طلبت من سائق السيارة التى تقلنى إلى وسط مدينة العريش من ضاحية السلام خلف قسم أول، أن يتوقف قليلا بعد أن لاحظت ولاحظ غيرى تكدس الشارع بعشرات الشاحنات الكبيرة أمام الإستاد محملة بالمعونات منذ قرابة الشهر.
بجوار السيارات وجدت قرابة 10 سائقين يجلسون بين سيارتين عندما لاحظوا أننى أقوم بتصوير السيارات، طلبوا أن أصورهم، بل وكانت لديهم الشجاعة للحديث عن الواقع المؤلم الذى يعيشون فيه منذ شهر، أو أقل قليلا بسبب الانتقال بالشاحنات إلى العوجة بوسط سيناء، والعودة مرة أخرى بسبب إغلاق المعابر.
قال فكرى ديمون عبد العال، سائق قطاع عام من مركز هيهيا محافظة الشرقية، إننى هنا فى العريش منذ أكثر من 20 يوما انتظر كما ترى أمام استاد العريش لأننى وزملائى السائقين حملنا معونات من أمام الحزب الوطنى بالعريش ومن استاد العريش، وانطلقنا إلى العوجة 16 شاحنة، وهناك بعد انتظار 48 ساعة قالوا لنا إن إسرائيل أغلقت المعبر، وعودوا إلى العريش لحين إخطاركم بفتح المعبر مرة أخرى، ومن يومها ونحن على هذا الحال.
فتحى محمد عثمان سائق من المنوفية قال، الموضوع أن إسرائيل رفضت إدخال أى مساعدات، لا غذاء ولا دواء، والسيارات تحمل المعونات ولا نملك إلا الانتظار أمام استاد العريش، لأن المعونات التى تخرج منه لا تدخل، لأنه نظام جمركى، "وبعدين السيارات حالتها تعبت والكاوتشات بسبب الحمولة وبعدين ياريت تكتبوا فى الصحافة يشوفوا لنا حل فى المصيبة دى، وياريت تنشر صورنا علشان العيال يشوفوها كمان".
ربيع شوقى سائق من المنصورة، حاله لا يختلف كثيرا، إلا أنه كان يمسك براد الشاى فى يده وبجواره الشيشة الخصوصى بجوار السيارة قال: "ياأستاذ دة لزوم الانتظار والشغل، أتفضل أشرب شاى، على العموم إحنا منتظرين لعل وعسى ندخل إلى العوجة.. المشوار صعب والطريق لمؤاخذة زى الزفت ضيق ومطبات، لكن المهم يرحمونا ويرحموا العربيات اللى تعبت من الحمل الكبير، كل سواق يوصل يرجع تانى.. المعبر مقفول لحد أمتى لازم الحكومة تتصرف".
أما محمد عبد الوهاب محمد سائق من بركة السبع بالمنوفية، فقال: "أنا نفسى يدخلوا الدقيق والزيت والأرز لغزة.. إسرائيل بتقول لا كفاية كدة مش هندخل حاجة، والله حرام عايزين يموتوا الفلسطينية من الجوع، وبعدين المواد المخزنة هتفسد بالشكل دة، الاستاد مليان ومخازن الهلال مليانة والعربيات محملة ومفيش معابر فاتحة".
النتيجة التى تلت طول عمليات التخزين هى فساد كميات كبيرة من ألبان الأطفال وأكياس الدم والمواد الغذائية المقدمة من عدة دول من بينها الجزائر نتيجة عدم التنسيق الكافى لإدخال المساعدات أولا بأول.
تركت السائقين بعد أن أصروا على تصويرهم، وبعد أن تعهدت لهم بنشر الصورة المجمعة لهم "علشان العيال يشوفوها"، ودخلت إلى استاد العريش.. على اليمين واليسار آلاف الأطنان من المواد الغذائية داخل كراتين وأجولة مرصوصة بإحكام، بمجرد أن تدخل من البوابة التقطت صورتين، وإذا بشخص ينادى ممنوع ياأستاذ، أردت الحديث معه إلا أنه قال، أنا عايز تصريح من المحافظ علشان أتكلم، "التعليمات كدة".. رفض كل المحاولات، إلا أننى علمت منه أن المواد الموجودة بالاستاد تخص دولا عربية وأصحابها غاضبون بسبب عدم إدخالها إلى قطاع غزة وطول الانتظار وعدم إدخالها من رفح، والإصرار على إدخالها من العوجة الذى تسيطر عليه إسرائيل، وأنها فى مأمن لأن الاستاد وفق تصريح سابق للواء محمد عبد الفضيل شوشة محافظ شمال سيناء، تحول إلى دائرة جمركية مغلقة للحفاظ على المعونات على أن تخرج بمستندات وتدخل بمستندات.
المهندس أحمد عرابى رئيس الهلال الأحمر المصرى بشمال سيناء، قال فعلا لدينا معونات من مصر ومن الدول العربية ما زالت مكدسة فى المخازن، لكن الأمر ليس له علاقة بنا، وللأسف معبر العوجة تتحكم فيه إسرائيل وبالتالى نحن نستغل أى فرصة لإدخال معونات لأن معبر رفح لا تدخل منه معونات غذائية.. وقال نأمل أن تفتح إسرائيل معبر كرم سالم القريب لإدخال بقية المعونات التى تصل إلى قرابة 12 ألف طن.
فساد أكياس الدم وألبان الأطفال والأطعمة..
اليوم السابع يرصد تكدس معونات غزة فى العريش
الجمعة، 13 فبراير 2009 03:51 م