«يا حلوة يا بلحة يا مقمعة شرفتى اخواتك الأربعة»، هذه هى التحية التى عودتنا عليها الأفلام السينمائية فى استقبال «المستجدين» من السجناء أو السجينات فى العنابر, إلا أن السنوات الستة التى قضتها ميرفت، 41 سنة، فى السجن بتهمة إحراز المخدرات، تؤكد اختلاف الواقع فى سجن النساء عما قدمته السينما.
ففى الوقت الذى تطالعنا شاشة السينما بزنازين خاصة مكيفة، أو تظهر السجن على أنه الجحيم المقيم ، تؤكد ميرفت أن السجن هو العالم الحقيقى, تقول: «أول يوم كنت مرعوبة وباعيط، تانى يوم بقيت «فريش»، لقيت الناس عادية جدا وهونوا عليه».
لكن أصعب شىء فى السجن هو الانفراد بالنفس: «لو الواحدة انفردت بنفسها ممكن تموت», لذلك فالسجينات يشكلن فى أغلب الوقت مجموعات بحيث لا يعطين لأنفسهن فرصة للتفكير فى حالهن، وللسجينة الحق فى أن تختار العمل الذى تريده أو ألا تعمل على الإطلاق، ونظرا لحبها الشديد للقراءة، اختارت ميرفت العمل فى المكتبة وتوزيع الجرائد على السجينات مما أتاح لها فرصة التعرف على معظمهن.
«كان كل همى انى اشتغل وأأكل نفسى، عشان اللى مش بيأكل نفسه بينداس» ورغم أن السجن يوفر الأكل للسجينات، إلا أن من يأكلن من هذا الطعام هن الفقيرات اللاتى لا يعملن ولا يأتى أحد لزيارتهن.
ويصل الأكل للسجينات على شكل 3 «إزانات» أرز و3 مثلها من الخضار وما يطلق عليه الجراية اليومية وهى عبارة عن ثلاثة أرغفة لكل سجينة.
وتعويضا عن الأدوار الاجتماعية التى تفتقدها السجينات داخل السجن، تتبع السجينات نظام التبنى، والذى يصبح بموجبه لكل سجينة أم وبنت وحفيدة، حيث تذهب السجينة لعرض نفسها على السجينة الأكبر سنا، وتقوم بخدمتها مقابل أن تتكفل الأم بكل احتياجات الابنة, كما تقوم كل سجينة بغسيل ملابس مجموعة من السجينات مقابل عدد من علب السجائر فى نهاية كل شهر, وتتميز ملابس السجينات باللون الأبيض, ويكتب على كل جلباب «مسجون» وهى الكلمة التى تحاول السجينات محوها.
لا يسمح بدخول النقود إلى السجن، حتى يكون الجميع سواسية ويتم التعامل من خلال السجائر، فيما يشبه نظام المقايضة, أما إذا كانت السجينة تمتلك أموالاً فى الأمانات, فإنها تأخذ بونات بما يعادلها لتشترى كل احتياجاتها, ويوفر السجن كل ما ترغب السجينات فى شرائه: «لو عاوزين جاتوه ممكن نطلب من المأمور».
وفى السجن يسمح للسجينة بأن تحتفل بعيد ميلادها، ويمكنها أن تتزين وتضع المكياج وتصفف شعرها بشرط الالتزام بالجلباب والطرحة البيضاء: «مافيش حاجة اسمها ضرب فى السجن، الضابط يخاف لو ضرب سجينة تتهجم عليه باقى السجينات، الكترة تغلب الشجاعة» ففى حالة وقوع أى شجار بين السجينات تحاول السجانة حل المشكلة, وإن لم تستطع يصعد الأمر إلى المشرفة, ثم إلى ضابط المباحث ومنه إلى المأمور, الذى يأمر بإدخال الطرفين للتأديب وهو الحبس الانفرادى. وهو مالم تصادفه ميرفت خلال فترة سجنها حيث تعتبره إهانة، لأنه يعد علامة سوداء فى ملف السجينة، ويعطل خروجها بعد ثلاثة أرباع المدة.
التقت ميرفت فى السجن بصاحبات أشهرالقضايا فى الآونة الأخيرة، فتحكى عن «راندا الشامى» المحبوسة فى قضية الأموال العامة، حيث تصفها بأنها واثقة من نفسها، ولا تتعالى على أحد, والمذيعة أمانى أبوخزيم، التى كانت منطوية قليلا فى البداية, ومع الوقت أخذت تشغل وقتها فى الكروشيه، أما الممثلة وفاء مكى فتصفها بأنها كانت الأكثر انطواء ولا تتكلم إلا مع صديقتين لها فقط.
كما التقت بـ«ناهد القفاص» صاحبة قضية القتل الشهيرة، التى جسدتها الفنانة نبيلة عبيد فى فيلم «المرأة والساطور» والتى تردد دوما «لو كان عايش كنت قتلته مرة تانية». والدكتورة سحر زوجة الفنان عبد العزيز مخيون، والتى كانت تقول: «كنت أتمنى أن يحكم على بالإعدام ولا يحكم على بسنة فى قضية زنى» وتقول عنها «ست ممتازة وأخلاقها فوق الوصف».
أما عن أكثر القصص غرابة، فتحكى ميرفت عن لقائها بفتاة فى الرابعة عشرة من عمرها، قتلت ابنة عمها بفصل رأسها عن جسدها باستخدام ساطور، ثم حاولت لصق الرأس على الجسم مرة أخرى ظنا منها أنها ستعود كما كانت.
ميرفت أول يوم كانت «بتعيط» وثانى يوم صارت «فريش»
دخلت السجن فى قضية مخدرات وجلست مع راندا الشامى وأمانى أبوخزيم ووفاء مكى وخرجت لتحكى قصتها
الجمعة، 20 فبراير 2009 01:31 ص
ميرفت عملت بمكتبة السجن لحبها فى الكتب
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة