أوباما الذى أجرى اتصالا مع نظيره المصرى حسنى مبارك فى أول أيام ولايته، كشف عن تقدير أوباما لمكانة مصر ودور رئيسها فى تحقيق سلام واستقرار الشرق الأوسط، وأهمية التشاور المستمر مع الرئيس مبارك حول القضايا الإقليمية، وسبل تعزيز العلاقات الثنائية المصرية الأمريكية.
إلا أن الأهم والذى لم يكشفه هذا الاتصال هو أن "العلاقة مع مصر" أصبحت أحد الخطوط الغامضة والأبواب التى مازال مفتاحها غائبا عن الرئيس الأمريكى الجديد، والذى رفض أن يزور القاهرة خلال جولته بمنطقة الشرق الأوسط أغسطس الماضى واستثناها من برنامجه وجعلها العاصمة الثالثة فى حال إلقائه "خطاباً إسلامياً"، وهو ما فسره الدكتور جمال عبد الجواد، أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية، بأنه تعبير عن "بدايات غير مبشرة" فى العلاقات الأمريكية – المصرية، والسبب أن أوباما رفض أن يتورط فى زيارة وصداقة نظام غير ديمقراطى فتحسب عليه. لكن الإفراج عن مؤسس حزب الغد الدكتور أيمن نور والإسراع نحو بعض الإصلاحات وزيارة أحمد أبو الغيط وزير الخارجية لواشنطن، ربما يدفع بمزيد من التقارب بين البلدين.
معهد بروكنجز للأبحاث فى واشنطن قدم للرئيس أوباما عدة وصايا للتعامل مع مصر من خلال استراتيجية متكاملة، للحفاظ على المصالح الحيوية والاستراتيجية لأمريكا، أهمها التأكيد على المبادرة المصرية وضرورة التشاور معها فى التعامل مع الصراع العربى – الإسرائيلى، وتناول قضية الإصلاح فى الشرق الأوسط والدور الأمريكى فى هذا السياق، حيث إن النظم العربية الموالية للولايات المتحدة تواجه الكثير من الضغوط الخارجية فى لحظة تصاعد درجة حدة الصراع بينها وبين الشعب.
وطالما استطاعت هذه النظم التسلطية كبح هذا الغضب وهذه الضغوط عن طريق القمع، فإن الفجوة بين هذه الحكومات وشعوبها تستمر فى التزايد، وهذا الأمر بدوره يعتبر السبب الأساسى فى تقوية نفوذ الميليشيات والحركات المسلحة فى الشارع العربى، والتى تمثل تهديدا لمصالح الولايات المتحدة فى المنطقة.
وطالب المعهد فى كتابه الذى أصدر بعنوان "استعادة التوازن.. استراتيجية شرق أوسطية للرئيس القادم" فى ديسمبر 2008، بأن تضغط مصر على حركة حماس من أجل القبول بوقف إطلاق النار، علاوة على إقناع قادة الحركة بقبول مبادرة السلام العربية، خصوصا مع إظهار قادة إسرائيل اهتماما بها. فالولايات المتحدة لم يعد لديها القدرة على الاختيار بين تشجيع التحول الديمقراطى وسياسات التحرر الاقتصادى فى المنطقة من جهة، والحفاظ على الوضع القائم من جهة أخرى.
وعلى واشنطن أن تساعد مصر، حليفتها الرئيسية، على تحول سلس ومرن على عدة مستويات: أولها التحول من اقتصاديات شبه مغلقة إلى أخرى قادرة على المنافسة على المستوى العالمى. وثانياً التحول من نظم سياسية تقمع شعوبها إلى نظم أكثر انفتاحا وتقبل التنوع داخلها، وأخيراً التحول من القيادات التى أصابتها الشيخوخة إلى جيل جديد يقدم رؤية أكثر تنويرية.
عبد المنعم سعيد، مدير مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، قال إن الإدارة الأمريكية الجديدة أدركت جيدا أن هناك بعض التناقضات والاختلافات بين تشجيع عمليات التحول الديمقراطى فى الشرق الأوسط من جهة، وبين تأمين الأهداف الاستراتيجية للولايات المتحدة من جهة أخرى، ولذلك بدأت فى إعادة تقييم علاقاتها مع مصر من أجل أن تضع سياساتها المتعلقة بالإصلاح السياسى والاقتصادى فى سياق متسق مع الأهداف الاستراتيجية لها، بل وفكرت فى أن تتم هذه العملية بسرعة قبل أن يحدث أى تغيير محتمل فى القيادة المصرية.
وأشار سعيد أن الرئيس أوباما أعلن قبيل نجاحه فى البيت الأبيض عزمه خفض هذه المعونات نتيجة للعجز المتزايد فى الميزانية الأمريكية والذى يقدر بـ500 مليار دولار. وهو ما تم بالفعل وضع خطط لخفض الإنفاق الأمريكى بشكل عام، وأن الكونجرس قد صدق على منح مصر 1.5 مليار دولار أمريكى كمساعدات اقتصادية وعسكرية فى 2009 بفرق بلغ 12% عن العام الماضى، حيث حصلت مصر فى 2008 على مساعدات أمريكية بلغت 1.71 مليار دولار.
د. عمرو حمزاوى، كبير الباحثين بمركز كارنيجى للأبحاث، أوضح أن العلاقة مع مصر والقضايا المركزية الأخرى فى المنطقة وفى مقدمتها القضية الفلسطينية والصراع العربى – الإسرائيلى، لن تحصل على الأرجح، خاصة فى العامين الأول والثانى للإدارة الجديدة، على الكثير من الاهتمام الاستراتيجى، فالسياسات الأمريكية لن تشهد تحولات نوعية سريعة.. إلا أن ذلك لا يمنع أن انتخاب أوباما سيغير من صورة الولايات المتحدة فى العالم العربى، وربما منح القوة العظمى مساحة من المصداقية لتجاوز تركة بوش بمحاور الخير والشر وثنائيات المعتدلين والمتشددين.




موضوعات متعلقة..
◄ محمد الدسوقى رشدى يكتب: الخفايا السياسية وراء الإفراج عن أيمن نور؟
◄ الإفراج عن أيمن نور صحياً
◄ القوى السياسية تطالب بعودة نور للعمل السياسى
◄ زغاريد وزينة بمقر غد أيمن نور بطلعت حرب
◄ نور: الإفراج عنى قرار سياسى
◄ بالفيديو.. نور: سنوات السجن أضافت لى ولم تهزمنى