نيويورك تايمز: المصريون يعارضون ولكن بدون أنياب

الخميس، 19 فبراير 2009 04:29 م
نيويورك تايمز: المصريون يعارضون ولكن بدون أنياب المصريون يعارضون ولكن بدون أنياب
إعداد رباب فتحى عن صحيفة نيويورك تايمز

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
اهتمت صحيفة نيويورك تايمز برصد الأوضاع الاجتماعية داخل الشارع المصرى وطبيعة العلاقة التى تربط الحكومة بالشعب، خاصة بعد انتشار ظاهرة المدونات الإلكترونية، والتى شكلت تهديدا كبيرا على الحكومة المصرية فى الفترة الأخيرة.

وتقول الصحيفة إنه يوجد فى مصر حرية نسبية تسمح للمرء بإبداء الاعتراض وتقديم الشكاوى وحتى انتقاد الحكومة المصرية وأجهزة الأمن. فمصر لا تشبه سوريا فى هذا المضمار، أو المملكة العربية السعودية، اللتين تعالجان النقد الموجه للدولة باستخدام القسوة والعنف. وهنا تحديدا تتوقف الحرية.

ويقول الكاتب الإسلامى فهمى هويدى إنه غالبا ما ينتقد الحكومة دون التعرض للعقاب، ويضيف: "المشكلة هى أنك تستطيع قول ما تريد، ولكنك لا تستطيع اتخاذ إجراء، لذا أطلق على "حرية التعبير"، "حرية الصراخ".

وقد جذب اعتقال المدون والناشط المصرى الألمانى فيليب رزق، الذى نظم مسيرة سلمية لدعم فلسطينيى غزة، الانتباه الدولى، وذلك بسبب جنسيته المزدوجة، وكذلك لأنه احتجز فى معزل عن العالم الخارجى دون إدانته بتهمة محددة.

ويجمع النشطاء والخبراء السياسيون والمدونون والإسلاميون والسجناء السابقون وجماعات حقوق الإنسان فى مصر وخارجها، على أن السبب الحقيقى وراء جعل قضية رزق قضية "غير عادية"، هو الشكل الروتينى الذى آلت إلية مجريات هذه القضية، فمن الشائع جدا فى مصر أن تقوم أجهزة الأمن بالقبض على المدنيين، وحجزهم دون تهمة معنية، ورفض الإدلاء بأى معلومات تفيد بمكان احتجازهم، بل وحرمانهم حتى من الحد الأدنى من الحماية المدنية، فى ظل قانون الطوارئ الذى تم التصديق عليه منذ عقود طويلة للمساعدة فى مكافحة الإرهاب.

يقول جمال عيد، المدير التنفيذى للشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان فى القاهرة، إن "مصر يخيم عليها نوع من الديكتاتورية الناعمة".

وقد قررت على ما يبدو الأجهزة الأمنية أن تقبل بصورة عامة نقد الصحف. ولكن فيما يتعلق بالنقد الذى توجهه المدونات إليها فتلك نقرة أخرى، ولذلك، ولأسباب غير واضحة، تتخطى المدونات الحدود التى تفصل بين التحدث والتصرف، بين النقد وأخذ إجراءات إيجابية.

قد يكون السبب أن المدونين بطبيعتهم لا يبدون استعدادا للتوقف عند الحد الذى يسمح به النقد، فمثلاً، يتعامل الصحفيون بحذر شديد عندما يتعلق الأمر بالرئيس مبارك، بينما لا يأبه المدونون بمهاجمته بصورة صريحة وواضحة، لذا يتم القبض على العديد من المدونين ويتم تعريضهم لشتى أنواع الضرب بل ويتم سجنهم فى كثير من الأحيان، ويضيف جمال عيد أن المنظمة التى يديرها تتعامل مع أكثر من 100 قضية اعتقال كان المدونون أبطالها، ويحتفظ عيد فوق حائط مكتبه بصورة عبد الكريم نبيل سليمان، المدون الشاب الذى حكم عليه بقضاء أربع سنوات فى السجن لانتقاده الرئيس حسنى مبارك، ومؤسسات الدولة الدينية.



