صدور جريدة جديدة مناسبة سارة تستدعى الاحتفال؛ لأن ذلك يعنى تحرير أرض جديدة، وخطوة أخرى فى طريقة إعادة إعمار الوجدان وتوسيع دائرة الاختلاف، الذى سيجعل القارئ صاحب قرار وهو يتأمل «فرش» باعة الصحف، الشروق الجديد اليومية صدرت الأسبوع الماضى بعد طول انتظار، لتوسعة «عزوة» الجماعة الصحفية المصرية، ومن الصعب الحكم على جريدة يومية قبل ثلاثة شهور من صدورها «ولا أذكر من حدد هذه المدة ولكنه زمن معقول؟!».. ولكن الانطباع الأول مريح، فهى جريدة أنيقة ومريحة وبدون بهارات، ويكتب لها أشخاص رائعون، وأعتقد أن صدورها هو دعم للصحف القائمة وليس العكس - كما يظن بعض الرسميين - فالقارئ المشغول بأحوال الدنيا لن يبخل بجنيه إضافى آخر إذا وجد مكاناً يحترمه ولا يضحك عليه ويقدم شيئاً «جديداً»، وعلينا أن نتذكر ونثمن الدور الذى لعبته الصحف الجديدة فى السنوات الخمس الأخيرة فى تحريك الحياة فى مصر، الشروق لا شك خرجت من «عب» الأهرام «التى يشرفنى الانتماء إليها» ولكنها من الصعب أن تصبح «الأهرام» أو أن تلعب دورها، وأتمنى أن تكون المطبوعة الجديدة «جزءاً من عملية صعود الثقافة المصرية الجادة» كما قال عبدالمنعم سعيد فى مقاله الأسبوعى الأول بها، والذى ينضم به إلى مقالاته الأسبوعية فى الأهرام والمصرى اليوم والشرق الأوسط ونهضة مصر والقاهرة والوطنى اليوم.
يوم الأربعاء الماضى أتم علاء الديب عامه السبعين، وسبقنى بلال فضل فى المصرى اليوم لتحيته فى هذه المناسبة، وعلاء الديب ليس روائياً كبيراً ولا ناقداً ولا مترجماً فقط، ولكنه يشير إلى «شىء» كبير فى الثقافة المصرية التى تتقاذفها المصالح والريالات والدولارات والكراسى والجوائز.. أنت أمام رجل محب، ضعيف تجاه الموهبة، عنيف ضد القبح، بذل عمره يؤرخ للوجدان ويدفع شباب الكتاب للركض فى اتجاه الحرية، لم يضع أصبعه تحت ضرس أحد، ولهذا احتفظ بنصاعة ثوبه وابتسامته، شاهد الانهيارات تتوالى، ومع هذا جلس فى منزله الفسيح و«العامر» يتأمل الأشجار والجعارين ويقاوم هجمات الزمن الجديد بمزيد من العمل، علاء الديب «معنى» كبير فى الثقافة المصرية وفى الصداقة، وجوده يعنى أن الدنيا بخير، وأن شخصاً ودوداً متسامحاً غيوراً على بلده فى انتظار ما تكتبه، سيؤكد لك أن ما تكتبه له قيمة وهو مستعد أن يمشى معك ويعلمك تفادى «المطبات» التى تختلقها السلطة لكى تخرج من السباق، وإفساح المجال لآخرين لا يريدون أمثالك، علاء الديب فى السبعين الأولى مناسبة لشكر الرجل الكبير، وقد أسعدنى - ولا أعرف كيف حدث الربط؟ -
مقال «تلقائى» كتبه فهمى هويدى - على غير عادته - فى الشروق، لأنه أشار إلى رجلين من «قماشة» علاء الديب، هما الدكتوران أحمد جابر وأحمد الأهوانى اللذان يدرسان لطلبة الهندسة الميكانيكية بجامعة القاهرة مادة «فى الإنسانيات» منذ عشر سنوات، وكانت أسئلة يناير الماضى فى امتحانهم تتعلق بغزة، وموقعها الجغرافى على ضوء رؤية جمال حمدان، وخصائص الصراع العربى الإسرائيلى وفقاً لرؤية عبدالوهاب المسيرى.. لقد أسعدنى المقال وتسليط الضوء على أساتذة جامعة يقاومون التسطيح ويقدمون خدمة جليلة للجامعة وللوطن وللطلاب وللمستقبل.. وجعلنى أتجاوز إحساسى بالمرارة الذى صدره لى شريف يونس فى «البديل» عندما ذكر أن طلبة الماجستير والدكتوراه فى جامعة كفر الشيخ تظاهروا مطالبين بإعفائهم من شرط اجتياز امتحان التويفل «امتحان اللغة الإنجليزية الدولى» قبل مناقشتهم رسائلهم.. ومن المناسبات - التى لا أعرف هل هى سارة أم لا؟ - بلوغ العروسة باربى «الدمية التى تنتجها شركة «ماتل» سن الخمسين!».
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة