إبراهيم أحمد عرفات

القضية الفلسطينية .. وسوريا الكبرى

الثلاثاء، 10 فبراير 2009 08:58 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
"هناك العديد من الأنظمة تستمد شرعيتها من استمرار القضية الفلسطينية بلا حل" .. تلك مقولة سمعتها منذ سنوات طويلة من أحد المهتمين بالشأن العربى، لا أعرف لماذا قفزت إلى ذهنى وأنا أتابع تصريحات خالد مشعل القيادى فى حماس حول تشكيل مرجعية بديلة لمنظمة التحرير الفلسطينية بدعم من سوريا وإيران.

فتلك الخطوة تحمل بين طياتها العديد من المؤشرات التى تؤكد أن القضية الفلسطينية أصبحت أداة أو وسيلة للضغط فى مساومات سياسية بين دول عديدة، وباتت مثل العدوى التى انتقلت إلى حركات المقاومة الفلسطينية فى الداخل، التى أضاعت القضية لأجل أهداف بعينها، تتمثل أبرزها فى الحفاظ على كيانها، وضمان الاعتراف بها دولياً، وكأن القضية لن تحل إلا بوجودها فقط.

السيد خالد مشعل، المدعوم من دمشق، يسعى للحصول على الاعتراف الدولى به كحركة سياسية ومسلحة، تعبر عن الشعب الفلسطينى بأكمله، مستنداً إلى نتائج انتخابات 2006، والتى لا يعتد بها الآن على إثر عملية الانقلاب أو عملية الحسم، كما يدعون، التى نفذتها لطرد السلطة الفلسطينية من القطاع. والمتابع لوضع حماس دولياً وشبكة تحالفاتها الإقليمية، يرى أن هناك صعوبة فى اعتراف النظام الدولى بها .. فحماس لا تزال على قائمة الإرهاب لدى أوروبا وأمريكا، وهناك صعوبة لشطبها من هذه القائمة، فى ظل طبيعة التحالف المعقد بين إسرائيل والغرب.

وتبدو أن هناك خطورة على القضية ذاتها فى دعوة السيد مشعل لتشكيل مرجعية بديلة لمنظمة التحرير الفلسطينية، تتجسد فى التالى:
* ضياع القضية بين فصيلين أو جبهتين متحاربتين، مما يعطى الفرصة لاستمرار العمليات العسكرية تحت غطاء محاربة الإرهاب، بشكل منظم، لن يعانى من ويلاته إلا الشعب الفلسطينى .. كما أن مثل هذه الحالة ستؤثر حتماً على الشارع الفلسطينى نفسه، حيث سينقسم أو يتفتت بين التيارات المختلفة، ويتوقع أن ينشب اقتتال داخلى بينهم، ويختفى السلاح من وجه العدو.

هذا التصور، له جذوره فى الشارع الفلسطينى، فبعيداً عن الاقتتال بين فتح وحماس فى يوليو 2007، شهد قطاع غزة فى الفترة من عام 2005 وحتى عام 2007 عدة حالات تبادل إطلاق نار بين الفصائل الفلسطينية المسلحة، وكان سبب الخلاف بينهم هو تبنى عملية قام بها أحد الفلسطينيين، ويقول شهود عيان إنه أسقط عدداً من الجرحى.

* إن تشكيل مرجعية فلسطينية جديدة يعود بالقضية الفلسطينية إلى المربع (رقم 1) .. لماذا؟، حيث يعنى تدمير منظمة التحرير عدم وجود ممثل شرعى "دولى" للشعب الفلسطينى، فالمنظمة تعتبر الكيان الفلسطينى الوحيد المعترف به دولياً، وبالتالى فإن ضياعها يعنى ضياع القضية برمتها، فى وقت لم يعد ينفع فيه سلاح المقاومة فقط، بل يحتاج إلى قوة سياسية ودبلوماسية. ولا تنفى هذه النتيجة ضرورة إجراء إصلاحات هيكلية فى المنظمة لتضم بقية المنظمات الفلسطينية، حتى تلك الساعية للاعتراف الدولى بها مثل حماس.

وهنا، يثور تساؤل مهم، لماذا تدعم دولة مثل سوريا خالد مشعل فى توجهه نحو تشكيل مرجعية بديلة لمنظمة التحرير، وتدافع عن حركة حماس وتتبناها باعتبارها حركة مقاومة مسلحة، فى حين أنها ملتزمة بوقف إطلاق النار مع إسرائيل منذ عام 1974؟!

الإجابة هنا، تكمن فى عقيدة حزب البعث السورى ورؤيته للقضية والشعب الفلسطينى، والتى تتمثل فى كلمة "سُورِيَة" .. وتعنى كل أرض الشام (لبنان وفلسطين والأردن)، حيث لا يزال البعث السورى "القومى" معتنق لمبادئ "الحزب القومى السورى" البائد، والذى لا يعترف إلا بسورية واحدة متاخمة لمصر والعراق .. ما الدليل؟!!

الدليل هنا ما جاء فى كتاب كمال جنبلاط "هذه وصيتى" المترجم عن النسخة الفرنسية فى عام 1978، حيث جاء بنص حديث الأسد للرئيس الراحل ياسر عرفات فى أبريل 1976، "أنتم لا تمثلون فلسطين بأكثر مما نمثلها نحن .. ولا تنسوا أمراً .. أنه ليس هناك شعب فلسطينى وليس هناك كيان فلسطينى .. بل سورية، وأنتم جزء لا يتجزأ من الشعب السورى، وفلسطين جزء لا تتجزأ من سورية".

إن الأسد الصغير صاحب عبارة "أشباه رجال" ذهب إلى تركيا حتى تتوسط فى مفاوضات السلام مع تل أبيب، فى الوقت الذى يستنكر فيه ـ هو وحزبه ـ من انتهجوا السلام لتسوية القضية الفلسطينية.

وأخيراً، اسمحوا لى أن أطرح مجموعة من الأسئلة لنحاول الإجابة عليها سوياً .. كيف لدولة مثل سوريا أن تدافع عن القضية الفلسطينية، فى حين أنها لم تستطع استعادة الجولان؟ كيف لدولة مثل سوريا أن تدافع عن الفلسطينيين، وهى من ذبحت الفلسطينيين فى مخيمات تل الزعتر عام 1976 ولاحقت عناصر المقاومة الفلسطينية خلال الستينيات والسبعينيات وبداية الثمانينيات؟ لماذا تدعم سوريا المقاومة الفلسطينية، وهى تلهث وراء السلام مع إسرائيل؟ أين الجندى السورى البطل الذى أطلق النار على الدورية الإسرائيلية فى الجولان خلال مجزرة غزة؟

أترككم لهذه الأسئلة .. حتى نكمل فتح ملفات المتاجرين بالدم الفلسطينى ..






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة