هل نحن أمة غلبتها نفسها؟ هل ضاع بيننا الحق وتشتت فينا كل المعانى؟، من يجير هؤلاء القوم العزل المستضعفين الذين حرموا من حقهم البديهى فى حياة كريمة آمنة، متى سوف تصحو همم المؤمنين؟ متى تتحد الأيدى لنصرة أمة محمد عليه الصلاة والسلام؟ متى؟.
أعتقد أن ما حدث فى غزة لا توجد كلمات مناسبة لوصفه حقاًً!!
العديد والعديد من التساؤلات قفزت وتزاحمت فى خاطرى بشأن هذه الكارثة، والتى أظن أنها
قد تكون جرس إنذار إلهى، رسالة إلى كل مؤمن، إلى كل ضمير إنسانى حى يرفض القهر والظلم
والاعتداء، فمن حكمة الله سبحانه وتعالى فى ابتلاءاته على عباده هى الصحوة من الغفلة
وتوجيه الاهتمام إلى ما هو غائب عن الأذهان.
كم يؤلمنى هذا السؤال الذى أرجو أن تكون إجابته نفياً وليس إيجاباً، هل أصبحنا دمية يلعب بها بنو اليهود كما يشاءون وحين يرغبون؟، هل هم يخططون وينفذون ونحن غير مدركين؟ على أية حال، أرانا جميعاً نتفق على فهم مخططاتهم، أرانا جميعا نشجب ونندد، وكلى ثقة أن الجميع حقيقة يرنو إلى هدف واحد مؤكد، وهو رفع الظلم ونصرة الإسلام والمسلمين فى كل مكان.
فأين المشكلة إذن إذا كنا فى البداية والنهاية نتفق على مبدأ واحد؟
لماذا لا نقف قليلاً لنلتقط أنفاسنا، ونسأل أنفسنا لماذا نحن هكذا متعبون؟ لماذا نحن منهكون؟
وهل نحن حقاً مستضعفون؟ مما لا شك فيه أننا إذا كنا نحن المسلمين هكذا مستضعفين، ما كان العدو ليستثمر كل هذا الوقت والمال والموارد البشرية منذ سنوات وسنوات من أجل إسقاطنا وإضعافنا والوقيعة بيننا، هل يفعل أحد هذا مع كيان ضعيف؟.
أليست الشجرة المثمرة هى التى تقذ دائماً بالحجارة؟. أليست الحقيقة هى أننا نحن المسلمين نمثل خطراً شديداً عليهم، لماذا؟ هل لأننا ضعفاء؟ أم لأننا أقويا؟ أتمنى أن ندرك جميعاً هذة الحقيقة، فنحن لسنا بضعفاء أبداً، بل إننا من القوة التى تجعلهم يخشوننا خشية عظيمة، وتجعلنا نشكل خطراً عليهم وتهديداً حقيقياً لهم وشوكة فى ظهورهم، يتمنون أن يتخلصون منها بأى طريقة!
ألم نستطع أن نتخيل هذا الأمر بعد؟! إنما نحن أقوياء يعتقدون أنهم ضعفاء، كل ما فى الأمر هو أننا فقط لا نعى مدى قوتنا، ولهذا أرجو أن يكون الوقت قد حان لكى ننظر إلى الأمر من زاوية أخرى، كى نعيد ترتيب الأوراق، ونعاود السؤال، لماذا نحن منهكون، فنحن لسنا بعد فى حالة حرب فعلية ضدهم، فنحن مع الأسف الشديد لا نرد على أى من دسائسهم إلا بالقليل، ولعلنا
أو لعل الكثير منا يقف موقف المشاهد المحايد، الذى يعض على أنامله من التأثر وبعدها
لا شىء، نحن حقاً منهكون من إحساسنا بالعجز واليأس، من فقدان الثقة فى قدراتنا ومن عناء الخلاف والصراع والتيه بين هذا وذاك وتبادل الاتهامات... إلخ، كم أتمنى أن نتحد حقاً مرة واحدة ضدهم، أتمنى أن تتحد الهمم نحو هدف واحد، وهو أن نضع خطة إيجابية طويلة المدى لمواجهتهم فى جميع المجالات، السياسة – الاقتصاد – العلم –الدين الإعلام... إلخ كما فعلوا هم منذ زمن طويل و مازالوا يفعلون...
ولكن ما الحل إذن، فإذا كان الخيار الحربى بمعناه الحرفى غير متاح لنا فى الوقت الحالى، وهذا شىء منطقى، فلنجعله إذن الخطوة الأخيرة البعيدة التى نلجأ إليها اضطراراً و التى يجب أن نكون مستعدون لها تمام الاستعداد، وإن كنا نعلم فى قرارة أنفسنا أنه مهما طال الوقت فهذا اليوم آت.
ولكن ترى هل سيأتى بقرار منا كأمة إسلامية متحدة الأهداف والقرارات؟ أم فقط سيفرض علينا جميعاً أو على أحد منا فرضاً، حينما يحين وقته وفق خطتهم المدروسة بعناية، والتى لا يتوانى أحد منهم أو من أتباعهم ومؤيديهم على تنفيذها بمنتهى العناية والحرفية؟! وحينها أخشى أن نقف مرة أخرى موقف المتلقى، الذى أصابته حادثه مباغتة كتلك التى حدثت مع أهل غزة، فنصاب بالذعر ثم نتراشق بالاتهامات، ويمضى اليوم تلو اليوم، وهم وشركاؤهم يماطلون ويماطلون، والشهداء من الأطفال والشيوخ والسيدات والرجال يسقطون، ولكم أن تتخيلوا الباقى....
يا ليتنا نتعلم منهم إستراتيجيات الخطط طويلة المدى والحرص على تنفيذها، ويا ليتنا نتفانى مثلهم فى الدعاية لصالح قضيتنا والتركيز على غرسها فى قلوبنا وقلوب أبنائنا ...
آخر سؤال تبادر إلى ذهنى هو ببساطة، فى ظل الكلام الكثير الذى سبق، ما الذى نستطيع أن نقدمه لصالح قضيتنا؟، ما الدور الذى يستطيع أن يقدمه الفرد العادى مثلى ومثلك ويكون فعال من أجل تلك القضية؟ وهل فعلاً بأيدينا نحن أفراد الشعوب البسطاء؟، أن نقدم شيئاً ليس من أجل فلسطين فقط، بل من أجل كل مسلم مضطهد فى أى مكان فى العالم، من أجل رفعة هذا الدين العظيم الذى ناله الكثير والكثير من الادعاءات والافتراءات والإساءات؟ من أجلى ومن أجلك، من أجل أبنائى وأبنائك؟.
ما الذى بيدنا أن نفعلة حالياً حتى يأتى اليوم الذى نحلم به جميعاً، اليوم الذى تتحد فيه همة الأمة جميعها نحو خطة استراتيجية طويلة المدى يجتمع على تنفيذها الجميع ؟
بأيدينا أن ندعو الله جميعاً أن ينصرنا، وأرجوكم لا تستهينوا بالدعاء، فهو سلاح خطير فى يد الأمة، كلما دعونا وتمسكنا بدعائنا وتحينا أوقات الدعاء المجاب، كلما ألححنا على الله أن يستجيب لنا، كلما قرب وقت النصر إن شاء الله. فلنجعل الدعاء من أجل قضيتنا إذن من عاداتنا اليومية المتكررة ، ولندعو الله مخلصين الدعاء، خاشعى القلوب، موقنين بالإجابة بإذن الله.
يقول الله سبحانه وتعالى فى كتابه العزيز "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ" (7) (سورة محمد) صلى الله عليه وسلم، كم هى رائعة هذة الآية مثل كل آيات القرآن العظيم، إذا تدبرناها جيداً نجد أننا كى ننتصر يجب أن ننصر الله أولاً، يجب أن نجعل الله فوق كل شىء، يجب أن يكون الله أكبرفى قلوبنا جميعاً.
وأحياناً يكون حل العظيم والمستعصى من المشاكل يكمن فى شىء غاية فى البساطة، ولكنه لشدة سهولته، ممتنع لدرجة الصعوبة والاستحالة، أو لشدة قربه منا لا نستطيع أن نراه، فتغمى عيوننا عنه فنفقد الأمل، ونفقد الثقة فى أنفسنا ونصاب باليأس.
