«اليوم السابع»تنفرد بها

أول قصة سياسية لقائد تنظيم الجهاد عبود الزمر

الخميس، 12 فبراير 2009 08:38 م
أول قصة سياسية لقائد تنظيم الجهاد عبود الزمر عبود الزمر
كتب عبدالفتاح عبد المنعم

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى أكتوبر 1981 لم يكن عبود الزمر قائد تنظيم الجهاد، يتخيل يوما أن يستبدل المدفع بالقلم، والمنشورات السرية وخرائط الأماكن السيادية بالقصص والروايات، ومداعبة الصغار بحواديت كتبها بيده من داخل زنزانته بسجن طره عام 1991، بدأها بقصه «طاعة الأم» التى التزم فيها عبود بنفس النهج الإسلامى، معتبرا أن لديه واجبا مقدسا لإعادة بعض المفاهيم لهذه البراعم من خلال خطاب قصصى شيق، ولأن عبود الزمر لم يكن فى يوم من الأيام قصاصا وكاتبا مسرحيا، فإن جزءا من إبداعه فى مراحله الأولى، أخذ طابع الخواطر، ولكنه فى قصة «الغابة» التى تنفرد «اليوم السابع» بنشرها، نجده يخرج من عباءة الأطفال ليقدم أول قصة سياسية له مستخدما الرمز مع أبطال وأحداث القصة....

عبود الزمر اختار الغابة لتكون مسرحا للأحداث، ليس هروبا من الواقع، ولكن لإيمانه الكامل بأن عالم البشر الآن، ما هو إلا غابة كبيرة، البقاء فيها للأقوياء، وليس أمام الضعفاء إلا الحيل والدهاء والتفاوض، لضمان البقاء فى عالم النمور والأسود، التى اجتمعت بهدف الوصول إلى طريقة للهجوم على الحيوانات آكلة العشب، وهى الطعام المفضل لها.

فى غابة عبود طرح للطرق التى استخدمها الأقوياء لبث الفرقة بين الضعفاء، من خلال استقطاب الأقوى إليهم، وهى طريقة «فرق تسد« تلك النظرية السياسية التى يراها عبود واحدة من أهم النظريات التى تطبقها القوى الأجنبية فى عالمنا العربى والتى دفعنا بسببها الكثير من التفرق والتشرذم.

فى «غابة» عبود الزمر طرح لمفهوم جديد حول معنى التفاوض، رفض من خلاله عبود طريقة الرئيس الراحل أنور السادات فى مفاوضاته مع العدو الإسرائيلى، وهو ما جاء على لسان أبطال قصته، عندما وصفه بأنه «الخائن»؛ لأن السادات وكما عبر عبود فى قصته، أقام صلحا منفردا مع العدو، مما أضعف النظام العربى، وهو مارفضه كاتب القصة نفسه، وكان السبب الرئيسى فى فتوى قتل السادات فى حادث المنصة.

فى «غابة» عبود الزمر أيضا، نجده لا ينسى أنه كان عسكريا فى سلاح المخابرات العسكرية، حيث طغى على أحداث القصة بعض عمليات الاستطلاع والتخابر بين طرفى النزاع.

فى «غابة» عبود الزمر، أسس مفهوما جديدا للمراجعات، وهى أول مرة نجده يطرح فكرة التعايش السلمى بين أطراف النزاع، رغم أن أحدهم تراجع بعد إصرار الاقوى على رفض أية حلول سلمية، مما دفعهم إلى فكرة المقاومة بالصورة التى لا تعرضهم للفناء.

فى غابة عبود الزمر اختار شخوص قصته بعناية شديدة، فالصراع دائر بين الحيوانات آكلة العشب والحيوانات آكلة اللحم، وهو رمز اقرب كثيرا إلى الصراع العربى الإسرائيلى، واستوحى تصرفات عدد من القيادات العربية مع أبطال قصته، فهناك المناور، والمستسلم، والمتهور والحكيم، وصاحب الخبرة وعديمها، وضمت القصة أيضا بعض أحداث الصراع والمفاوضات.

فى غابة عبود الزمر، سخر بشدة على لسان أحد أبطال قصته،من الرئيس العراقى الراحل صدام حسين، عندما قال إنه من الضرورى ألا نفعل كما فعل صدام حسين ،بدلا من الهجوم على إسرائيل استخدم قوته للقضاء على دولة عربية هى الكويت.

فى غابة عبود الزمر، نجده يفشل فى حسم الصراع بين طرفى النزاع ،وأنهى قصته بانتظار قوى خارجية للقضاء على الطرف الأقوى فى الصراع، فهل يعنى ذلك أن عبود يفضل تدخل أية قوى خارجية، لإنهاء أى صراع طرفاه، ضعيف وقوى ..أطراف قصته فى حسم النزاع.

فى غابة عبود الزمر، تظهر الحكم والأمثال، التى تؤصل بالفعل السبب الرئيسى وراء ثورة الإسلاميين وتخوفهم من النظام العالمى الجديد، الذى يرفع شعار «البقاء للأقوى»، و«لا وجود لمن سقطت أنيابه بل ولا مكان لذى المخلب الضعيف»، و«إنما يأكل الذئب من الغنم القاصية»، هذا بالفعل مايخشاه المؤلف على الأمة العربية والاسلامية، وربما لهذا اختياره لاسم الغابة.

فى غابة عبود الزمر، اختار أبطال الصراع بعناية شديدة، وكأنه يصف العالم الآن بالانقسام إلى قسمين، أولهما قسم الضعفاء، وهذا هو حال الأمة العربية من وجهة نظر عبود، ورمز لها بالحيوانات آكلة العشب، مثل الأيائل والغزلان والجاموس الوحشى والزراف والببغاوات والحمام والفيل والخرتيت، بينما رمز للعالم القوى المتمثل بداخلنا جميعا، بأنهم الأمريكان والإسرائيليون، واختارهم من الوحوش الضوارى آكلة اللحوم، وهى الأسود والنمور والذئاب والثعالب والغربان. هذا هو العالم الذى ينسج فيه عبود الزمر خيوط قصته، ليقدم رسالة إلى العالم بأن التعايش بين الطرفين مستحيل، إذا ظلت أطماع القوى مستمرة.

فى غابة عبود الزمر ،«مأساة غزة» وفلسطين كلها حاضرة فى القصة، وإن كانت بالرمز، ويكفى أن القارئ يشعر أن مجموعة أكلة الحشائش المغلوبة على أمرها، والتى تنتظر الحل الإلهى لحسم النزاع، أو قوى أخرى لتوجيه ضربة إلى معسكر الأعداء من أكلة اللحوم، ويكفى أن نشير إلى كيفية تعامل أكلة اللحوم مع ملف القضية، فهى تستقطب بعض من تشعر بقوتهم من معسكر أكلة الحشائش، ويكفى محاولة الغراب والثعلب لتحييد الفيلة أقوى الحيوانات فى معسكر الضعفاء.

فى غابة عبود الزمر، كل الشخوص تتحدث بلغة السياسة؛ فاجتماعات معسكر الضعفاء تشبه اجتماعات الجامعة العربية، واجتماع الأقوياء مثل اجتماعات القوى الكبرى أمريكا وروسيا وبريطانيا، فالطرف الأضعف يبحث عن كيفية العيش فى سلام، وحماية قطعانهم من هجمات أكلة اللحوم، بينما يطغى على الطرف الثانى فى اجتماعاتهم لغة العنف والقوة، فهم يبحثون كيفية استمرار توفير وجبات غذائية يومية من لحوم أكلة الحشائش، ووصل الأمر إلى طلب أحدهم بأن يقوموا بشن هجوم كاسح على الحيونات من أكلة العشب، والتهامها جميعا، ولكن الفكرة رفضت ليس بسبب الرحمة من أكلة اللحوم، ولكن بسبب ما حذر منه أحد أبطال القصة بأنها فكرة ليست مفيدة لهم، لأنها تحرمهم من وجبة طازجة، وهذا مايحدث من قوى الغرب والاسرائيليين ضد العالم العربى والفلسطينيين.

فى «غابة» عبود الزمر، الحق وحده لا يصنع النصر، ولكن يجب أن يدعم بالقوة التى تحمى من الهلاك.






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة