انفرد اليوم السابع بنشر الفصول الثلاثة التى أعدها الأنبا بيشوى سكرتير المجمع المقدس ومطران كفر الشيخ ودمياط، لتكون نواة لكتاب جديد يرد فيه على هجوم د.زغلول النجار على الكتاب المقدس، وتحديداً الرد على المقالات التى كان ينشرها د.النجار بجريدة الأهرام، وينشر اليوم الجزء الرابع من مشروع كتاب الأنبا بيشوى، الذى يستكمل فيه ما بدأه فى الفصل الثالث، تحت عنوان "تحريف التوراة".
تحريف التوراة
يقول الدكتور زغلول النجار فى مقاله المنشور بتاريخ25 ديسمبر بجريدة الأهرام صفحة 24 "لقد كفر اليهود – فى غالبيتهم – على زمن نبى الله موسى – عليه السلام –فعبدوا العجل، وعاودوا الكفر بتحريف التوراة وبيعها قراطيس للناس، وتركز الكفر من قلوبهم فى أزمنة أنبيائهم العديدين، فقاتلوهم وقتلوهم عدواً بغير علم. وحرّفوا كتبهم، وازداد الكفر تمكناً من قلوبهم زمن نبى الله المسيح عيسى بن مريم، فأنكروا نبوته، وشوهوا سمعته وسمعة والدته -شرّفها الله- وأعلنوا عليه حروب الشياطين وحاولوا صلبه ولكن الله –تعالى- رفعه إليه. واندسوا بين تابعيه فى محاولة لصرفهم عن دين الله، وإصرار على تزويره وتشويهه.
ويضيف الأنبا بيشوى: الدكتور زغلول بهذا يريد أن يدعى أن اليهود قد حرفوا التوراة، ثم اندسوا بين المسيحيين وحرفوا الإنجيل.
فلماذا ورد فى القرآن (سورة يونس: 94) "فإن كنت فى شك مما أنزلنا إليك فاسأل الذين يقرأون الكتاب من قبلك".
كيف يسأل الذين يقرأون الكتاب (أى التوراة والإنجيل) من قبله إن كانت التوراة قد حرفت وبيعت قراطيس للناس، والإنجيل أيضاً قد تم تحريفه؟!. فكيف يقرأ المسيحيون الكتاب ولماذا يسألهم عن حقيقة الأشياء إن كانت الكتب الموجودة بين أيديهم إما مفقودة أو محرفة؟!!.
ونعود إلى ما كتبه الدكتور زغلول فى هذه الفقرة من مقاله العجيب، ونتساءل: من أين أتى بقصة بيع التوراة قراطيس للناس؟!، وما دليله التاريخى على ذلك؟!، وماذا يقترح أن تكون محتويات هذه القراطيس عند بيعها، أو ما الهدف من ذلك؟!.. ولماذا كان عند اليهود طغمة مهمة معروفة تاريخياً اسمها الكتبة متخصصون فى نسخ الأسفار المقدسة، تتكلف النسخة الواحدة فى كتابتها الكثير، إن كانوا يبيعونها قراطيس للناس؟!
العقاب الإلهى
وما موقف الله من بيع التوراة كقراطيس؟ وهل سكت على عبادة شعب إسرائيل العجل التى حدثت فى سيناء؟ أم عاقبهم الله وقتل منهم ثلاثة آلاف؟.. وقام موسى بتكسير لوحى الشريعة غضباً على خطايا الشعب، ثم صعد إلى جبل سيناء وكتب له الله الوصايا العشر على لوحين جديدين قام بوضعهما فى داخل تابوت العهد، الذى وُضع حينئذ فى قدس الأقداس فى خيمة الاجتماع، ومن بعدها فى هيكل سليمان.
ولو بيعت التوراة كقراطيس، فهل عمل قراطيس من لوحى الشريعة المكتوب عليهما الوصايا العشر المعمولين من الحجر الصلب؟!
لقد قام الله بتصحيح الوضع بعد أن عبد شعب إسرائيل العجل الذهبى، وبعد أن قبِل شفاعة موسى النبى من أجلهم، معتفياً عن أن يفنيهم الله ويصيّره شعباً جديداً. كما هو وارد فى أسفار التوراة المقدسة.
لقد أخطأ اليهود وعاقبهم الله فى أيام موسى النبى وفى أيام باقى الأنبياء على مدى الأجيال. لأن الله كان يقوم بتصحيح خطايا شعبه إلى أن يأتى المسيح المخلّص الذى ينقل البشرية من الموت إلى الحياة، ومن العصيان إلى الطاعة، ومن وصايا الناموس إلى شريعة الكمال فى العهد الجديد.
وإن كان إسرائيل قد عاودوا الكفر –كما يقول الدكتور زغلول- فهل سكت الله ولم يصحح الوضع؟ وإن سكت هو على بيع التوراة قراطيس للناس، فكيف سكت الأنبياء الذين جاءوا من بعد موسى النبى على مدى الأجيال؟!. ولماذا لم يصححوا الوضع، ولماذا لم يوضّحوا أن التوراة قد فقدت أو حرّفت، وكان بمقدورهم أن يعاودوا كتابتها بوحى من الروح القدس باعتبارهم أنبياء مرسلين من الله؟. وأين هذا كله من قوْل القرآن "وما أرسلنا قبلك إلا رجالاً نوحى إليهم، فاسألوا أهل الذِكر إن كنتم لا تعلمون" (سورة الأنبياء: 7 (
خيالات د. النجار
كيف يتجاهل الدكتور زغلول النجار هذه النصوص القرآنية ويرسم من خياله أحداثاً لم يرِد لها ذكراً فى التاريخ، ولا فى أقوال السيد المسيح الذى انتقد عدم تطبيق بعض اليهود لما بين أيديهم من أسفار الكتب المقدسة؟!
والدكتور زغلول النجار لم يكتف بالإدعاء بأن اليهود قد حرّفوا التوراة، بل يدّعى أنهم قد اندسوا بين تابعى السيد المسيح فى محاولة لصرفهم عن دين الله، وإصرار على تزويره وتشويهه.
ونحن الآن نتساءل:ما الذى لا يعجبه فى المسيحية؟ هل هو التعليم بألوهية السيد المسيح؟ وهل من المعقول أن يندس اليهود بين المسيحيين ليؤلّهوا السيد المسيح الذى يقول الدكتور زغلول عن اليهود أنهم "شوّهوا سمعته وسمعة والدته، وأعلنوا عليه حروب الشياطين وحاولوا صلبه". ألا يعتبر هذا تناقضاً فى كلام الدكتور زغلول لا يقبله العقل بأى منطق؟!
أم لا يعجبه التعليم المسيحى بأن اليهود قد صلبوا السيد المسيح؟ وهل من المعقول أن يندس اليهود بين المسيحيين ليدسوا فى الإنجيل أن اليهود قد تآمروا على المسيح وحكموا عليه بالموت، ونجحوا فى تنفيذ ذلك عن طريق الحكم الرومانى، ثم أقامه الله ناقضاً أوجاع الموت ليخزيهم ويبطل مشورتهم ودعاويهم.
ما الذى لا يعجبه فى التعليم المسيحى وينسبه إلى اليهود كتعليم مدسوس؟ هل هو قول السيد المسيح أن "كل من ينظر إلى امرأة ليشتهيها فقد زنى بها فى قلبه" (مت5: 28). أم قوله لتلاميذه "أحبوا أعداءكم، باركوا لاعنيكم، أحسنوا إلى مبغضيكم" (مت5: 44). وهل من المعقول أن يدس اليهود هذه التعاليم السامية، والتى هى وصايا الكمال التى نادى بها السيد المسيح.
إن الدكتور زغلول النجار يقول إن اليهود قد حاولوا صلب السيد المسيح، ولكن الله رفعه إليه.. أى أن الدكتور زغلول قد أقر بتدخل الله لإبطال تآمر اليهود، فكيف لم يتدخل الله لحماية الديانة التى نادى بها السيد المسيح وأتى من أجلها؟!
إن قال الدكتور زغلول أن الله قد صحح كل ذلك فى القرن السابع الميلادى. فنحن نقول له وكيف يترك الله ديانة السيد المسيح لمدة ست قرون من الزمان فى حالة ضياع وانحراف؟ ولماذا جاء السيد المسيح إذن إن لم تكن ديانته قد حفظها الله؟ وما معنى قول القرآن "وما أرسلنا قبلك إلا رجالاً نوحى إليهم. فاسألوا أهل الذِكر إن كنتم لا تعلمون" (سورة الأنبياء الآية7).
ليت الدكتور زغلول النجار يراجع نفسه فى كل ما كتبه ضد التوراة وضد الديانة المسيحية، مدركاً أن الله قد حفظ التوراة والإنجيل حتى يصلا إلينا بغير تحريف، لأن كلام الله أقوى من كل مؤامرات البشر كما قال هو نفسه لإرميا النبى "أنا ساهر على كلمتى لأجريها"
الأنبا بيشوى يستكمل مناظرته الفكرية مع د.زغلول النجار حول تحريف التوراة
الأحد، 15 فبراير 2009 11:42 ص