هدى الحسينى

كيف تحاول إيران النيل من مصر من خلال الأوضاع فى غزة

الخميس، 12 فبراير 2009 08:29 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
منذ أن وقعت حرب تموز 2006 و«حماس» تدغدغها مشاعر أن تكون نسخة مكررة من «حزب الله» فى غزة.

قال رئيس الحكومة الفلسطينية المقالة إسماعيل هنية فى اليوم الأول للغارات الإسرائيلية على غزة، التى حصدت دفعة واحدة 295 قتيلاً، «نحن لسنا طلاب حياة»، واندفعت كل الأحزاب الإسلامية المؤيدة لهذا التوجه إلى تأييده، لكن ألا يوجد بينهم أب، يسمع أنين الثكالى والأيتام وعويلهم وصراخهم، وفى الرابع عشر من شهر ديسمبر الماضى، قال رئيس حركة «حماس» خالد مشعل: «بعد 19 ديسمبر ستنتهى التهدئة ولا تجديد لها، نحن سنتصرف وفق متطلبات الميدان للدفاع عن شعبنا»، والفظائع التى ترتكبها إسرائيل بحق أهالى غزة، تكشف أن هذا الشعب مكشوف، لا حماية له، وأن لغة الخطابات التهديدية التى يقذفنا بها زعماء الأحزاب الإسلامية، لا يسمعها أهالى غزة المنكوبة، ولا تشكل مظلة واقية من الغارات الإسرائيلية.

منذ عدة أسابيع بدأت الحملة على مصر، ورفضت «حماس» السماح للحجاج الغزاويين بالسفر إلى الحج، على أساس أن معبر رفح مغلق، ثم رفضت المشاركة فى الدعوة التى وجهتها مصر إلى الفصائل الفلسطينية، للسبب نفسه، اعتقدت «حماس»، بأنها تستطيع أن تحرج مصر، وتضغط عليها، وكل ذلك جاء بتوجيه من إيران، تريد إيران أن تصبح مصر بالنسبة لـ«حماس»، كما سوريا بالنسبة لـ«حزب الله» فى لبنان، أى أن تكون ممراً للسلاح الإيرانى، وللصواريخ وأيضاً للنفوذ الإيرانى، فتصبح بذلك إيران قادرة على تطويق الدول العربية كلها وتهديدها عبر قوتين عسكريتين فى المنطقة، «حماس» و«حزب الله»، ولكن مصر التى خاضت حروباً مع إسرائيل من أجل الفلسطينيين، تربطها معاهدة سلام مع إسرائيل وليست فى حاجة لرؤية غزة مركزاً للإرهاب تهدد به إسرائيل.

«حماس» تتطلع إلى ما يقوم به «حزب الله» فى لبنان، هو قادر على أن يطرح شروطه قبل الانتخابات اللبنانية، والفلسطينيون على أبواب انتخابات قريبة، عندما كانت «حماس» فى المعارضة كانت تنتقد «فتح»، لكن منذ عام 2005 بعد الانسحاب الإسرائيلى، هى المسئولة الفعلية عن غزة التى غرقت فى مستنقع من الأزمات، أدى إلى بدء فقدان «حماس» شعبيتها، وعجزت «حماس» عن أن تحقق خرقاً لصالحها فى الضفة الغربية حيث السيطرة لـ«فتح».

شعرت حماس بأنها إذا جددت اتفاقية التهدئة مع إسرائيل، وظلت مسئولة عن غزة بأوضاعها المزرية، فلن تجذب الناخب الفلسطينى، وكان «قرارها الاستراتيجى» بأن تعود قوة مواجهة مع إسرائيل بمضاعفة إطلاق الصواريخ وإظهار أن «فتح» تتعاون مع الإسرائيليين.

من وجهة نظر «حماس»، وبسبب فشلها فى توفير أقل وابسط مستلزمات الحياة، للذين غامروا وصدقوا وانتخبوها، رأت أنه من الضرورى وقف التهدئة قبل الانتخابات الرئاسية الفلسطينية، فحتى لو ردت إسرائيل، فإن ردها، حسب حسابات «حماس»، لن يكسر قدرات الحركة، وسيدفع الناس للالتفاف حولها وإعادة انتخابها.. وهى تطلق الصواريخ على إسرائيل، ارفقت ذلك بالادعاء بأن مصر أعطت الضوء الأخضر للجيش الإسرائيلى لعملية محدودة ضد غزة لقلب حكومة «حماس».

إيران خططت للحملة على مصر، التى أحبطت كل المخططات الإيرانية لتحويلها إلى ممر للأسلحة والنفوذ الإيرانيين إلى غزة ،فيمكن ملاحظة كيف بدأت المظاهرات ضد مصر فى طهران ،التى أعطت الإشارة لحلفائها فى دمشق ولبنان وغزة، للقيام بمظاهرات مماثلة تندد بمصر التى لا تفتح معبر رفح، مع العلم أنه رغم الانسحاب الإسرائيلى من غزة، يبقى القطاع تحت الاحتلال، وتبقى حدوده مرهونة بالأوامر الإسرائيلية والدولية، وقد رفضت «حماس» الاعتراف بكل الاتفاقات الدولية.

تعمل إيران بقوة لكسب «ورقة غزة»، وذلك عبر حملات شرسة ومدروسة ضد الدول العربية، بعد أن دمرت أمريكا العراق، أخذت إيران على عاتقها تدمير بقية الدول العربية الأخرى، من أجل نشر نفوذها ولا يكلفها ذلك إلا المزايدة والحملات الإعلامية، والاعتماد على من تمولهم واشترت ولاءهم، لكن الأوراق صارت مفضوحة، وكما تتصرف الأحزاب الدينية، وكأنها أعلى من الدول، كذلك أصدر خامنئى فتوى إلى كل المسلمين فى العالم «يأمرهم» فيها بالدفاع عن غزة «بأى طريقة ممكنة» وقال: «كل من يقتل وهو يدافع عن الفلسطينيين يعتبر شهيداً».
إن أمن مصر القومى، يأتى قبل «حماس»، وقبل هنية وقبل مشعل، هؤلاء غامروا رغم أن الثمن الكبير دفعه أبرياء غزة، التخوين لم يعد يخيف أحداً، والصراخ لن يجعل مصر ترتعب وتفتح المجال لنفوذ إيرانى شره.

نقلاً عن جريدة «الشرق الأوسط»





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة