بعد أن كانت أمراً نادراً، صارت عادة شبه يومية.. "احتجاجات العمال"، التى صارت تحتل حيزاً كبيراً فى الصحافة المصرية، فلم يصبح من المتصور أن تفتح أى جريدة يوميا إلا وتجد خبرا عن إضراب أو اعتصام أو تظاهرة عمالية.
اليوم السابع يفتح ملف احتجاجات العمال بحثاً عن الأسباب.. النتائج، كما يلقى الضوء على أبرز القطاعات التى اختارت الاحتجاج والاعتصام بحثاًً عن حقوقها، كما يستعرض بالنقد والتحليل دور وزارة القوى العاملة فى التعامل مع تلك الظاهرة.. وفى السطور التالية تحليلاً للباحث المتخصص فى الشئون النقابية والعمالية إلهامى الميرغنى حول احتجاجات العام 2008 الممتدة حتى يومنا هذا.
بداية يرى الميرغنى أن عام 2008 شهد ارتفاعا كبيرا فى عدد الاحتجاجات العمالية وفقا لإحصائيات المركز النقابى والعمالى، حيث وصل إلى 10 آلاف اعتصام، و1250 إضراباً. أما أوضاع العمال فكانت رديئة للغاية، حيث تعرض 120 ألف عامل للتشريد، سواء بسبب الفصل التعسفى أو إفلاس شركاتهم، بالإضافة إلى انتحار 20 عاملا بسبب عدم قدرتهم على الإنفاق على أسرهم.
وعن أبرز القطاعات العمالية التى لجأت للاحتجاج، يقول الميرغنى إن الظاهرة لم تكن قاصرة على القطاع الصناعى بعينه، إنما وصلت لجميع القطاعات. كما شملت عمال قطاع الأعمال والقطاع الخاص والاستثمارى. لكن الميرغنى يضيف أن نسبة الاحتجاجات الأعلى كانت فى القطاعات المملوكة للدولة، مشيراً إلى أن ذلك يعود إلى "خطط إعادة الهيكلة لتجهيز هذه المصانع للبيع للمستثمرين دون مراعاة العمال وأوضاعهم".
ويرى الميرغنى أن احتجاجات العام الماضى عكست فوضى العمل فى القطاع الخاص، حيث يشكوا العمال من تأخر صرف مستحقاتهم المالية سواء الأجور، أو العلاوات الاجتماعية. ويقول الميرغنى إن العمال لجأوا فى احتجاجاتهم إلى كافة الأشكال الممكنة، من جمع التوقيعات إلى كتابة العرائض إلى التظاهر والاعتصام والإضراب عن الطعام والإضراب التباطؤى والإضراب المستمر.
وعن الأسباب التى دفعت العمال إلى اللجوء لتلك الاحتجاجات، يرى الميرغنى أن الارتفاع المستمر للأسعار فى ظل ثبات الأجور على حالها المتدنى، هو أبرز الأسباب. ويقول إن تعامل العمال مع مطالبهم خاصة المتعلقة بالأجور يظهر أن وعيهم لم ينضج بعد ليدركوا أن مشكلتهم أكبر من التعامل معها بشكل جزئى من خلال مطالب بسيطة مثل رفع بدل الوجبات الغذائية أو صرف العلاوات المتأخرة، فى حين أن ما يحتاجه العمال فعليا هو ربط الأجر بالأسعار.
سبب جديد يضاف إلى أزمات العمال التى تدفعهم إلى الاحتجاج، وهى "العمل المؤقت"، الذى يرى الميرغنى أنه بمثابة "وقود" لإشعال الاحتجاجات، خاصة أن عدد العمالة المؤقتة فى مصر صار ضخماً للغاية، حيث يبلغ عدد العاملين بالحكومة بعقود مؤقتة نصف مليون عامل، بالإضافة إلى 50 ألفا فى قطاع الأعمال، بالإضافة إلى أعداد كبيرة لا حصر لها من العمال دون أى عقود عمل فى شركات القطاع الخاص.
ويظل أبرز ما يميز احتجاجات العمال من وجهة نظر الميرغنى، أنها تمتعت بالاستقلالية، وولدت من رحم العمال أنفسهم، دون تحريض من حزب أو جماعة بعينها، وذلك رغم أن الحركة اليسارية فى مصر تولى العمال اهتماماً كبيراً.
وبالإضافة إلى استقلاليتها، فإن تلك الاحتجاجات اتسمت بخروج قيادات عمالية شابة، كما كان للمرأة دور هام فيها. تصاعد احتجاجات العمال يعكس عمق أزمتهم، وهم يحتاجون إلى 3 أشياء رئيسية: نظام أجور مرن مرتبط بزيادة الأسعار، وعلاقات عمل متوازنة وتنظيمات نقابية مستقلة عن الدولة، وأحزاب تدافع عن حقوقهم باستمرار.
اقرأ غدا
"القوى العاملة" و"اتحاد العمال".. المتهم الأول فى الأزمات العمالية