إننى أكاد أجزم أن حل هذة القضية فى يد كل واحد منا، ببساطة شديدة يا إخوانى، على كل فرد منا قبل أن يلقى باللوم على الآخرين، أن ينظر الى نفسة أولاً نظرة متأنية، ويسأل نفسه هذا السؤال هل الله سبحانه وتعالى راضٍ عنى؟ هل أنت راضٍ عن نفسك؟ فلتفتح هذا الحوار الداخلى بينك وبين نفسك ولتبقه قائماً ومستمراً كل يوم، فهنا يكمن حل المشكلة.
علينا أن ندرك أن قوة المسلمين تكمن حقيقة فى قوة إيمانهم، وتمسكهم بالله ومراعاتهم لأخلاقيات الإسلام فى كل شئون الحياة، فلتبدأ بنفسك ولتعمل على تهذيبها، فلنجاهد أنفسنا أولاً وننتصر عليها قبل أن نجاهد العدو، لأننا أذا انتصرنا على أنفسنا لن يستطيع أى عدو، أياً كانت قوته أن يقف أمامنا.
وهذا هو ما فطن إليه الأعداء وعاهدوا أنفسهم أن يشاركوا الشيطان فى عمله من أجل إغواء
وإضلال وإضعاف إيمان أمة محمد عليه الصلاة و لسلام.
أتمنى أن نستوعب جميعاً هذا الأمر ونتعاهد على تربية أبنائنا لكى يشبوا رجالاً ونساء مؤمنين أقوياء مدركين لحقائق الأمور وحقيقة الحرب الباردة بيننا وبينهم، فلنعلمهم كل ما نعلمه، ولنعدهم لجهاد أنفسهم ونعينهم على فهمها والسيطرة عليها. فبمثل هذا الجيل تفتح أبواب النصر بإذن الله. ونحن مثابون على كل ذرة مجهود تبذل بصدق من أجل هذا الهدف.
أخيراً، أرجو ألا نضع رؤوسنا فى الرمل كالنعام، فلنواجه حقيقة أن طموحهم ليس له حداً، وأننا لا يمكن أن نأمن غدرهم فى أى لحظة، فما يحدث فى فلسطين اليوم يمكن أن يحدث فى أى مكان آخر غداً، يجب أن نظل متيقظين، وأن نستعد بكل ما نملك لمثل هذا اليوم الذى لا يعلم إلا الله، هل هو بقريب أم ببعيد؟.
هذا هو ما يمكن أن نقدمه لأمتنا بدلاً من أن نكتفى بالتعاطف والرثاء، وبعدها ينغمس كل واحد منا فى مشاغل حياته، ناسياً أن له مهمة أخرى أساسية من أجلها خلق ومن أجلها ضحى العديد من الرسل
والمؤمنين بأنفسهم وبكل ما يملكون، ألا وهى خلافة الله فى الأرض ونشر الخير وإفشاء السلام .
هى رسالة أمه بأكملها تنتقل من جيل إلى جيل، شاء القدر أن نحملها نحن على أعناقنا حالياً، علينا أن نعيها ونحافظ عليها ونسلمها بمنتهى الحرص إلى الجيل الذى يلينا، ولندعو الله أن يمكننا من أن نفعل كل ما يرضيه فى الأرض أملين أن نلقى وجهه الكريم وهو راضٍ عنا.
اللهم لا ملجأ منك إلا إليك، يا مصرف القلوب، صرف قلوبنا جميعاً على أن تكون حياتنا ومماتنا من أجل نصرة كلمتك فى هذة الدنيا، اللهم أعننا على أنفسنا، اللهم انصرنا على أنفسنا ونقى أرواحنا وثبت أقدامنا على الصراط المستقيم، اللهم أهدنا لصالح الأعمال والأخلاق، فإنه لا يهدى لصالحها ولا يصرف سيئها إلا أنت، اللهم انصرنا على أعدائنا وبلغنا بأعمالنا وبرحمتك جنتك يا أرحم الراحمين.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة