أحبك جداً
وأعرف أن الطريق إلى المستحيل طويل
وأعرف أن زمان الحنين انتهى ومات الكلام الجميل..
كلمات كتبها الراحل نزار قبانى وكأنه تنبأ بموت الشعر الرومانسى، وانتهاء الكلمة الجميلة التى يهديها المحب لحبيبته، وصدقت كلماته فلم نعد نسمع الكلمات الرومانسية فى مقطع أغنية أو نقرأها فى ديوان شعر، وتحولت الأغانى لـ "بوس الواوا، بحب الماس، هى دى، والبنت اللعبية"، كما اتجه الشعراء إلى تناول الحياة الإنسانية بمعناها الشامل، وإن كانت بعض القصائد تتحدث عن نظام الحكم والتوريث وغلاء الأسعار وغيرها من المظاهر السياسية، ولم نعد نرى شاعراً يكتب قصيدة لحبيبته بمناسبة عيد ميلادها أو حتى عيد الحب، وأصبحنا جميعاً نكتفى بـ SMS على الموبايل أو Wall على الـ facebook.
"الرؤية التى ينطلق منها الشاعر هى ما سبب اختفاء الشعر الرومانسى، حيث اختلط بداخل الشاعر الذاتى بالسياسى وأصبحت التجارب العاطفية لها علاقة وثيقة بالحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية"، هذا ما يؤكده الشاعر محمد سليمان، مضيفاً أن القصيدة الواحدة أصبحت مزيجاً بين السياسة والرومانسية، بعكس ما كان يحدث فى الماضى، حيث كانت تكتب الدواوين الخاصة بالمرأة التى كانت تبدو كعالم خيالى مستقل لكن هذه الرؤية تغيرت تماماً وأصبحت كائناً مادياً، كما أن الحب بشكل عام أصبح بعيدا عن وعى الشعب المصرى، ولذلك غابت الرؤيا التى ينطلق منها الشاعر وغابت الكلمات الرومانسية.
"الشاعر عادة ما يتأمل حاله ويستلهم منها ومن الواقع الذى يعيشه أبيات شعره، وهذا الواقع هو المتحكم فى نوع القصيدة التى تكتب"، وبما أن هذا الواقع معقد جداً كما يقول الشاعر محمد إبراهيم أبو سنة الذى يرى أن الحب والعاطفة والرومانسية مشاعر أصبحت نادرة وحل محلها الغضب والسخط، وأصبح التعقيد هو السمة الأساسية لكل ما نمر به فى الحياة، وبالتالى طبيعى أن يكون نتاج تأمل الشاعر للحياة ديواناً يتناول الحياة السياسية والأزمة الاقتصادية والاجتماعية التى نعيشها، والتى تنعكس بدورها على الحب والرومانسية، أبو سنة يؤكد أنه حتى لو كُتب شعر فى الحب سيتم تناوله بطريقة مادية مختلفة عن تلك الطريقة الرومانسية القديمة التى أصبحت اليوم نوعاً من أنواع الترف والغيبوبة الشعرية.
الناقد أحمد درويش يرفض أن يكون اختفاء الشعر الرومانسى ظاهرة، حيث يقول إنها لم تختفِ تماماً ومازالت موجودة لكن بصورة قليلة ولا تجد من يقرأها، فلم يعد هناك من يهتم بها ويبحث عنها، لكن هناك العديد من الدواوين الشعرية الرومانسية التى تبحث عن قارئ، فالجمهور أصبح أكثر مادية من الماضى والكلمات الرومانسية بالنسبة إليه ترف و"كلام أغانى قديم".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة