منذ سنوات ذهبت إلى مجدى أحمد حسين فى منزله بالمنيل، كنت أبحث عما يمكن أن يكون هناك جينات تنتقل فى العائلة من جيل إلى آخر تتعلق بالنشاط الواحد، بمعنى أن يكون الفنان ابن فنان والسياسى ابن سياسى.
ذهبت إلى مجدى على خلفية أنه ابن مناضل هو أحمد حسين، كان ملء السمع والبصر قبل ثورة يوليو 1952، وأسس حزب مصر الفتاة الذى عرف بجذريته فى مواجهة الاحتلال الإنجليزى لمصر، بالإضافة إلى أن عم مجدى هو عادل حسين رئيس تحرير جريدة الشعب، وأمين عام حزب العمل "المجمد"، أى أننا أمام عائلة "سياسية جدا".
تجولت فى منزل مجدى بين الكتب، وكل متعلقات الوالد الفكرية المدونة فى الصحف والكتب، وقال كثيرا عن كيفية تربية الوالد له بالدرجة التى جعلته يشرب السياسة، ولكن بمفاهيمه الخاصة التى تقوم على التمسك بثوابت وطنية وقومية. وقال لى إنه، ومنذ حياته المبكرة، كان يقوم بعمل مجلة حائط فى البيت يذكر فيها آراءه بحرية، ويتم التعليق عليها من باقى أفراد الأسرة، وذهب فى سرده إلى دوره فى العمل العام من خلال مراحله الدراسية منذ أن كان طالبا فى المدارس الابتدائية ثم الإعدادية فالثانوية، وأخيراً كلية الاقتصاد والعلوم السياسية.
تخرج مجدى من الجامعة إلى فضاء العمل السياسى العام، وكانت أول محطات انكساراته فى نكسة 5 يونيه عام 1967، التى لم تكن انكسارا شخصياً وفقط، وإنما كانت انكسارا عاماً، ومضت السنوات حتى كان حزب العمل "الاشتراكى" بزعامة إبراهيم شكرى عام 1979 الذى جمع فى صيغته بين من كانوا مع أحمد حسين فى مصر الفتاة، وبين آخرين عارضوا الرئيس السادات بضراوة.
ومع تحولات متتالية للحزب من صيغته الاشتراكية إلى صيغته الإسلامية بالتحالف مع الإخوان كانت المحطة الأبرز فى تحولات مجدى أحمد حسين السياسية والشخصية، فمن خلال هذه الصيغة دخل البرلمان فى دورته عام 1987 عن دائرة شبرا ولمدة ثلاث سنوات ظل نائباً، حتى ألغيت صيغة القائمة النسبية، وودع العمل البرلمانى، لكن صيغة التحالف تركت أبرز الأثر فى تكوينه السياسى الذى أصبح بفضله واحدا ممن يتم حسابهم على الصيغة الإسلامية بمعناها السياسى الفضفاض، ومن قلبها جاءت إليه المواجع، خاصة بعد أن أصبح رئيسا لتحرير جريدة الشعب، لسان حال حزب العمل، التى دخلت فى قضايا شائكة أشهرها معركة رواية "وليمة لأعشاب البحر"، والتى أدت إلى هياج جماهيرى لقيام وزارة الثقافة بنشرها، وكانت الاتهامات التى وجهت إليها أنها تسىء إلى الدين الإسلامى، كانت معركة مؤسفة فقدت على أثرها إحدى طالبات جامعة الأزهر إحدى عينيها، وبعدها تجمد حزب العمل، ولم تنجح كل محاولات إعادته، وفقد معها مجدى غطاء الشرعية فى عمله السياسى، ونتيجة لذلك دخل فى تعرجات كثيرة.
فمن محاولاته البحث عن صيغة مستقلة، إلى الاندماج فى عمل المعارضة "الرسمية"، والحركات الاحتجاجية الأخرى، سارت المركب بمجدى أحمد حسين، حتى انتهت به إلى الحكم بسجنه من المحكمة العسكرية عامين كإضافة جديدة إلى مسيرته فيما يراه تمسكاً لرؤيته فى التعبير عن قناعاته السياسية.
