هشام المهندس يكتب: الرسوم القضائية .. رسوم أم ضرائب؟؟

السبت، 14 فبراير 2009 12:32 م
هشام المهندس يكتب: الرسوم القضائية .. رسوم أم ضرائب؟؟

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
قانون الرسوم القضائية يفرض رسما نسبيا يصل إلى 5% من قيمة الحق موضوع الدعوى بدون حد أقصى، فضلاً عن القانون رقم 7 لسنة 1985 الذى يفرض رسماً جبائياً آخر يعادل نصف الرسم الأول لصالح صندوق خدمات القضاة، فيصل إجمالى الرسوم إلى7.5% من قيمة الحق فى الدعوى. وتتحول رسوم مقابل خدمة إلى ضريبة غير مشروعة وغير دستورية. فالضريبة تتناسب بلا حدود مع الدخل الذى يحققه المواطن إلا أن طبيعة الرسم تختلف عن ذلك كلياً وجزئياً!!... مقابل الخدمة لا يجوز أن يتحدد إلا وفقا لمعايير موضوعية تجعله متناسباً مع قيمة الوقت والجهد والمصاريف التى تستغرقها الدعوى وهو بهذه الصورة يكون منبت الصلة بقيمة الدعوى!!، بل إن دعوى لا تجاوز قيمتها عشرة آلاف جنيه قد تأخذ وقتاً وجهداً ونفقات تتعدى ما تستدعيه دعوى شيك بمبلغ مائه مليون جنيه يمكن أن يصدر الحكم فيها فى جلسة واحدة!!

إن البنوك تضع مثلاً حدا أدنى وأقصى للرسوم التى تحصلها على إصدار الشيكات المصرفية والتحويلات، فرسوم الشيك ذى العشرة آلاف جنيه هى ذات رسوم شيك بمليار جنيه!!

وقد قررت المحكمة الدستورية هذا المبدأ فى حكمها رقم 23/14ق دستورية بشأن تقدير أتعاب المحامى فأكدت أن عناصر التقدير لابد أن تكون موضوعية متعلقة بحقيقة الجهد المبذول وقيمة العمل، وأنه إذا اعتمدت أى عناصر تقدير خلاف ذلك، فإن تقدير أجر المحامى يكون منطوياً على عدوان على الحقوق المالية للمواطنين.

وعليه فإن الدولة بتلك النصوص إنما تغتصب لنفسها دون وجه حق صفة الشريك فى أموال الأفراد المتنازع عليها، فى اعتداء سافر على حق الملكية الذى كفله الدستور، فضلاً عن حق التقاضى، إضافة إلى ما تضمنه مشروع وزارة العدل برفع مقدار ما يتم تحصيله من الرسوم عند قيد الدعوى إلى نصف ذلك الرسم، مما يمثل عبئاً مالياً فاحشاً يمنع الأفراد من ولوج سبيل التقاضى، وتقرر المحكمة الدستورية العليا فى الدعوى 2 لسنة 14 ق دستورية "يفترض حق التقاضى - ابتداء و بداهة - تمكين كل متقاض من النفاذ إلى القضاء نفاذاً ميسراً لا تثقله أعباء مالية".

القانون يعتدى كذلك على الحق الدستورى فى المساواة إذ يقدم ذات الخدمة للأفراد مع تفرقة غير مشروعة فى مقابل أدائها لا لسبب سوى اختلاف قيمة الحقوق التى يتداعون بشأنها !!...
وجه آخر للمأساة هنا، هو أن الدولة تحصل مقدماً نصف الرسم من المدعى أى الفرد صاحب الحق الذى يلوذ بالقضاء مستغيثاُ لرد حقوقه، فيكون هذا العبء المالى الفاحش كفيلاً بردعه عن المطالبة بحقوقه، ربما كى تسعد الحكومة بالجباية وانحسار أعداد الدعاوى بالمحاكم، وبذلك تكون قد نجحت فى حل مشكلة تكدس القضايا .. ويا لبئس الحل!!
أما النتيجة النهائية بعد أن تنغلق أبواب التقاضى فى وجه الأفراد فى هذا البلد المنكوب فهى الخراب ثم الخراب ... والعودة إلى شريعة الغاب!!






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة