لا يزال الغموض يحيط بمصير الجندى الإسرائيلى الأسير لدى حركة حماس جلعاد شاليط، فى ظل تراجع قادة حماس عن ربط صفقة الإفراج عن الجندى بالهدنة التى ترعاها مصر، والسؤال الذى بات أكثر إلحاحاً فى الشارع المصرى والإسرائيلى والفلسطينى على حد سواء، هل قُتل الجندى جلعاد شاليط خلال القصف الإسرائيلى على غزة؟، وهل قُتل مع وزير الداخلية الفلسطينى الشهيد سعيد صيام فى غارة يوم 15 يناير 2009 أو على الأقل أصيب؟
الجواب المباشر وفق المعلومات المتاحة ووفق تغير الموقفين المصرى والفلسطينى إزاء الهدنة وعدم ربطها بشاليط، هو "نعم" قتل جلعاد شاليط غير مأسوف عليه، وإسرائيل يبدو أن لديها المعلومات نفسها التى تشير إلى وفاته فربطت الهدنة، اليوم السابع يرصد أبعاد الأزمة وحقيقة حياة الجندى الإسرائيلى من عدمها.
فى 15 يناير 2009 ومع اشتداد القصف الجوى الإسرائيلى لقطاع غزة تمكن الإسرائيليون بمعاونة بعض جواسيس غزة فى تحديد المكان الذى يختبئ فيه وزير الداخلية الفلسطينى الشهيد سعيد صيام، والذى تم استشهاده نتيجة القصف الإسرائيلى للمكان، فى ذلك الوقت وردت أنباء من مصادر فلسطينية ومصادر فى لبنان تنتمى لحماس عبر تقارير صحفية مقتضبة مفادها، أن شاليط قتل أو أصيب بشكل خطير فى الغارة على الشهيد سعيد صيام، حيث كان معه فى تحركاته.
دعم هذه التقارير تصريحات قادة حماس المتناقضة، حيث سبق أن أعلن الدكتور صلاح البردويل استعداد الحركة لتسليم شاليط مقابل رفع الحصار وإنهاء الحرب وفتح المعابر، وأفادت تقارير صحفية إسرائيلية أن حركة حماس وافقت على إطلاق سراح الجندى الإسرائيلى جلعاد شاليط، الذى أسرته حماس فى عام 2006 مقابل رفع الحظر على دخول السلع إلى قطاع غزة. وأضافت التقارير نقلاً عن ممثلى حركة حماس أن إسرائيل اقترحت السماح بدخول 75% من مجموع السلع التى منع دخولها إلى القطاع فى الفترة السابقة مقابل الإفراج عن الجندى الإسرائيلى، الذى أسرته حماس عام 2006.
وأوردت أقوال الدكتور صلاح البردويل رئيس كتلة نواب حماس فى البرلمان الفلسطينى، الذى أكد أن حركته توافق على إطلاق سراح الجندى الإسرائيلى الأسير يوم الخميس الموافق 5 فبراير2009، وهى تصريحات تحمل مناورة لوقف العدوان على غزة.
كذلك فإن الدكتور محمود الزهار القيادى فى حماس سبق وأن وافق على هدنة شاملة صفقة تبادل الأسرى مع جلعاد شاليط فى القاهرة، غير أن الحركة جددت رفضها ربطَ ملف التهدئة بأى ملف آخر كملف صفقة تبادل "جلعاد شاليط"، وقالت إن محاولة الكيان الصهيونى الربطَ بين الملفين إشارة إلى عدم جديته الأمر الذى يُعتَبر ضرباً للجهود المصرية ومحاولةَ ابتزاز لن ترى النور، مشيرة إلى أن التهدئة هى حاجة للكيان أكثر منها حاجة فلسطينية.
وقالت الحركة فى بيانها "إن الإفراج عن الجندى الأسير لا بد أن يكون فى إطار عملية تبادل، وإن الحركة منذ اليوم الأول مستعدة لإبرام هذه العملية ودوما كان قادة العدو ولاعتبارات شخصية وحزبية وانتخابية يمنعون التوصل إلى هذه العملية الإنسانية، ويُصرون على استغلال هذه القضية الإنسانية ومعاناة ذوى الجندى الأسير لمصالحهم الذاتية.
الجهود المصرية كانت قاب قوسين أو أدنى من التوصل إلى هدنة ضمنها جلعاد شاليط، بل أن مصر كانت متمسكة بهذه النقطة تحديداً وفقاً لرغبة إسرائيلية ومؤخراً تم التراجع عنها.
موسى أبو مرزوق نائب رئيس المكتب السياسى لحركة حماس قال، إنه لا يملك معلومات كافية وربما يكون شاليط من ضمن الأطفال الذين ماتوا حقيقة لا أدرى، وقال إن شاليط لا يساوى بالنسبة له هرة، وأضاف أن "هذه المسألة أصبحت لا تعنينا ونحن غير آبهين بسلامته على الإطلاق.
وقال "لم نضع له حماية خاصة؛ لأن مثله مثل أى قطة أو أقل سلامته لا تهمنا ولم تعد تعنينا".
أما ممثل حركة حماس فى لبنان أسامة حمدان فقال، بكل وضوح أن احتمالات موت أو فقدان أو بقاء شاليط على قيد الحياة كلها مفتوحة، وهذا يدعو للاستنتاج بأن شاليط ربما يكون قتل فى الحرب وربما يكون قتل مع آسريه وفقدت آثارهم جميعاً خاصة، وأن الجيش الإسرائيلى أعلن أن سعيد صيام ومن معه من الذين استشهدوا هم الحلقة المتصلة مع الخلية الآسرة لشاليط، وبهذا قد يكون شاليط فقد إلى الأبد مع آسريه.
فى بداية الحرب أعلنت مصادر فلسطينية، أن الجندى الأسير أصيب فى أحد الغارات. وقال المسئول عن الهيئة الأمنية السياسية الإسرائيلية عاموس جلعاد إنه وبعد انتهاء الحرب على غزة كانت لدينا معلومات بأن الجندى"الإسرائيلى" الأسير فى غزة جلعاد شاليط على قيد الحياة، إلا أننا بدورنا علينا أن نتأكد من تلك المعلومات. وأضاف كل قيادة إسرائيل تسعى للإفراج عنه لإعادته سالمًا لأهله.
كانت مصادر مطلعة قد صرحت فى بداية العدوان على غزة بأن الجندى الصهيونى الأسير فى غزة جلعاد شاليط أصيب فى إحدى الغارات التى تواصل طائرات الاحتلال تنفيذها على قطاع غزة. وقالت المصادر إنه يجرى تداول نبأ يفيد بأن شاليط الذى أسرته المقاومة فى يونيو 2006،أصيب بجروح فى إحدى الغارات.
ولم توضح المصادر طبيعة الإصابة التى تعرض لها شاليط أو المكان الذى تعرض فيه للقصف. ورفضت مصادر رسمية فى حركة حماس تأكيد أو نفى إصابة شاليط، ولكنها حملت قادة الاحتلال المسئولية الكاملة عن أى مصير يلحق به.
وقالت المصادر "صحيح أن شاليط مهم كورقة من أجل إطلاق سراح أسرانا فى سجون الاحتلال، ونحن متمسكون بإنجاز الصفقة، غير أن تصاعد العدوان يجعل تكرار ما حدث للطيار الإسرائيلى رون أراد فى لبنان أمراً متوقعاً.
من جانب آخر صرح رئيس الوزراء الإسرائيلى إيهود أولمرت بأن إسرائيل لن تسمح بفتح المعابر بين أراضيها وقطاع غزة ما لم يفرج عن جندى جيش الدفاع جلعاد شاليط. وأضاف أولمرت أن إسرائيل لن تسمح بنقل البضائع وحتى المساعدات الإنسانية إلى أن يعود شاليط إلى ذويه. وأكد أن جلعاد شاليط يقف فى طليعة سلم الأولويات يليه موضوع وضع حد لتهريب السلاح إلى قطاع غزة ثم وقف مطلق للنشاطات المعادية التى تمارسها حركة حماس انطلاقاً من قطاع غزة.
وأضاف أن حماس تخطئ إذا اعتقدت أن إسرائيل ستفتح المعابر لتقويتها وعندها ستقوم بإعادة جلعاد شاليط. وربط أولمرت اليوم بين إطلاق شاليط والهدنة الإسرائيلية بناء على قرار مجلس الحرب الإسرائيلى، مما يؤدى إلى زيادة التوتر، ومما يقوى موقف مقتل شاليط، تراجع مصر عن ربطه بالهدنة حيث أكد الرئيس حسنى مبارك أن مصر بذلت جهداً كبيراً مع الجانبين الفلسطينى والإسرائيلى للتوصل إلى تهدئة وتثبيت وقف إطلاق النار فى قطاع غزة، مشيراً إلى أن هذه الجهود حققت نجاحاً طيباً إلا أن الإسرائيليين يغيرون كلامهم دائما، موضحاً أن مصر لن تيأس وستواصل جهودها والضغط على إسرائيل حتى يتم التوصل إلى اتفاق التهدئة لإنهاء معاناة سكان القطاع. وشدد على أن مصر لن تغير موقفها إزاء إرساء التهدئة، وأن موضوع الجندى الإسرائيلى جلعاد شاليط هو موضوع منفصل ولا يمكن ربطه بأى وجه بمفاوضات التوصل إلى التهدئة.
يذكر أن الوزير عمر سليمان رئيس المخابرات المصرية ربط بين مصير شاليط والهدنة وتبادل الأسرى فى وقت سابق، إلا أن مصادر أمنية مصرية قالت، إن مصير شاليط من الصعب تحديده وإن كانت التوقعات تفيد مقتله، إلا أن حماس وحدها هى التى تعرف مصيره.
وقالت حتى إذا قتل شاليط يمكن إبرام صفقة لتبادل الأسرى أيضا، خاصة أن هناك رفات جندى آخر لدى حماس يمكن وضعه فى الصفقة، لكن هناك احتمالات كبيرة تشير إلى مقتل شاليط خلال القصف الإسرائيلى على غزة، مما يؤكدها تصريحات قادة حماس حول مصيره، وقالت إن موقف إسرائيل ربط الهدنة بشاليط يقود المنطقة لكل الاحتمالات.
تصريحات حماس وموقف مبارك يؤكدان وفاته..
هل قُتل الجندى الإسرائيلى جلعاد شاليط؟
الأربعاء، 18 فبراير 2009 06:55 م