وتشير الصحيفة إلى حالة كريم البحيرى، مدون إلكترونى آخر، يعانى من انهيار عصبى، حيث لا تتوقف ساقيه عن الاهتزاز، وعيناه دائما زائغتان، ويدخن أكثر من ثلاثة علب سجائر يوميا، كما يعانى من فقدان الذاكرة والإعياء منذ أن اعتقل دون توجيه اتهام إليه لمدة 73 يوما، حتى بعد إصدار أمر قضائى بالإفراج عنه، بواسطة أمن الدولة.

تقول الصحيفة إن البحيرى، الذى لا يتعدى عمره 25 عاما، قد كتب عن الفساد وحقوق العمال فى مصر. وكان يعمل فى مصنع نسيج تملكه الدولة، هذا المصنع الذى أضرب عشرات الآلاف من عماله شهر أبريل المنصرم، احتجاجا على أجور الحكومة الضعيفة. وقال البحيرى إنه تعرض للضرب والصدمة وتقييد اليدين حيث كان مصفدا معظم الوقت خلال محنته. وذكر البحيرى لصحيفة نيويورك تايمز إنه "لوهلة اعتقد أن هناك قوانين تحكم البلاد عندما أمر القاضى بإطلاق سراحه".

وتتطرق الصحيفة إلى قضية مدون آخر، يدعى ضياء الدين جاد، يبلغ من العمر 23 عاما، تم القبض عليه فى نفس اليوم الذى احتجز فيه رزق، ولكن لم يسمع عنه أحد منذ ذلك الحين.

ومن جهة أخرى، تقول الصحيفة إنه وسط كل هذا الزخم، توجد منطقة رمادية. وترى الصحيفة أنه على الرغم من أن جماعة الإخوان المسلمين- وهى حركة دينية واجتماعية ترغب فى أن تطبق الشريعة الإسلامية فى حكم مصر- محظورة على الصعيد القانونى فى مصر، وغالبا ما يتم القبض على أعضائها، وتتم محاكمتهم أمام محاكم عسكرية، إلا أنها تملك مكاتب فى مناطق متفرقة من الدولة، تتمكن من خلالها من ممارسة النشاطات الدينية والخيرية.

ويرى بعض النقاد أن الحكومة تسمح لجماعة الإخوان بالبقاء والنضال حتى يتمكن المسئولون المصريون من إخبار العالم الغربى أنهم يكافحون من أجل إبعاد الإسلاميين عن السلطة. ومع ذلك، تم القبض على 740 عضوا من أعضاء الجماعة لأنهم تظاهروا للتنديد بالعدوان الإسرائيلى على غزة ولدعم سكانها.

وتنقل الصحيفة معتقدات بعض النشطاء السياسيين الذين يرون أن زعماء مصر يعتقدون أن الإدارة الأمريكية الجديدة فى واشنطن ليس لديها الوقت أو الطاقة، فى ظل ظروف البلاد الراهنة وأحوال الاقتصاد الصعبة، لتفكر فى القمع التى تعانى منه القاهرة.

يقول حسن نافعة، أستاذ العلوم السياسية فى جامعة القاهرة، إن "النظام المصرى نظام قديم لا يمتلك الرؤية التخيلية الطموحة للبحث عن حلول جديدة، والنسق القمعى التى تعانى منه البلاد إنما هو نتاج الأجهزة الأمنية، وليس نتيجة رؤية سياسية".

وتتطرق الصحيفة إلى وجه النظر المعارضة، ووجه نظر الحكومة المصرية، وتقول نقلا عن اللواء حمدى عبد الكريم، المتحدث الرسمى باسم وزارة الداخلية، إن "الادعاءات الكاذبة التى يروجها المخطئون لن تحول دون ممارسة السلطة لتعزيز الاستقرار والنظام حيث يحاول كل شخص فى ورطة تبرير موقفه".

ويضيف عبد الكريم: "الانطباع الذى اخذتموه خطأ، خطأ، خطأ، لأنكم تستمعون إلى المدونين الإلكترونيين. وإن كنتم ترغبون فى الحصول على الانطباع العام، يتعين عليكم العودة إلى الشارع المصرى وطرح الأسئلة على الأشخاص الذين يتعاملون مع قوات الشرطة بصورة يومية".





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة