الاتحاد من أجل المتوسط، اليورميد، الشراكة الأورومتوسطية، مصطلحات عديدة تطفو على سطح السياسة الدولية فى الفترة الأخيرة لتفتح جدلا واسعا حول شراكة دول البحر المتوسط وحوار الثقافات بينهم، والذى تتبناه العديد من البلاد والحكومات.. "أندرى إزولاى" رئيس مؤسسة "أنا ليندا" الأورومتوسطية للحوار بين الثقافات ومستشار الملك محمد السادس ملك المغرب وعضو مجلس أمناء جامعة الأخوين المغربية، يحاول معنا فك شفرة الأورومتوسطى.
"إزولاى" أشاد خلال حديثه الخاص مع اليوم السابع على اختيار الرئيس مبارك أول رئيس مصرى يرأس عملية برشلونة "الاتحاد من أجل المتوسط"، واعتبر هذه الخطوة تاريخية، مشيرا إلى تعاون المؤسسة مع منظمات المجتمع المدنى للدمج بين شمال وجنوب المتوسط من خلال دفع السلام والمساواة وتكافؤ الفرص بين الشعوب دون أى طمس للهويات.
ما دور المؤسسة فى الاتحاد من أجل المتوسط؟
مؤسسة "أنا ليند" تتوسط مشروعات اتحاد من أجل المتوسط، وهى تعمل برؤية جديدة مبنية على التوسع فى بناء جسور التفاهم وإزالة الفوارق الثقافية والاجتماعية فى منطقة حوض البحر المتوسط.
كيف؟
نحن كمؤسسة نلعب دورا رئيسيا فى إعطاء شرعية ثقافية وسياسية لهذا الاتحاد من أجل المتوسط، وأنا كرئيس للمؤسسة أرى أن الوقت أصبح مناسبا لتعزيز هذه الرؤية المرحلية الثقافية بإعطائها تعريف سياسى.
ما دور المؤسسة فى هذا الدمج؟
المؤسسة تلعب دورا كبيرا فى هذا الدمج السياسى الثقافى من خلال فى سد الفجوة والتقريب ما بين جانبى البحر المتوسط فى الشمال والجنوب. وهذا النوع من التواصل بينهم يقوم فى الأساس على مبادئ المساواة والاحترام المتبادل، والتكامل بين الأطراف، ونحن نعتبر هذه فرصة جديدة لبناء الاتحاد على فكرة المساواة وتكافؤ الفرص، والتشارك فى الرؤى بين شعوب البحر المتوسط فى الشمال والجنوب.
ما هى الآليات التى تعتمد عليها المؤسسة لتنفذ هذا؟
هناك العديد من الآليات، فنحن كمؤسسة دولية نتعامل بشكل مباشر مع 2000 منظمة مجمع مدنى، ما بين منظمات غير حكومية وجمعيات أهلية منتشرة فى 43 دولة مطلة على البحر المتوسط، والتى تستهدفها المؤسسة، وهذا النوع من التعاون يخلق نوعا من التقارب بين شعوب المنطقة، والتأثير فيها بشكل مباشر من خلال هذا المنظمات التى نعمل بالشراكة معها.
ما هى أوجه هذه الشراكة؟
على سبيل المثال اجتماع المحافظين بمدينة "نيس" الفرنسية، والذى استكمل وضع الخطوط النهائية للخطة المرحلية الجديدة التى تمتد مددتها لثلاث سنوات تبدأ فى عام 2009 وتنتهى فى عام 2011.
ماذا ستفعل خلال تلك الفترة؟
ستركز بشكل كبير على ستة مشروعات أساسية، منها مشروع مرصد للمكونات السلوكية الاجتماعية والثقافية فى المنطقة، والذى يهدف إلى إعطاء فرصة سانحة لمعرفة وتحديد الفجوات الإنسانية والثقافية والدينية ما بين شعوب المنطقة كلها من خلال تحديد الآراء الغربية فيما يتعلق بالعرب ومعرفة الآراء العربية فيما يتعلق بالغرب.
ولكن هذا المشروع يعتبر نظريا كيف سيترجم على أرض الواقع؟
الجزء العملى الخاص بهذا المشروع سيكون من خلال دارسة العديد من الظواهر فى بؤر الصراع والأماكن الساخنة فى المنطقة مثل العراق وفلسطين، هذا فى الجزء العربى، أما فى الجزء الأوروبى فسيتم دراسة ظاهرة الخوف من الإسلام لدى الغرب.
كيف؟
كل هذه الظواهر سيتم دراستها بشكل علمى من خلال هذا المرصد بحيث أنه سيتم وضع معطيات وتحليلها بحيث عندما نتحدث مع الآخر لا نتحدث إليه ونحن نجهله، ولكن نكون على دراية ومعرفة بكل ما لديه وهذا هدف المشروع.
هذا المشروع يعتبر مشروع بحثى هل لديكم مشروعات عملية؟
المشروع الثانى من الستة مشروعات التى أقرت فى"نيس" مشروع تعليمى يستهدف مرحلة الانتقال من التعليم المدرسى إلى مرحلة التعليم الجامعى من خلال تعديل المناهج الدراسية، بإضافة رؤية الشراكة الأورومتوسطية "اليورميت" فى المناهج الدراسية.
ما فائدة هذا بالنسبة لكم؟
بذلك سنضمن وصول معلومات سليمة عن أهدافنا إلى الأجيال الجديدة، وهذا النوع من الدمج سيخلق نوع من الشرعية داخل بلاد المنطقة من خلال فهم وإعداد الأجيال القادمة بفهم هذه الشراكة ومعرفتها بشكل جيد، والعمل والتجاوب معها بشكل جيد يضمن نجاحها واستمراريتها.
من أهم أهدافكم الحوار بين الثقافات فهل لكم مشروعات ثقافية؟
المشروع الثالث متعلق بالثقافة يستهدف المفكرين ما بين شمال البحر المتوسط وجنوبه، من أجل الجمع ما بين المفكرين وعدم إهدار الفرص التى لم يستفد منها أحد، وخلق نوع من الاستفادة من كل الفرص، مما سيخلق فرصا ثقافية وسياسية تخدم عملية السلام وتعمل بشكل أساسى على إنجاح فرصة "اليوروميد".
المشروع الرابع مشروع ثقافى أيضا للتعريف، هدفه التقريب بين الشرق والغرب من خلال الأنشطة الثقافية، فالثقافة هى لغة حوار وتفاهم، فمن خلال الفن والموسيقى نستطيع أن نقرب بين وجهات النظر ونخلق نوعا كبيرا من الحوار ما بين ثقافات البحر المتوسط وجنوبه.
من أهم مبادئ الشراكة "الأورومتوسطية" السلام، ما دوركم كمؤسسة فى دعم عملية السلام فى المنطقة العربية التى تعتبر منطقة توترات وصراعات داخلية وخارجية؟
دورنا كمؤسسة "أنا ليند" فى صنع السلام بالمنطقة العربية يختلف، فإننا سوف نساعد فى بناء رؤية جديدة لمواجهة القضايا السياسية فى المنطقة، ولا شك أن تلك القضايا السياسية أفسدت الجو العام وأفسدت معه بعض القيم الأصيلة الموجودة فى منطقة "الأورومتوسطى".
كيف سيكون لكم دور؟
سوف نقوم بإعداد منهجية جديدة محل هذه التى أفسدت الجو السياسى فى المنطقة، وهذه التجربة تعد فرصة جديدة لإعادة النظر فى هذه القضايا بشكل عام تهدف إلى خلق سلام عادل وشامل.
كيف، ما هى آليات تنفيذكم لهذه الخطة؟
من خلال مخاطبة الشعوب عن طريق المجتمع المدنى لدفع فكرة السلام ما بنى الشعوب وقبولها لبعضها البعض، فإن ذلك سوف يساعد على النظر لقضية السلام بشكل مختلف، ودفعها للعمل فى اتجاه بناء جسور التقارب فى المنطقة من أجل خلق فهم أفضل وخلق الاحترام المتبادل لبناء فرص جديدة للسلام. ونحن كمؤسسة نعمل فى إطار سياقى بالمنطقة هذا السياق هو فرصة سانحة لابد أن نستغلها لتحقيق هذه الأهداف.
كيف تم ترجمة هذه الأهداف على أرض الواقع؟
فعليا لدينا مصر على سبيل المثال فالرئيس المصرى محمد حسنى مبارك يرأس الاتحاد "الأورومتوسطى"، والذى يعتبر منظمة أوروبية ووجود رئيس عربى يرأسها، هذا فى حد ذاته يعتبر حدثا تاريخيا لأنه لم يحدث من قبل، وهذه الخطوة ستخلق آمالا جديدة للسلام فى المنطقة كلها.
إذا كان الاتحاد فعليا منظمة أوروبية فهل لكم تعاون مشترك مع منظمات عربية؟
نحن نتعاون مع كل الحكومات العربية، وكافة منظماتها فعلى سبيل المثال الجامعة العربية عضو أساسى مشارك فى الاتحاد.
هل التعاون على بنفس الشكل مع إسرائيل؟
إسرائيل دولة موجودة وتطل على البحر المتوسط، وهى بذلك عضو فى الاتحاد ولتكامل فكرة السلام التى وضحتها فلدينا نائبان للأمين العام فى الاتحاد، أحدهما إسرائيلى والآخر فلسطينى، كل هذا يخلق ويشكل قوة دافعة جديدة لعملية السلام من جانب، و"اليور ميد" فى منطقة الشرق الأوسط على الجانب الآخر.
هناك اتهام مباشر يوجه للاتحاد من أجل المتوسط وهو سعيه لطمس الهوية العربية فى المنطقة؟
لا أرى هذا تهديدا أو إضعافا للهوية العربية، بل على العكس هو يقويها ويعززها والمثال على ذلك الاتحاد الأوروبى الذى يضم دولا أوروبية كثيرة، وجودها داخل هذا الاتحاد لم يؤثر على أى من هوية تلك الدول، فلا تزال تلك الدول كما هى بلا تهديد أو إضعاف أى منها بل على العكس أصبحت أقوى من قبل.
ولكن الدول العربية تختلف عن الأوروبية؟
نحن فى المنطقة العربية لابد أن نفكر بفلسفة جديدة قائمة على كيفية أن نصبح أقوى من زى قبل، وأنا أرى أن هذا الاتحاد من أجل المتوسط، هو فرصة سانحة لجعل بلدى العربية جزءا مشاركا فى المجتمع العالمى والدولى، فأنا لا أريد أن تنحى بلادى جانبا، ولا يشارك فى الفعاليات العالمية، بل أريده أكثر انفتاحا على الآخر، وأنا أثق فى تقاليدى وتاريخى ثقة كبيرة، ولا أخشى أن يطلع عليها الآخرون، وهذا لا يعنى أى نوع من أنواع أضعاف الهوية العربية.
لمعلوماتك..
◄ مؤسسة "أنا ليند" الأورو-متوسطية
◄ منظمة بين حكومية أى بمشاركة حكومات الدول الأعضاء فى الاتحاد من أجل المتوسط، هدفها العمل من أجل تعزيز الحوار وغاية التعرف على "الآخر" تحصل على مواردها من الدول الأعضاء فى الشراكة الأورو-متوسطية والمفوضية الأوروبية، وتستدل بقيم عملية برشلونة، وأخصها "التقارب بين الشعوب من خلال الشراكة الاجتماعية والثقافية والإنسانية" ومقرها مدينة الإسكندرية.
◄ 2004 عام تأسيس وزراء خارجية مؤتمر الأورو-متوسطية لمؤسسة أنا ليند
◄ 2000 منظمة أعضاء فى مؤسسة" انا ليند"
مستشار محمد السادس: رئاسة مبارك لاتحاد المتوسط "تاريخية"
الأربعاء، 18 فبراير 2009 01:13 م
مستشار ملك المغرب خلال حواره لليوم السابع ـ تصوير سامى وهيب
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة