«آيات» اسم على مسمى.. فتاة قاهرية, جامعية, مهندمة, لطيفة, مهذبة, تعمل فى فيلا بالتجمع الخامس، تقدم لك الشاى والكيك, ثم تنصرف فى هدوء وأدب.
«آيات» 25 سنة درست 12 منها بالمدرسة، ثم 4 بالجامعة، وتخرجت فى كلية الزراعة وبدلا من أن تصبح «الباشمهندسة الزراعية»، أصبحت من باب الشياكة فى المسمى, « مدبرة منزل» تقوم بكل ما يستدعيه وجودها بالمنزل من مهام، بدءاً من تدبير اقتصاديات المنزل وشراء احتياجاته، حتى ملاعبة الصغار وتغيير حفاضاتهم مرورا بمهام التنظيف التقليدية من غسيل وكنس ومسح.. إلخ .
آيات لا «تستعيب» شغلها، وتقول: «لست وحدى، فهناك الكثيرات من خريجات الجامعة يعملن فى نفس المهنة, وقد بدأت مهنتى الحالية منذ أن كنت بالجامعة ولدى صديقة «أنتيم»، هى التى ساعدتنى وليس مكتب «مخدماتى», فهى تعمل أيضا مثلى تضيف آيات : «لى أربعة أخوات، وأمى منفصلة عن والدى منذ زمن وهو أيضاً تركنا بلا أى شئ، حتى أننا كنا نعيش إلى وقت قريب فى بيت جدى المتهالك فى حى الجمالية, وقد استطعت أيضاً شراء ثلاجة أخيرا، وبعض الفرش الناقص وكمبيوتر مستعمل وتليفزيون».
تعول آيات أمها المريضة بالربو, وإخوتها «حسام» خامسة ابتدائى, و«هشام»، و«نورا» ثانوية عامة , و«رياض « كلية الحقوق.. تقول: أدفع شهرياً 400 جنيه دروسا لكل من هشام ونورا و100 جنيه لـ حسام، وكلها مجموعات مدرسية وإلا تعرضوا للشتم والـ«الضرب بالشلوت»، وحسام معاق فى يده ورجله اليسرى، ويحتاج إلى علاج مخ وأعصاب وعلاج طبيعى، وقد عالجته بالفعل لفترة ثم توقفت لعدم قدرتى وانشغالى أيضا.
تضيف آيات: «ظللت سنوات لا يعلم أخوتى شيئا عن حقيقة عملى, فلا أحد يعرف سوى أمى, حتى قررت أن أقول لهم، فبكوا وغضبوا، وإخوتى الصبيان قالوا: مش ح نكمل دراسة بس بلاش تشتغلى كده، وح نشتغل احنا لكننى رفضت طبعاً, قبل 6 سنوات كانت آيات تتقاضى 1000 جنيه من مخدومتها أيام الجامعة , تقول: كنت أسدد بها مصروفاتى ومصروفات إخواتى واحتياجات أسرتى, حتى نجح أخى رياض فى الثانوية العامة والتحق بكلية الحقوق وأصبح يعمل فى الإجازة الصيفية لمساعدتى, ويوفر قدرا من مصروفاته لبقية العام, وأصبحت أنا بعد التخرج أعمل فى بيتين، حتى حدث ما لم يكن فى الحسبان واتهمتنى مخدومتى التى كنت أعتبرها أختا كبرى، وقضيت معها 5 سنوات، ربيت لها فيها أولادها واعتنيت ببيتها، بسرقة «بطانية», رغم أنها كانت تترك ذهبها اللى يعيشنى العمر كله وتخرج بالساعات لعملها ودراساتها العليا, فعزت عليّ نفسى، وتركت لها آخر مرتب أخذته منها, وجاكتا وشنطة كانت أعطتهما لى، واعتذرت عن العمل عندها واكتفيت بعملى حاليا بالفيلا مقابل أجر ثابت هو 500 جنيه و100 مواصلاتى، بالإضافة إلى بعض النثريات، آيات لا تكتفى بهذا «الحلم»، وتكمل: «على فكرة أنا شاطرة فى الإنجليزى وباحوش علشان أدخل كورسات بالجامعة الأمريكية، وحاليا دفعت اشتراك كورس فى الجمعية المصرية للمترجمين علشان أنا نفسى أبقى مترجمة..
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة