محمد فوزى طه يكتب..

حنين إلى زمن فات

الجمعة، 20 فبراير 2009 01:37 م
حنين إلى زمن فات

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أصبح القبيح متواجدا بكثرة مسيطرا على كل شئ.. تمادى وتواصل وانتشر فعدنا نحيا فى غابة.. ضاعت المعالم والحدود ودبت الفوضى حتى فى الأحاسيس والمشاعر.. أصبحنا نرى المذابح والقتل والتدمير والخنوع والابتزاز الفردى والدولى على مدار اليوم فى الشارع، وعبر شاشات التلفاز مباشرة من وسط الحدث.. ونحن نأكل طعامنا ونحتسى شرابنا فتبلدنا ولا أعرف كيف؟ وواصلنا النوم!.. ورضينا بكل قبيح دون أن يطرف لنا جفن.. بحثت عن القيمة.. المعنى.. مفردات الإنسانية.. كان البحث شاقا وسط تلك الكآبة والزيف.. أود أن أكون نفسى السابقة.. ذاتى الأولى.. حينما كنت أفرح بسقوط المطر، وألهث وراء قرص الشمس ساعة الغروب، علنى أمسكها فأملكها.. أو أن أحادث القمر فلا يرد فأزعم أنه كان سيتكلم لولا أن السحابة قد غطته فلم يقو على البوح.. أو أن أندهش عندما يجرح أصبعى فأجد الدم لازجا دافئا عالقا بيدى، فأنبهر بهذا الشئ الجديد القانى..

أن أخاف من نباح فاجئنى لكلب شريد فى ليل لم أنمه جراء حمى أصابتنى، فأدخل مترنحا فى صدر أمى.. أن أتشبث بمبدأ أبى القوى عندما يتحدث للناس وانا بجانبه فاغرا فاهى لقوة حجته ورجاحة عقله وعدله.. أوحشنى ما كنا نفعله مع أشرف الحرامى الذى كان يسرق كل ماتطوله يداه وكنا نمسكه ونذفه ونضربه بأيدينا الصغيرة، ومع ذلك كنا نبكيه حتى ندميه، إلى أن غاب تماما وأراه بعد طول عمر يتاجر فى الأراضى!، أحن إلى جرس الباب لأرى مهنئينا فى المناسبات والآعياد وقد جاءوا بلهفة وحب من العين يخرج قبل الكلام، والآن رسائل قصيرة تصل فى ثوانى معدودة معلنة بداية المناسبة وانتهائها دون وجه يطل!!..

أنهكنى التغيير الموحش الردئ المتعالى... الماء الذى كنت أشرب منه كثيرا أصبحت أخافه بالمرة لأنه مشكوك فيه، فلم يعد بلا لون، لقد تلون هو الآخر.. أفكر مليا فى المساء ماسوف نأكله فى الغد وكيف؟.. وراعتنى الأسئلة.. فرت الإجابات.. أزمات تلو أزمات نحياها فتجلدنا بسياط لا نراها.. دمائنا تسيل دون نقطة دم واحدة!.. إكفهرت وجوهنا ألما وصارت ضحكاتنا بكاء متواصلا مشروخا من قلوب تمزقت وتجلطت وتحيا فى غرفة إنعاش غير مؤهلة.. لم نعد نحلم.. نتذكر.. عدنا زحام ولا أحد ..





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة