"كتبت بقلمى فتم اعتقالى.. وسأكتب بدمى حتى اغتيالى".. هذه العبارة المأثورة لن تخرج إلا من إنسان ذاق مرارة وألم السجون والتعذيب، لكنه أصر على مواصلة كفاحه ونضاله ضد الفساد، وكانت إحدى حلقاته كتاب "طوفان الفساد وزحف بن لادن فى الجزائر" الذى سيصدر خلال الأيام القليلة القادمة عن دار "أكتب" المصرية، للكاتب والباحث الجزائرى أنور مالك.
الكتاب يتناول فى 300صفحة الكثير من الملفات الساخنة فى الجزائر ، بداية بملف الفساد الذى صوره على شكل طوفان يخنق الجزائر، زادت حدته بتولى الرئيس عبد العزيز بوتفليقة مقاليد الحكم عام 1999، وأعطى مالك الكثير من نماذج الفساد المختلفة التى تنتشر فى قطاع البنوك والصفقات العمومية والبريد والصحة وقطاع الشئون الدينية والأوقاف ومافيا العقارات والاستيراد، وكذلك الرشوة التى تنتشر فى قطاعات "القضاء والأمن والجيش"، ودلل على ذلك بمشاهد ذكرها كاملة فى كتابه بالإضافة إلى الغش الضريبى الذى يكلف خزينة الدولة الملايين، ولم يغفل الكاتب ظاهرة فساد المسئولين وأبنائهم وعلى رأسهم وزير الدولة "بوقرة سلطاني"، وهو زعيم حركة مجتمع السلم "حمس"، حيث كشف أنور مالك الكثير فى مسيرة هذا الرجل التى بدأها ناقدا لاذعا للسلطة ولكل من لا يحكم بالشريعة، وأنهاها بمجرد موظف مخلص يخدم الجنرالات بامتياز ومزايدة، وكشف الكثير من الحقائق الرهيبة عن فساد الوزير وعائلته.
أما عما يسمى بـ "تنظيم القاعدة فى المغرب الإسلامى"، فقد استرسل كثيرا فى خفايا هذا الملف منذ بداية الحرب الأهلية عام 1992، وأعطى الدلالات والتفاسير عن مختلف التحولات الكبرى التى عرفها التيار المسلح فى الجزائر. أما المصالحة الوطنية التى يُسوق لها فى الجزائر على أن بوتفليقة من أبرز الذين أنجزوها، فقد خصص لها بابا كاملا، وكشف الكاتب من خلاله الكثير من دهاليز هذه المصالحة التى يراهن عليها بوتفليقة، مبرزا مظاهر التلاعب والاحتيال التى احتوتها ملفات المساجين واستطاع مالك بلغة الأرقام والأسماء أعطاء الحصيلة الحقيقية لهذا الملف.وما يحدث فيها من تعذيب وتجاوزات وخروقات لحقوق الإنسان عايشها مالك عن قرب فى فترات سحنة المتعددة بسبب مواقفه السياسية.
الكتاب جدير بالاقتناء وفيه الكثير من الخفايا حول نظام الرئيس بوتفليقة، والتى تفرد بها الباحث الجزائرى، خاصة أنه يعتبر من أبرز ضباط الجيش الذين تمردوا عليه، وفى جعبته الكثير جدا من أسرار فترة التسعينيات التى عاشت فيها الجزائر حربا عنيفة ، والكتاب يعتبر وثيقة مهمة ومرجعا بارزا للمتخصصين فى شؤون القاعدة وتاريخ الجزائر السياسى وحتى للمنظمات الدولية المهتمة بمجال مكافحة الفساد.