه عمرَه، ولو على حساب وحدة هذا البلد! كأنها الحربُ! والخاسرُ الأوحد هو مصر، التى لا أحدَ يحبُّها!
لذلك جاء تعليقٌ واع، وسطَ كلِّ هذا الركام المحزن الضحل من التعليقات المتشنجة، كتبه أحدُهم تحت اسم «مصرى غلبان» يقول: «نفسى أشوف البلد دى حاجة تانية، ونعدم عشاى والنجار، ونولع فى اللى مبيحبش مصر، إحنا بنحب مصر أكتر من كل ده، احرقوا عشاى والنجار».






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة